في أكتوبر 2016 أُشير إلى حصول شركة ألمنيوم البحرين «ألبا» على أكبر قرض بتاريخ المملكة من أجل التوسعة، وتنفيذ مشروع «خط الصهر السادس» الذي من المزمع بدؤه في مطلع عام 2019، وخلال هذه الفترة ظهرت بعض المستجدات الهامة في هذا السياق على الساحة الدولية، إذ وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مارس من العام الجاري على مرسومٍ تفرض بموجبه بلاده رسوماً جمركية على واردات الحديد والألمنيوم، ولم يستثنِ هذا المرسوم إلاَّ كندا والمكسيك، وكان ترامب قد أشار في كلمته بهذا الخصوص إلى أن «المجال سيبقى مفتوحاً أمام الدول الأخرى للتفاوض حول التخفيف أو الإعفاء من تلك الجمارك».

من المهم الإشارة هنا أيضاً إلى أن مملكة البحرين سعت إلى نيل إعفاء من الرسوم الأمريكية على واردات الصلب والألمنيوم عملاً بما جاء في كلمة ترامب، كان ذلك عقب شهر من توقيع مرسومه. لكن المشكلة كامنة في أن مصير مشروع التوسعة البحريني رهن لموافقة ربما لن تتحقق في ظل ما تناقلته وسائل الإعلام بشأن إصرار ترامب على حمايته للشعب الأمريكي ورفع الظلم عنه من خلال تلك الخطوات، ما يرفع من احتمالات خفض مستوى التوسع المخطط له في «ألبا» سابقاً، ما لم تحصل الشركة على إعفاء ترامب لاستمرار تصدير 120 ألف طن من الألمنيوم إلى الولايات المتحدة. والكارثة أن قرار ترامب يتواءم مع قواعد منظمة التجارة العالمية، بل وإنه يخدم حملته الانتخابية القادمة، فقد وعد عمال مصانع الحديد والصلب بحماية جهدهم وعرق جبينهم من الحديد والألمنيوم الرخيص القادم من الخارج.

الموضوع لم يرتبط بمشكلة البحرين وحدها، بل بدا واضحاً إثارته لقلق دولي ما حدا بالمفوضية الأوروبية للإعلان في السادس من الشهر الجاري أن الاتحاد الأوروبي سيبدأ بفرض رسوم جمركية إضافية على مجموعة مختارة من الواردات الأمريكية رداً على «رسوم ترامب الألومنيومية»، أو على الصلب، كونها ترى ما تمارسه واشنطن إجراء غير قانوني. وصاحب التحرك الأوروبي تحرك مكسيكي مماثل. وتتصاعد مؤشرات توترات مقبلة تجعل من موضوع الألمنيوم والصلب معركة شرسة مرتقبة، يدفعنا لهذا القول الاتصال الأخير بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والذي بدا سيئاً جداً، ولم يتمكنا فيه من التوصل إلى لغة مشتركة حول الألمنيوم والصلب، حسب مصادر إعلامية. وفي هذا الإطار قدم المراقبون توقعاتهم بأن الأمر لن يكون بعيداً في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع «G7» في كيبك بكندا، مع الإشارة إلى مغادرة ترامب قبل صدور البيان الختامي، بذريعة ارتباطه بموعد قمة مع رئيس كوريا الشمالية لتفكيك قنابله النووية، غير أنه من الممكن أن يتحاشى ترامب بذلك قنبلة أوروبية تسمعه ما لا يسره من حلفائه الأوروبيين.

من ناحيتنا في البحرين، يبدو لي أن مساحة التحرك أمامنا كبيرة، فالرسوم على الألمنيوم 10% ومازال من الممكن التعامل معها لحين زوال الأزمة الترمبية، من جهة أخرى هناك الأسواق الخليجية والعربية، ومن الممكن التركيز عليها شريطة الالتزام بالتكامل الصناعي بدلاً عن التنافس، وهو أمر منصوص عليه في أكثر من اتفاقية تجارية بينية. مع الأخذ بالاعتبار وفرة الأسواق الأوروبية والآسيوية. أما ما نحن على يقين منه لحل الأزمة فهو أن حكومة البحرين لديها الكثير من الأوراق المتعلقة بمصالح واشنطن الاستراتيجية في الخليج العربي، ولا شك أن بإمكانها اللعب بهذه الأوراق متى لزم الأمر.

* اختلاج النبض:

تعد «ألبا» من أكبر الشركات الصناعية في الشرق الأوسط، ومن أكبر 10 مصاهر دولية للألمنيوم، وتشكل صرحاً وطنياً يمثل البحرينيون 87% من إجمالي قوته العاملة، وسنحمي مصنعنا في عسكر كما حمى ترامب مصانع بنسلفانيا.