مؤتمر «حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر» الذي أقامه مركز البحرين للدراسات الاستراتيجية والدولية والطاقة، سلط الضوء على حقائق تاريخية هامة ربما كانت غائبة عند البعض ولكن وجب على المؤرخين والمفكرين الخوض فيها، وعليهم واجب استدعاء التاريخ مراراً وتكراراً حتى نعي ونحفظ تاريخ منطقتنا جيداً وحتى تتوارثه الأجيال على مر العصور، ليس من أجل إبراز حقوقنا في شبه جزيرة قطر فقط وإنما نقتبس من التاريخ حقائق امتدت إلى يومنا هذا من محاولات حثيثة لافتعال الفتنة في المنطقة، فهناك دول وقفت مع الحق وهناك قبائل استعانت بالقوى الأجنبية لتفكيك الأمة العربية، ودور بعض الدول في زرع الفتنة في المنطقة، ومن يترصد هذه الحقائق التاريخية ويدقق في الوثائق يدرك بأن التاريخ يعيد نفسه في المنطقة، في كيف تمرد آل ثاني في المنطقة واستعانتهم بقوى أجنبية، فلا يختلف دور نظام الحمدين في إثارة الفوضى في المنطقة عن دور آل ثاني في عام 1866 وما صاحب من تمرد على الحكام والاستعانة بنفوذ الدولة العثمانية في الدوحة، وسعيها للتوغل داخل منطقة الخليج، ودور بريطانيا في إعلان كيان آل ثاني في الدوحة بعد تمردهم على الحكام الشرعيين آل خليفة في شبه جزيرة قطر.

كان تحالف آل خليفة وبني ياس ضد طموحات آل ثاني في إثارة الفوضى في المنطقة، دليلاً على ما رسم آل ثاني لنفسه منذ قرون للسيادة في المنطقة والتحكم في القبائل العربية من خلال زرع الفتن والتمرد بين القبائل الموالية لآل خليفة في البحرين وبني ياس في أبوظبي، بغية ظهور الصراعات في المنطقة وإضعاف سيطرة وسيادة الحكام على شعوبها، إلا أن آل خليفة وبني ياس أدركا نوايا آل ثاني في السيادة من جانب وإثارة الفوضى من جانب آخر، مما استدعى إلى هجوم عسكري على آل ثاني سبقته ضغوطات سياسية واقتصادية في 1866.

كما لعبت بريطانيا دوراً هاماً في المنطقة من خلال فرض اتفاقية لصالح آل ثاني في 1868 واغتصاب الدوحة من الحكام الشرعيين فيها من آل خليفة، ففي ذلك الوقت كانت النفوذ البريطانية تتحكم في أمن واستقرار المنطقة بعد ظهور نوايا للدولة الفارسية والعثمانية لفرض نفوذها في منطقة الخليج، فالقوى الثلاثية في المنطقة جعلت من آل خليفة ترضخ للاتفاقية قسراً وذلك حفاظاً على تماسك وأمن واستقرار المنطقة، ولم تقف بريطانيا عند هذا الحد بل كانت أطماعهم واضحة في عام 1935 بعد استيلاء آل ثاني على الزبارة وما شنته من تهجير قسري للقبائل الموالية لآل خليفة كما ذكرت المصادر وذلك بسبب النفط، والعدوان العسكري القطري على الديبل في عام 1986.

ما سبق، لمحة سريعة عن تاريخ عدواني على البحرين في محاولات متعددة للاستيلاء على حق سيادة آل خليفة في شبه جزيرة قطر وجزر البحرين وذلك بمساعدة قوى أجنبية، وما يحدث اليوم أيضاً من محاولة نشر الفوضى والفتنة في منطقة الخليج وتحديداً في مملكة البحرين يجعلنا ندرك النوايا المبيتة لانتزاع جزر البحرين من حكم آل خليفة، فالاستيلاء التدريجي على شبه جزيرة قطر وبعض جزر البحرين دليل على هذه الطموحات في السيادة، ومن كان يتابع التحكيم لجزيرة حوار في محكمة العدل الدولية يدرك كم الوثائق المزورة التي أتى بها آل ثاني لأثبات أحقيتهم في جزر حوار بالباطل، وهذا يدعو البحرين للاستمرار في المطالبة بحقوقها في شبه جزيرة قطر حتى تستعيد كامل حقوقها، ومنها ندرك بأن مملكة البحرين وعبر قرون طويلة كانت مستهدفة في أمنها واستقرارها، واجبنا اليوم الحفاظ على تماسكنا من خطر الدول الداعمة للإرهاب.

نقتبس من التاريخ حقائق امتدت إلى يومنا هذا من محاولات حثيثة لافتعال الفتنة في المنطقة

فاطمة الصديقي