كان تدخلاً حكيماً في وقته، شعر المواطنون قبله بمخافة خسران مكتسباتهم التقاعدية. وبعده تنفسوا الصعداء ولهجت ألسنتهم بالدعاء لله تعالى أن يحفظ جلالة الملك المفدى.

تدخل العاهل المفدى، حفظه الله، أمس ليعيد إلى الوطن توازنه، وإلى المواطن طمأنينته. توجيهه بإعادة بحث مشروعي التقاعد عزز حضور جلالته في وجدان البحرينيين ضامناً أول لمعيشتهم ورفاهيتهم، ومدافعاً أكبر عن حقوقهم وامتيازاتهم.

لا خوف في البحرين على اختلال التوازن بين السلطات طالما أن على رأسها رجل حكيم يستمع لآراء شعبه ويتخندق في خندقه، بل يوجه السلطتين التشريعية والتنفيذية إلى الأخذ بمرئيات المواطنين والكتاب والصحافيين.

الحراك المجتمعي لا بد منه لإنتاج الأفضل دائماً. وفي كل تدخل لجلالة الملك مناصرة واضحة لهذا الحراك ولتعدد آرائه بغية الوصول إلى صيغة توافقية تخرج بالبلد دائماً من حال إلى أفضل.

إنه التوافق إذن، كلمة السر في النظام السياسي البحريني منذ أن تولى جلالة الملك مقاليد الحكم. بالتوافق عبرت البحرين أزمات كانت أشد وأشرس، وبالتوافق ستستطيع دائماً أن تقرب الجداول المتباعدة لتملأ النهر نفسه، نهر تقدم البلد وازدهارها.

الاستدامة كلمة السر الثانية في الإدارة البحرينية، فالحلول الترقيعية أو التخديرية غير مطروحة على جدول الأعمال. البحث يجري دائماً عن حلول مستدامة تحفظ الحقوق وتحمل في ذاتها عوامل ديمومتها. وهذا ما بدا واضحاً أمس في توجيه جلالة الملك المفدى بأن تكون إعادة التقييم محققة للتوافق الوطني بين جميع سلطات الدولة ومؤسساتها المعنية في إدخال الإصلاحات اللازمة على القوانين المعمول بها حالياً لضمان استمرارية قدرة الصناديق التقاعدية والتأمينية على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية تجاه الأجيال القادمة.

انتصر توجيه العاهل المفدى لهذين المبدأين المهمين في السياسة البحرينية، وقبل كل شيء انتصر لرأي المواطن وحقه في الاشتراك بإدارة الشأن العام كتفاً إلى كتف مع السلطة التنفيذية وممثليه في السلطة التشريعية، وهذا هو جوهر الديمقراطية وهدفها.

على المسؤولين في الدولة الآن أن يتمثلوا هذين المبدأين أمام كل مفصل ومحك، لا في مسألة التقاعد فقط. وعلى المواطن أن يهدأ بالاً، فلا خوف على مكتسباته ولا خشية على حقوقه وفي البحرين ضامن حقيقي لكل ذلك اسمه حمد بن عيسى.