الإقبال الكبير من المواطنين للترشح للمجلس النيابي، ظاهرة صحية وجميلة تدل على روح الديمقراطية التي تتمتع بها مملكة البحرين، فهذه الروح جعلت من يجد في نفسه الكفاءة على تحمل المسؤولية بأن يكون صوت الشعب تحت القبة البرلمانية المدافع لحقوقه والمعبر عن همومه واحتياجاته، والسؤال في هذا المقام، هل بالفعل كل من تقدم للترشح أو أبدى نيته للترشح من الجنسين لديه كفاءة عالية يستطيع أن يتحمل الأعباء الموكلة إليه في المجلس النيابي أم أنها عند البعض منصة للوصول إلى طموحات شخصية بعيدة عن طموحات الشعب؟ بالتأكيد، الخيبات السابقة لبعض أعضاء المجلس النيابي والدور المخجل والمهزوز في تمثيلهم في المجلس النيابي جعل المواطن يضع يده على قلبه من الرحلة القادمة للانتخابات النيابية والبلدية، نواب لا نعرف نواياهم ولا نعلم مدى جديتهم وكفاءتهم في تحمل المسؤولية الوطنية التي ستكون على عاتقهم، وهذا يدعونا للتساؤل هل بالفعل شروط الترشح للمجلس النيابي بحاجة إلى إعادة والتعمق في بنوده بحيث تكون أكثر تناسباً مع العمل الذي يقوم به النائب، أم أن الشروط مجرد إجبار خواطر للبعض؟ بالنسبة إلى أحد الشروط للترشح للمجلس النيابي وهو بأن «يجيد اللغة العربية قراءة وكتابة»، وهذا الشرط بالذات بحاجة إلى النظر فيه نظراً لتزايد أعداد الجامعيين، فالمعيار أو الشرط للترشح أن تكون الشهادة الجامعية هي المفصل، ولربما في السنوات القادمة قد يتغير الشرط ويصبح «من أصحاب الشهادات العليا»، ففي ظل جودة التعليم في البحرين وفي ظل التطور العلمي، المجلس النيابي بحاجة إلى كفاءة وخبرة وليس القراءة والكتابة فقط، أما بالنسبة إلى الشرط الآخر وهو «أن يكون بحرينياً وأن يمضي على من اكتسب الجنسية البحرينية عشر سنوات على الأقل»، فهل العشر سنوات كافية لتكون البحرين بلده الأول ويتمتع بالفعل بالمواطنة الصالحة وبالانتماء والولاء لأرض البحرين؟ فالعشر سنوات في وجهة نظري قليلة جداً حتى يخلص مكتسب الجنسية للوطن الجديد عن الوطن الذي ولد أو تربى عليه، والولاء والانتماء هنا مطلوب كشرط هام للتقدم للترشيح، لذلك أجد بأن عشرين سنة هي سنوات تفي بالغرض بدلاً من العشر سنوات.

المجلس النيابي بحاجة أن يكون قوياً بأعضائه، أسوة بأعضاء مجلس الشورى مع احترامي للجميع، للأسف ليس جميع أعضاء المجلس النيابي ذوي كفاءة واختصاص ويجعلون من المشروع الإصلاحي تجربة ناجحة بكل معاييرها، لأن هناك من يخفق بالمجلس إلى القاع ويجر المشروع الديمقراطي إلى الحضيض، حتى بات الشعب يصدق بأن المجتمع ليس بحاجة إلى نواب يمثلهم في البرلمان، وهذا التكتيك خطير جداً لأننا بالفعل بحاجة بأن ننهض بالبلاد ونرفع اسم الوطن عالياً في كل محفل ونتباهى بالمشروع الإصلاحي لصاحب الجلالة عاهل البلاد حفظه الله، لا نريد أعضاء يستخفون بالمجلس أو يجعلون منه مسرحاً «يتطمش عليه خلق الله»، بحاجة إلى إعادة نظر في الشروط فكلما كان الترشح متقدماً في شروطه، كانت فرصة أصحاب الخبرات والكفاءات بأن يتقدموا وتكون الساحة مفتوحة للمنافسة الشريفة بدلاً من أن يخوضها «كل من هب ودب»، أيضاً هناك معيار مهم للحفاظ على تماسك المجتمع ووحدة الصف، يجب غربلة المترشحين من الطائفيين والمتطرفين، بحاجة إلى يد واحدة وليس إلى قلوب متفرقة، المجلس النيابي يجب أن ينجح بجميع معاييره، ولن ينجح إلا إذا وضعنا التجارب السابقة أمامنا حتى نصحح الأخطاء ونبدأ من جديد من أجل مملكتنا الغالية.