هذه جملة شهيرة ترددت على لسان أكثر من رئيس أمريكي، لعل أشهرهم جورج بوش الابن، وطبقتها الولايات المتحدة الأمريكية بشكل صريح حينما قامت بقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن دون تكلف عناء القبض عليه، أو إخضاعه لمحاكمة.

الدول ذات السيادة والتي تحرص على أمنها القومي، ويكون من واجبها حماية مواطنيها والمقيمين فيها، وتثبيت دعائم الاستقرار، لا «تغامر» ولا «تستهين» في شأن التعامل مع الإرهابيين.

الإرهاب موضوع لا يقبل القسمة على اثنين، وممارسه، والداعي إليه والمحرض عليه، هو في عرف القانون الدولي مجرم وإرهابي لا تعامل معه إلا وفق القانون، ولا شيء آخر.

لن تجد دولة في العالم تقبل بأن تطلق سراح أي إرهابي وتمنحه صلاحية التحرك بأريحية داخل البلد، وبالتالي يمارس هوايته في التحريض والتحشيد ضد الأنظمة، أو إلقاء الخطابات الانقلابية والطائفية والتقسيمية.

لو جئنا اليوم لنطالب أي دولة، مع أنه ليس من حقنا التدخل في الشؤون الداخلية للآخرين، لو جئنا لنطالب أي دولة بأن تطلق سراح أحد المدانين بالإرهاب من جنسية تلك الدولة، هل نتوقع من هذه الدولة أن تقبل بتدخلنا في شؤونها؟! حتى لو كنا من أقرب حلفائها وتربطنا بها علاقات قوية متعددة في مجالات مختلفة.

لا أحد يقبل بأن يتدخل آخرون ليملوا عليه ما يفعل لأجل ضمان أمن المجتمع واستقراره، ولا ليتدخلوا في إجراءاته للحفاظ على سلامة مواطنيه والمقيمين فيه.

بالتالي ما صدر عن الخارجية الأمريكية بشأن رئيس جميعة الوفاق المنحلة علي سلمان، أمر مرفوض، إذ لا يمكن القبول بطلب إطلاق سراحه كون لائحة الجرائم المتهم فيها والمثبتة بالأدلة تكشف عن أخطر فعل يمكن أن يقوم به شخص في أي مجتمع، ألا وهو التهديد باستخدام السلاح، وهو ما صدر عنه في إحدى خطبه بصراحة، كاشفاً بأن جهة خارجية عرضت عليه ذلك، ما يعني أن هنالك أيضاً ارتباطاً له وتنظيمه مع جهة خارجية تستهدف البحرين، والخارجية الأمريكية خير من يعرف بأن إيران هي الواقفة خلف الإرهابيين في البحرين والتنظيمات التي تدعمهم.

يأتي الموقف هذا والذي يعتبر تدخلاً غير مقبول في الشؤون الداخلية البحرينية، وطلباً غير معقول بإسقاط كافة التهم الداخلة في جرائم الإرهاب عن علي سلمان، في نفس التوقيت الذي هاجم فيه وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إيران، واعتبر أن نظامها المجرم، حسب توصيفه، يشكل تهديداً خطيراً على استقرار الشرق الأوسط والأمن القومي الأمريكي، وأن واشنطن عازمة على مواجهة العبث الإيراني في المنطقة بمشاركة حلفائها، والبحرين أحد الحلفاء المعنيين.

قد تكون سوريا اليوم أكبر ضحايا الإرهاب الإيراني من خلال المجازر التي يقيمها المجرم بشار الأسد بحق أبناء الشعب السوري بمساعدة الميليشيات الإيرانية و«حزب الله»، لكن البحرين تمثل الاستهداف طويل المدى الممتد عبر عقود للنظام الإيراني، والذي وصل لمرحلة اعتبار بلادنا جزءاً منه وخصص مقعداً في برلمانه باسمها، واليوم هناك أعداد غفيرة ممن يحسبون كبحرينيين، لكنهم موجودون في إيران، كونهم أدوات مارست الإرهاب بداخل بلادنا، ونفذت أجندات انقلابية، حالهم حال عناصر من تنظيم القاعدة موجودين في ضيافة نظام الخامنئي.

بومبيو يقول إن 5 آلاف شخص فقط اعتقلوا في شهر يناير الماضي بسبب احتجاجات قاموا بها، وأورد أرقاماً تبين إجرام النظام الإيراني الفاسد.

لذلك نقول بأن التمثل بخطابين، الأول بشأن إيران وكونها رأس حربة الإرهاب الدولي، والآخر بشأن عملائها المنفذين لأجنداتها الإرهابية في المنطقة وفي بلادنا، مسألة غير صحيحة أن تصدر من وزارة الخارجية الأمريكية، خاصة وأن الأصدقاء الأمريكان يعرفون تماماً تفاصيل الحالة البحرينية، وكيف أن بلادنا كانت ومازالت مستهدفة من إيران وعملائها.

من يمارس الإرهاب ويحرض عليه ويهدد باستخدام السلام، هو إرهابي، حاله من حال بن لادن وغيره.

بالتالي البحرين مثل الولايات المتحدة لا تتفاوض مع إرهابيين، لكنها لا تقتلهم بل تحاكمهم بموجب القانون.