البحرين التي تواجدت كلها في الرفاع وتشاركت الحزن على فقيد الوطن الغالي سمو الشيخ عبد الله بن خالد بن علي آل خليفة، هي مثال البحرين التي كانت، والبحرين التي ستظل، والأكيد أن هذه المناسبة الأليمة وفرت المثال على المعدن الطيب لشعب البحرين والمثال على التكامل بين الشعب والقيادة، فالحزن على الفقيد ليس حزن آل خليفة الكرام وحدهم ولكنه حزن كل فرد ينتمي إلى هذا الوطن.. حزن شعب البحرين بكل فئاته وطوائفه، من دون استثناء.

كل البحرين حزنت لفقد هذه القامة الشامخة، فقد كان والد الجميع، وكان رجل الاعتدال دائماً، والرمز الإسلامي والوطني الذي تفخر به البحرين وأهلها. وهو كما قال عنه حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى «شخصية إسلامية شامخة ورمز وطني رائد»، وهو كما قال صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر «قامة دينية ووطنية ومرجع تاريخي كبير ترك بصمات كثيرة ستظل محفورة في تاريخ ووجدان الوطن وشعبه».

في البحرين يقر الجميع بإسهامات فقيد البحرين وبنشاطه الذي لم يتوقف والذي أسفر عن تطوير القضاء وخدمة الإسلام والمسلمين، والجميع يقر بدوره رحمه الله في التشريعات والقوانين، والجميع يشهد أنه بذل كل وقته وطاقته وخبراته لخدمة وطنه وأمته ودينه عبر كل المواقع التي شغلها.. وهذا ما يقر به ويشهد عليه كل من عرف الفقيد أو سمع عنه من خارج البحرين أيضاً، لهذا لم يتوقف الحزن عند حدود البحرين ولكنه تجاوزها ليمس كل القلوب في العالمين العربي والإسلامي، ويتجاوزهما.

كل حديث عن فقيد البحرين يظل ناقصاً وإن أضاف جديداً، فالفقيد حوى كل الموجب من الصفات وكان المثال والنموذج للبحريني المحب لوطنه وللمسؤول الذي يساوم الدقيقة ويجبرها على تقديم المفيد للوطن والدين، ومثالاً للأخلاق التي هي الإسلام وهي البحرين. لهذا كان وقع الخبر على الجميع ثقيلاً وتسبب في حالة حزن شملت كل البحرين واجتازتها وتغلغلت إلى كل القلوب فخرج الجميع معبرين عن كل ذلك.

لن تتأخر البحرين عن الوفاء لفقيدها الكبير، ستحفظ نتاجاته، وستعمل على نشر سيرته العطرة، وستسعى ليستفيد الأبناء من كل هذا الذي تركه، وستظل تقدمه كنموذج ومثال تفاخر به بين الأمم. أما أهل البحرين فلن ينسوا أبداً أن الله سبحانه وتعالى أنعم الله عليهم برجل توفرت فيه كل الصفات الموجبة فكان مثالاً ونموذجاً، وسيعمد أصحاب الأقلام – كل في مجاله – إلى الوفاء بحقه، وكذا ستفعل الجامعات والمؤسسات العلمية والدينية.

لم يكن بين فقيد البحرين والناس بابٌ وحارسٌ، فبابه ظل مفتوحاً طوال حياته وظل ترحيبه بالجميع كباراً وصغاراً حاضراً في كل حين، لهذا يندر أن يكون بينهم من لا يوجد بينه وبين الفقيد موقفٌ يظل حاضراً في الذاكرة ومدوناً في خانة الذكرى الطيبة. أما العلاقة بين الفقيد الكبير وبين رب العالمين فظلت مستمرة طوال حياته، وأهل البحرين اتخذوه مثالاً على المؤمن المواظب على صلاته، والقريبون منه يؤكدون أنه كان حتى عندما يضطر للمكوث في المستشفى لبعض الوقت يحرص على ألا يغيب عن المسجد فيطلب من الأطباء السماح له بالخروج حيث يخرج لأداء الصلاة ثم يعود. أما القريبون من أبنائه وبناته وأحفاده فيعرفون كيف أن الفقيد كان حريصاً على جعلهم جميعهم متعلقين بالدين ومواظبين على الصلاة والتحلي بأخلاق الإسلام ومحبين لهذا الوطن.

شخصية فقيد البحرين لخصها الشيخ خالد بن أحمد بن سلمان آل خليفة في القصيدة التي رثاه فيها بقوله «رجال العشيرة يحسبونك أبوهم»، فأجاد.