«2 ديسمبر 2010

حضرة صاحب السمو الأخ العزيز الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني حفظه الله ورعاه أمير دولة قطر الشقيقة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد...

فإنه لمن دواعي عميق سروري وسعادتي واعتزازي أن أبعث إلى أخينا العزيز حضرة صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وللشعب القطري الشقيق، أصدق التهاني وأطيب التبريكات بمناسبة فوز بلدنا العزيز دولة قطر بتنظيم بطولة كأس العالم لكرة القدم لعام 2022م، وذلك في سبق تاريخي على مستوى الشرق الأوسط، وهو إنجاز يعتز به كل العرب بما يؤكده من جدارة وكفاءة دولة قطر الشقيقة على استضافة هذا الحدث الرياضي العالمي الكبير، بفضل الجهود العظيمة التي بذلت والإمكانات البشـرية والمادية التي سخّرت من أجل الظفر بمثل هذا الإنجاز.

وإننا في مملكة البحرين، وقد أسعدنا كثيراً كما أسعد كل عربي هذا الإنجاز الكبير لنثق بأن أشقاءنا الأعزاء بدولة قطر قادرون على حسن تنظيم هذه الفعالية الرياضية الأهم على مستوى العالم وإخراجها بصورة مشرّفة ومتميزة يفخر بها كل عربي.

مع أطيب التمنيات لشخص سموكم العزيز وللشعب القطري الشقيق بمزيد من الرفعة والتقدم والنماء في مختلف المجالات في ظل قيادة سموكم الحكيمة.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته»

أقتبس نص هذه البرقية التي بعثها صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله إلى حاكم قطر عشية فوز قطر بشرف تنظيم كأس العالم لأبدأ بها حديثاً ذا شجون حول الجيران.

هذه البرقية المفعمة بالمشاعر الأخوية الخيرة تظهر بلاشك معدن سليل آل خليفة الكرام الملك الطيب الذي سرعان ما هنأ و بارك للأشقاء إنجازهم العالمي متمنياً لهم التوفيق والنجاح.

و لم تكن هذه البرقية الوحيدة للعلم، حيث تلتها برقيات تهنئة و تبريكات من سمو رئيس الوزراء و سمو ولي العهد ومعالي نائب رئيس اتحاد الكرة.

العائلة الحاكمة في البحرين هنأت قطر وحاكمها متناسين تماماً عقوداً من الحوادث التاريخية المؤلمة منها العام 1937 الذي شهد ضم الزبارة الخليفية البحرينية إلى قطر قهراً بعد اعتداء قطرعليها، مروراً باعتداء قطر المباغت قبيل شهر رمضان بأيام على ضحال الديبل في عام 1986 ووصولاً إلى مرافعات محكمة العدل الدولية في العام 2000 والتي شهدت تقديم وثائق تاريخية مزورة من قبل قطر في محاولة لقلب الحقائق.

و التاريخ يشهد أن الاعتداء القطري على الديبل تحديداً كان أكبر أذية شهدتها البحرين في العقود الماضية وهو أول اعتداء مسلح في تاريخ مجلس التعاون بين أعضائه الست منذ تأسيسه. فهكذا بدأ الحكم في قطر مع الأسف مسيرة التعاون الخليجي والتي لم يمضِ عليها آنذاك سوى بضع سنوات.

و لمن لا يذكر، ففي العام 86، هبطت طائرات هليوكبتر عسكرية قطرية تحمل جنوداً مسلحين على ضحال الديبل التابع للبحرين واختطفوا عمالاً أجانب عزلاً في خرق واضح لكل الأعراف و مبادىء حسن الجوار التي أوصت بها مواثيق مجلس التعاون وأوصى بها ديننا الإسلامي الحنيف.

هذا الاعتداء الغاشم الذي لم يراعِ الأخطار المحيطة بالمنطقة جراء الحرب الإيرانية العراقية، ترك جرحاً عميقاً من الصعب أن يمحيه الزمن. واستذكار هذه الحادثة المؤلمة مهم لتبيان كيف تجاوزت البحرين وحكامها في 2010 - وقت فوز قطر بالاستضافة العالمية - كل الذكريات المحزنة وهنأت بصدق ومحبة إنجاز الجارة الشقيقة.

نعم، شهدت العلاقات تحسناً بعد الألفية الجديدة وبعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية في لاهاي حكمها في النزاع الحدودي بين الجارتين. ونعم، سعت البحرين أن تمحي الحوادث التاريخية من ذاكرتها قدر الإمكان فلم تتطرق إليها في العلن لسنوات طويلة مؤمنةً بفتح صفحة جديدة في العلاقات وبدء مرحلة حقيقية صادقة من حسن الجوار إلا أن الحكم في قطر كان له رأي آخر. ويكفي ذكر التدخلات القطرية المشكوك في نواياها في أزمة البحرين 2011 لنعلم كيف قابل الأخوة في الجانب الآخر الحب والمودة بإسلوب مخالف.

قرار المقاطعة الذي اتخذته البحرين مع شقيقاتها لم يكن خياراً بل كان أمراً فرضه الواقع المرير للتجاوزات المستمرة لأسس حسن الجوار. والبحرين بالأخص عانت الأمرين من سلسلة لم تنقطع من التدخلات الخفية قادتها قطر كانت تستهدف زعزعة حكم آل خليفة للبحرين تواصلت لسنوات بعد قرار محكمة لاهاي.

الصبر على أذى الجار فيه أجر كبير كما علمنا ديننا المتسامح لكن لم يعد في النفس صبر. و هنا أستذكر قول المصطفى محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم: لا يصحبنا من آذى جاره. رواه إبن عمر.

* مؤتمر (حكم آل خليفة في شبه جزيرة قطر .. التاريخ و السيادة)