من يلوم الأسرة البحرينية في مسألة استعانتها بعاملات المنزل ويطالبها بالاعتماد على نفسها يتجاهل الحقيقة الواضحة أن الناس ومن كل الأجناس لو توفرت لهم الفرصة والقدرة المالية لاستعانوا بمن يساعدهم على القيام بأمور المنزل المرهقة.

فأسر الجاليات العربية المقيمة في البحرين للعلم لديها عاملات منزل كذلك والحال ينطبق على عائلات الكثير من المسؤولين الأجانب في القطاع الخاص. ويكفي القيام بجولة في المناطق التي تقطنها الجاليات العربية والغربية كي يكتشف ذلك.

تجولوا في سار والهملة والجنبية والجفير وأمواج وستجدون المرأة العربية ووراءها عاملة منزلية. وإن سنحت لكم فرصة تكوين علاقات مع المدراء الأجانب في القطاع الخاص سواء كانوا أوروبيين أو أمريكان أو آسيويين ويتم دعوتكم لبيوتهم ستجدون أغلبها يضم عاملات المنزل.

زرت شخصياً بيتاً لضابط أمريكي في الجنبية ووجدت فيه عاملة من جنسية آسيوية جلبها خصيصاً لتساعد زوجته الأمريكية في أعمال المنزل. كذلك زرت شقة مدير هندي في أحد البنوك فاستقبلتني وضيفتني العاملة المنزلية التي تقيم عنده. وأعرف عائلات مصرية وأردنية ولبنانية كلها توظف عاملات المنزل بلا استثناء.

إذاً، الموضوع ليس ترفاً ولا يقتصر على الأسرة البحرينية التي تم وصفها ظلماً بالكسل والاعتماد على الغير.

ففي زمن يعمل فيه الزوج والزوجة يصبح من الصعب جداً أن يقوم أحدهما أو كلاهما بالأعمال المنزلية دون مساعدة، ومهما كانت أصولهما.

من جانب آخر، تدفع الأسرة أياً كانت جنسيتها مبالغ ضخمة لاستقدام عاملة تساعدها على أعمال البيت. وهي تفعل ذلك مضطرةً ومجبورة خاصة إذا كان الزوج والزوجة يعملان كما ذكرت. ولأن منظومة استقدام العمالة المنزلية هذه الأيام بدأت تميل أكثر وأكثر نحو «حقوق» العامل مبتعدة أميالاً عن «حقوق» رب العمل أصبحت العملية تخلو شيئاً فشيئاً من الإنصاف.

مطلوب من الأسرة مصاريف الإاستقدام والإقامة والفحوصات الطبية وتقوم باستخراج المستندات الرسمية وتقدم الهاتف النقال وتوفر الطعام والسكن وتسمح بفترات الراحة الطويلة خلال اليوم وبالإجازة الأسبوعية وتستحمل تقلبات المزاج وطول اللسان والعناد وتكسير الأواني والتحف المنزلية بسبب الرعونة ومع ذلك (مش عاجب).

أعداد كبيرة من العاملات يدخلن البحرين بتأِشيرة عاملة منزلية ولكن لهن أجندات أخرى. فالتأشيرة هي بوابة للدخول فقط وبعدها تخطط أما للهروب أو البحث عن عمل آخر بمساعدة أبناء جاليتها المنتشرين في البلد.

كم من عاملة افتعلت المشاكل وادعت زوراً وبهتاناً بتعدي الأِسرة عليها كي تخرج من البيت وتبحث لها عن عمل آخر؟

كم من عاملة وبتحريض من مكتب العمالة نفسه - خاصة إذا كان يدار من أبناء جلدتها - تطالب بإصرار على العودة للمكتب لأن المكتب جهز لها فرصة عمل أخرى؟

والحديث هنا عن جنسية معينة، بدأت في استغلال القوانين المطاطية أبشع استغلال محتمية بسفارتها وطلباتها التعجيزية.

مع الأسف، الخاسر الوحيد هو الأسرة في هذه اللعبة الجديدة ولا يوجد من يحميها.

دخول الخليج بشكل عام بالنسبة للعاملات هو حلم لا يضاهيه حلم فهو يوفر فرصة العمر للحصول على أضعاف ما يجنونه في بلدانهن وفي سنوات قصيرة. ليس ذلك فحسب فهو فرصة لتطوير المهارات - التي يدعونها في سييرهم الذاتية المفبركة في غالب الأحيان – بحيث يتعلمن الطبخ وأساسيات تدبير المنزل ويكتسبن اللغة الإنجليزية السليمة. كما أن الخليج يهديهم بكرمه الحاتمي المعروف ما لذ وطاب من خيرات الله بحيث نجد الواحدة منهن تكسب الكيلوجرامات سريعاً بسبب جودة الطعام وتنوعه.

فالعمل في منازل الأسر في الخليج سواء كانت هذه الأسر خليجية أو عربية أو أجنبية هو رحمة ومكسب كبير لهن وليس كما يشاع بأنه «عبودية» أو ما شابه.

لذلك، يصبح من الضروري أن تكون الجهات المسؤولة عندنا أكثر ثقة وصرامة عندما تتفاوض مع السفارات والجهات الخارجية حول حقوق الأسرة تجاه العاملة المنزلية وأن تبدأ في إعادة التوازن للقوانين التي تنظم العلاقة بين الأسرة والعاملة المنزلية والتي أصبحت لا تنصف الأسرة نهائياً وتحملها نفقات تثقل كاهلها وتعرضها للنصب والاحتيال.