إن أكثر ما يمكن أن يشعل الحروب القادمة أو حتى يؤدي ذلك إلى حرب كونية ثالثة هو الصراع على الطاقة بمختلف مصادرها، ولعل من المصادر الملهمة لتلكم الحروب هو «الماء» الذي يمثل الشريان الحيوي للحياة والبقاء.

هذا الأمر نبهتنا إليه إحصائية في غاية الأهمية طرحتها قبل فترة وجيزة الهيئة العامة للكهرباء والماء بخصوص المياه المتسربة في البحرين، وهو «أن معدل تسربات المياه في المملكة بلغ 19 مليون متر مكعب وبواقع 52.136 متراً مكعباً خلال العام 2017. وأظهرت الأرقام أن معدلات تسرب المياه تشهد ارتفاعاً منذ العام 2015 إذ كانت تبلغ 41.182 متراً مكعباً ثم بلغت 42.531 متراً مكعباً باليوم في العام 2016. وأوضحت الهيئة أن إدارة ترشيد الكهرباء والماء قد قامت خلال العام 2017 بالكشف عن 13036 مواقع للمشتركين ذات الاستهلاك العالي للمياه للتأكد من وجود أي تسربات من عدمه، مشيرة إلى أنه قد تم اكتشاف 7385 موقعاً بها تسرب للمياه فيما تبين أن 5651 موقعاً لا يوجد بها تسرب».

يبدو أن المياه المتسربة لا تشمل الاستهلاك الطبيعي حتى ولو كان فيه الكثير من التبذير والإسراف كالتسريبات الحاصلة داخل المنازل وغسل السيارات والبيوت وما شاكل، بل إن الإحصاءات تشمل سرقة الماء والكثير من التسريبات غير المرئية فقط. بمعنى أننا لو أضفنا لهذه التسريبات المخيفة الكثير من المياه المتسربة داخل المنازل سواء عبر وجود أعطاب في تمديدات المياه أو في طريقة استهلاكها بأشكال خاطئة فإن الأرقام التي طرحتها الإحصائيات ستقفز بشكل كبير للغاية.

هذه المعلومات المهمة الغائبة عن «بال» المواطن والمقيم يجب أن تكون موضع اهتمام رسمي وشعبي، ومن الخطأ طرح هذه الأرقام كخبر عابر في صحيفة محلية ليوم واحد وبعدها يُغلق هذا الملف الخطير. من الواجب إقامة حملات توعوية ضخمة تناسب حجم هذه المشكلة في البحرين، وألا تستهين الجهات المختصة بكل الأرقام التي أوردتها الإحصائيات في التقرير، فمستوى تسرب المياه عندنا يفوق الحدّ الطبيعي والمتوقع، ولو استمر هذا الوضع كما هو عليه الآن فإن النسبة سوف تزداد بشكل مخيف، خاصة إذا لم تتدارك الهيئة بإصلاح كافة التسريبات الحالية أو لم تقم بحملات توعوية شاملة تُوْقِف نزيف الماء.

يضاف إلى كل ذلك أنه يجب وضع تشريعات صارمة بخصوص هذا الملف، وتطبيق عقوبات على كل جهة تقوم بتسريب المياه أو إهمال التسريبات الحاصلة لديها ومعاقبة كل جهة تقوم بسرقة المياه لصالحها لتفادي دفع فواتير المياه. نحن اليوم على أعتاب مشكلة حقيقية، وعليه لا يمكن الاستخفاف بهذا الأمر، سواء كان من الجانب الرسمي أو الشعبي، فالمياه أمانة في أعناقنا يجب المحافظة عليها وتسليمها للأجيال القادمة بشكل لائق.