* في سطور كل مقال لابد أن تكتب تلك الكلمات القليلة المؤثرة التي اعتدت أن تعلقها في جدران حياتك.. لأنها تعني لك الكثير.. وتغير العديد من القناعات، وتعدل الكثير من الموازين في حياتك.. إنها كلمات «الأيام.. ما زالت تعلمك الكثير».. لأنك في كل يوم تعد مولودا جديدا تتنفس أنفاس الحياة، وتلتقي بأناس يتفننون بطبائعهم في حياة البشر.. لذا.. تكون مضطرا أن تتعامل معهم.. ومع غيرهم.. «بسكينة النفس» وبأسلوب يجعل حياتك هادئة مطمئنة.. وهي الأصول الثابتة التي وضعتها في 30 حلقة طيلة شهر رمضان المبارك.. لأن المخرج في كل حوادث الأيام وفي مواقف الحياة هو «السكينة» وبدونها لا نستطيع أن نعيش بسلام يحقق لنا الغايات المرجوة في الحياة..

* ستبقى تلك الطبائع المنفرة والحادة التي تقابلك بها بعض الشخصيات، سجية من سجاياها المتجذرة التي لن تتبدل ولن تتغير مع مرور الأيام.. فبعض الشخصيات مع الأسف الشديد لا تستحق أن تعطيها أي اهتمام في معاملاتك الحياتية، لأنها في حقيقة الأمر تهدر أوقاتك بتفاهات حمقاء وتعاملها الصاخب الذي لا يسمن ولا يغني من جوع. ببساطة شديدة نحتاج أن نتفهم التعامل الأمثل مع كل الشخصيات بالصورة الصحيحة.

* مبارك عليكم الشهر.. تقبل الله منا ومنكم صالح الأعمال عساكم من العايدين السعيدين.. عبارات متشابكة متقاربة في فتراتها الزمانية.. فما إن هل علينا شهر الخير.. إلا وعدنا نودعه كما ودعنا غيره.. يا رب تقبل منا أنفاسنا المعدودة في هذه الحياة، وأدم علينا الخير في كل حياتنا، وأعد علينا مواسم الطاعات أعواماً بعد أعوام، ولا تحرمنا لذة الخير التي نعيشها، ووفقنا إلى ما تحبه وترضاه.. اللهم إنا نسألك العافية في ديننا ودنيانا وأهلينا وأموالنا، اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا واحفظنا ومن نحب من كل سوء وبلاء وسقم.

* زارني في المسجد صديقي الذي لم أره منذ فترة طويلة.. تساءل: أين فلان وأين فلان وأين فلان؟ ولماذا أصبح «الفريج» هكذا خاوياً بلا عنوان؟ أجبته: يا أخي دوام الحال من المحال... فلان رحل إلى ذمة الله.. وفلان انتقل إلى منطقة أخرى.. وفلان.. لم نعد نلتقيه كثيراً.. وفلان.. أضحى مقعداً في بيته لا يستطيع الحراك.. أما حال الفريج.. فهويته قد تغيرت.. وتغير عنوانه وبتنا نبحث له عن عنوان.. وبتنا نبحث عن سعادة الفرجان.. وعن سؤال الجار عن الجار.. وشاي الضحى.. وقهوة المساء.. ولقاء الأهل الذي يسعد الحال.. إن أردت صور ذاك الزمان فلا تبحث عنها في هذه الأيام.. ولا في هذا المكان.. ولا تتحسر عن زمان ولى.. ولا تثقل علي بهذا الكلام.. وإن أردت أن يسرك الحال في هذه الأيام.. فعليك أن تسأل عن صديقك الوفي الذي صاحبك في بداية المشوار.. ولا ترهقه بإرهاصات الزمان.. ولا تعيد على مسامعه «سوالف التشره».. من زمان ما شفناك.. ومن زمان ما كلمتنا.. ومن زمان ما التقينا.. وليش عايش في هذا المكان.. فإن قصر الحياة.. وسرعة الأيام.. تزيدك حرصاً أن تتشبث بوميض الأمل بكل ما يقربك إلى الخير الباقي في رحلة الآخرة.. لا تنزعج كثيراً يا أخي.. ولا تبكي على الأطلال.. عش حياتك كما هي.. وارفع رأسك بكل ثقة.. وشد من أزرك حتى تستطيع أن تتكيف مع الحياة.. وتصل فيما بعد إلى بر الأمان والاطمئنان.. عش يومك وقدم فيه كل خير.. عش مع مجتمعك وأسعده بابتسامتك ويدك السخية الممدودة إلى كل محتاج.. واصنع أثرك في كل طريق.. ولا تنعزل عن أناس أحبوا أثرك.. وعشقوا بساطة اللقاء معك.. فإنك اليوم تواصل ذلك الخير في زمان مضى في «عصر الطيبين».. ولكن بأسلوب آخر له مذاقه الخاص.. فقد اختارك المولى أن تكون شامة اليوم في زمان آخر.. لذا احذر أن تتراجع.. وعش بسعادة وراحة بال.. وقبل أن أنهي كلامي.. التفت فلم أجد صديقي الوفي.. لربما لم يحتمل ما قلته.. أو لم يصدق أنني قلته.. أو لأنه آمن بثوابت عاشها في زمانه وما زال يعيشها.. أو لأن حياة «البسيطة» لم تعد تعجبه في «فريج» هاجر منه أهله.. ورحلت منه أجمل الذكريات!!

