القول الذي يرد هذه الأيام بكثرة على لسان المسؤولين اليمنيين وغيرهم وملخصه «إن المبادرة الإنسانية الشاملة للتحالف العربي ستخفف عن اليمنيين، وستعود الحياة لطبيعتها في الحديدة بعد طرد الحوثيين منها» قول واقعي يستوعبه كل عاقل، لأن ما يجري في اليمن هو نتيجة فعل السوء الذي مارسه الحوثيون بالاستيلاء على السلطة وفرض أنفسهم على شعب لا يقبل على كرامته وأغلبه لا يحب الحوثيين ولا يثق فيهم خصوصاً بعد ما تأكد الجميع أنهم اختاروا الحضن الفارسي.

ما جرى منذ الساعة التي استولى فيها الحوثيون على العاصمة صنعاء قبل عدة أعوام يصنف في باب الاحتلال، فاليمن تم احتلاله من قبل فئة من اليمنيين هم الحوثيون، ولأن هذا أمر غير مقبول بالنسبة لبقية فئات الشعب اليمني لذا عبر اليمنيون عن غضبهم وعدم رضاهم، ثم عندما وجدوا أنهم لا يمتلكون القدرة على مواجهة الحوثيين الذين لم يتمكنوا من السيطرة على صنعاء ومدن أخرى إلا بدعم من النظام الإيراني وأتباعه استجاروا بالدول العربية التي لم تتأخر عن تلبية النداء والمسارعة بتكوين التحالف العربي لإعادة الشرعية المنهوبة إلى اليمن بقيادة السعودية والإمارات اللتين هما الآن في الواجهة وتدفعان بكل ما تستطيعان وبأبنائهما إلى أرض المعركة داخل اليمن كي تعود الأمور إلى نصابها ويتحقق الاستقرار الذي لا يمكن أن يتحقق في وجود الحوثيين وداعميهم خصوصاً وأن هؤلاء لا يستطيعون أن يعيشوا في ظل الاستقرار.

هذه باختصار قصة اليمن وما يجري فيه، أما ما يجري في الحديدة على وجه الخصوص هذه الأيام فهو المرحلة التالية من عملية الحزم التي تأخر التحالف العربي في اتخاذ قرار البدء فيها لضمان عدم تضرر المدنيين الذين كان الحوثيون يتخذونهم طوال الفترة الماضية دروعاً بشرية ويعتمدون على ذلك في حماية أنفسهم وإطالة فترة احتلالهم لليمن.

لن يطول الوقت حتى تعلن قوات التحالف العربي عن انتصارها على الحوثيين وطردهم من الحديدة، والأكيد أنها لن تتأخر عن البدء في المرحلة التالية لهذه المرحلة وهي الوصول إلى صنعاء وإنهاء فيلم الرعب الذي أنتجه وأخرجه الحوثي ووفر بفعله هذا الفرصة لكل ذي مصلحة في تلك المنطقة التواجد في اليمن والإدلاء بدلوه، ما يؤكد أن أمام التحالف العربي بعد إنزال الهزيمة بالحوثيين عمل آخر لا يقل أهمية عن العمل الذي قام به في السنوات التي تلت احتلال الحوثيين لصنعاء وتهديدهم الحياة في اليمن، حيث إخراج الأجانب الذي جاؤوا كي ينالوا جزءاً من كعكعة اليمن ليس بالأمر اليسير.

كل الذي جرى ويجري وسيجري في اليمن هو بسبب قصر نظر الحوثي وتنفيذه تلك القفزة المجنونة في الهواء، فلولاه ولولا قراره بفرض نفسه وسرقة الشرعية لما دخل اليمن في الذي دخل فيه في السنوات الأخيرة، ولما وصل جزء كبير من شعبه إلى مرحلة التقاط فوائض الطعام من حاويات القمامة كي يتمكن من الاستمرار في العيش.

الحوثيون بفعلهم المجنون أدخلوا اليمن في وضع لا يستحقه ولم يربحوا شيئاً، فخسارتهم تزداد كل يوم، وفي كل يوم يفقدون «قيادياً» يعتمدون عليه في استمرارهم. متابعة الأخبار التي تصل من هناك تؤكد تقدم قوات التحالف العربي وتحقيق رجال السعودية والإمارات انتصارات لم تخطر على بال الحوثيين، وتؤكد أيضاً أن الحوثيين يقتربون من رفع الراية البيضاء.

المعركة في الحديدة ستحسم لصالح قوات التحالف العربي، والمعركة التالية والتي ستكون في صنعاء ستحسم لصالحها أيضاً، وحينئذ سيحتفل اليمنيون بالنصر وبعودة الحياة الطبيعية إلى اليمن وبعودتهم إلى الحياة، وحينها سيدرك العالم أهمية العمل الذي قامت به السعودية والإمارات وبقية دول التحالف العربي وأهمية إعادة الشرعية لأهلها في اليمن.