في العام 1793، بعد الثورة الفرنسية بنحو 4 سنوات، نص الدستور الفرنسي على أن يمتنع الشعب الفرنسي عن التدخل في شؤون حكومة دولة أخرى، ولا يقبل أن تتدخل حكومات أخرى في شؤونه. من فرنسا إذن تعلم العالم مبدأ عدم التدخل حتى صار مبدأ أساساً في ميثاق الأمم المتحدة.

يبدو أن السفيرة الفرنسية في البحرين غير معنية كثيراً بهذا المبدأ. سارعت السيدة لونجيه إلى التعليق على حكم قضائي بحريني بالتعبير عن "قلق فرنسا". بدت تغريدتها وكأنها عودة إلى مربع تجاوزته البحرين ومواقف الدول والإعلام العالمي. مضى وقت طويل حين كان مسؤولون يعبرون عن قلقهم عندما تحاكم البحرين مجرماً، وحين كان الإعلام يخلط بين حرية التعبير والجريمة الجنائية.

أما وقد انطلقت تغريدة القلق من سفيرة جديدة في البحرين، فلا بد من التوضيح لسعادة السفيرة أن هذا خطأ دبلوماسي جسيم ارتكبته لم يعتد شعب البحرين غض البصر عنه.

تسيء السفيرة بتدخلها لتفاهم بحريني فرنسي عميق بدا واضحاً السنوات الأخيرة وخصوصاً خلال الأزمة التي شهدتها المملكة. وتخلط السيدة لونجيه عن جهل أو قصد بين حق الإنسان في التعبير و"حقه" في ارتكاب جناية. نبيل رجب حوكم بتهمة إذاعة أخبار كاذبة تضر بعمليات حربية تخوضها البحرين، ضمن تهم أخرى، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الفرنسي في المادة 413ـ4 من قانون العقوبات التي تنص على "يعاقب كل من شارك في عملية تهدف إلى إضعاف معنويات الجيش أو إلحاق الضرر بالدفاع الوطني بالسجن خمس سنوات وغرامة 75000 ألف يورو. وإذا ارتكب ذلك من خلال الصحافة أو البث فإن الأحكام الخاصة بها تنطبق في تحديد الأشخاص المسؤولين عن هذا الفعل".

إذن فلتحافظ السفيرة على هدوئها وتخفف من قلقها، ولتقرأ قانون بلادها وبلادنا، ولتحترم سيادة دولة دفع أهلها ثمنها دماً غالياً.

حين تعهدت المستشارة الألمانية ميركل يوماً بالعمل على الحد من صعود الجبهة الوطنية (يمين متطرف) في فرنسا، استشاط فرنسيون غضباً واعتبروا تدخل ميركل إهانة مشينة بحق فرنسا. ونحن تعتبر تدخل السيدة لونجيه في شؤوننا ومغالطاتها المعرفية إهانة بحق فرنسا وتاريخها أيضاً.