* أجمل اللحظات هي تلك التي يقف بجانبك من تحب.. أهلك وأحبابك.. فيبادلونك شجون الحياة.. ويطيبون خاطرك بكلمات بسيطة.. باتصال يخفف عنك شدائد العيش.. فما أروع الكلمة الجميلة والاتصال الهادئ الجميل.. لها مفعولها السحري في النفوس.. وصدق النبي صلى الله عليه وسلم القائل: «والكلمة الطيبة صدقة». والقائل: «لا تحقرن من المعروف شيئا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق».

* لم تعد التربية كتربية ذاك الزمان الذي عشناه وترعرعنا على مبادئه وبساطة الحياة فيه.. لم تعد التربية كتلك النظريات المكتوبة في كتاب الفلاسفة والمنظرين.. التربية اليوم بمفهومها الواقعي إنما هي «تربية واقع» قائمة على تغيرات الحياة وتطور التكنولوجيا وانفتاح العالم.. وبالأخص العالم الافتراضي الذي فتح كل شيء على مصراعيه.. مع المحافظة على ثوابت الإسلام العظيم.. فأضحى الآباء في دوامة من التناقضات والعراك الحياتي مع الأبناء الذين باتوا يعشقون «الحرية» والبروز أمام الأضواء الكاشفة!! وأمام ذلك التغير الجارف في المفاهيم، أضحى ربان السفينة الأسرية ورفيقة دربه في حيرة من أمرهما.. يتذكران ماضي الأيام وسرعة تغير الأحوال وسرقة لمحات الطفولة من أبنائهم الصغار، وانجرافهم إلى ذلك العالم الخيالي الواسع المخيف.. ما زالا يبصران واقع الجفاء الذي تعيشه الأسر بعد أن سرقت منها أجمل الأحلام وذلك الوداد والوئام الذي بني في لحظات السنين الصعبة.. بعرق جبينهما.. إلى أن جاءت اللحظات العصيبة.. اتركونا فقد انتهى كل شيء.. أحلم بأن لا تكون تلك البقع السوداء في واقع الأسر.. وإن وجدت.. أحلم بعلاقة وئام ممتدة إلى الرمق الأخير من حياة كل فرد من أفراد كل عائلة تتنسم الحب وتعشق السعادة..

* ومضة أمل:

سأظل أتودد إليك.. وأرتمي في أحضانك.. عشقاً لذلك الحب الذي جمعنا في دنيا قصيرة.. وأسأله تعالى أن يجمعنا به.. هناك.. في أجمل مكان..