تحدثت في المقال السابق عما كشفته صحيفة "الوطن" مؤخراً عن تورط النظام القطري في توظيف المال السياسي القطري بالانتخابات المقبلة 2018، وفي هذا المقال سنتطرق إلى القرائن المادية واستراتيجية النظام القطري في توظيف المال السياسي القطري "الحقائب السوداء" وتأثيره المباشر على المشاركة السياسية.

لقد جاء بيان وزارة الداخلية يوم السبت الماضي ليؤكد على ما نشرته صحيفة "الوطن" عن حقيقة الحقائب السوداء، إذ أكد بيان "الداخلية" على وجود حسابات في التواصل الاجتماعي تهدف لإثارة البلبلة وزرع الفتنة والتحريض على الكراهية، وضرب النسيج الاجتماعي الداخلي والتأثير على مجريات الاستحقاق الانتخابي، وتشويه الهوية البحرينية وإظهارها بصفات سلبية، وتُشكل هذه التهديدات بوجه عام إساءة مقصودة للمواطن البحريني.

في أغسطس 2017 كشفت وزارة الداخلية عن من يقف خلف حساب يحمل اسم "صاحب الأحبار" الذي يعد أول موقع إلكتروني يدعو إلى تحديد يوم ومكان التظاهر في البحرين إبان الأحداث المؤسفة فبراير 2011، والذي تم إنشاؤه بعد يوم واحد من بدء الاحتجاجات في جمهورية مصر العربية في سياق ما سمي بالربيع العربي، وبعد الرجوع إلى رقم بروتوكول الإنترنت أو ما يعرف بالآي بي الحقيقي الخاص بمزود الخدمة تبين أنه يبث من دولة قطر!

وصدرت عبر هذا الحساب الدعوات لأصحاب الحسابات الإلكترونية في البحرين للاستعداد لليوم الموعود بإخفاء صورهم، وتغيير أسمائهم، لتضليل السلطات. ودعي لتنظيم الاعتصامات بعناوين تحشيدية مثل طوق الكرامة، طوفان المنامة، بنك الكرامة، سعياً لإضعاف الدولة وإشعال الطائفية وتقسيم المجتمع وصولاً لتحقيق المؤامرة الكبرى وهي الانقلاب على النظام الشرعي في البحرين.

عرض تلفزيون أبوظبي تقريراً عن إحدى المؤامرات التي قامت بها دولة قطر، وهي اعترافات لأحد عناصر جهاز أمن الدولة القطري، تكشف عن إنشائه لمجموعة من الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تبث الأكاذيب والشائعات التي تسيء لدول الإمارات ‍والسعودية والبحرين.

كل ذلك ما كان له أن يتحقق لولا المال القطري السياسي والإرهابي، وها هي تعود الكرة مرة أخرى بعدما دعمت حزب الإخوان الإرهابي في مصر وشبكاتهم الإعلامية في كل من تركيا ودول أوروبية كانت ومازالت تستهدف الأنظمة السياسية في كل من السعودية والإمارات والبحرين ومصر وعاصفة الحزم التي تواجه الامتداد الإيراني عبر ميليشيات الحوثي في اليمن، ولم يقتصر هذا الدعم على الجماعة الإرهابية بل شمل الميليشيات الإرهابية في العراق ولبنان واليمن وسوريا وليبيا. واستهداف مملكة البحرين عبر مالها القذر الذي أساء لبعض الصناديق الخيرية والمؤسسات الحقوقية والبحثية بهدف التغطية على أعمال قطر الإرهابية والتدخل في شؤون الدول العربية.

الحقائب السوداء القطرية باتت حديث كل المحافل الدولية ووسائل الإعلام ومراكز الدراسات الاستراتيجية، فيما الوثائق والوقائع تثبت تورط قطر وفضيحتها العالمية بتمويل الإرهاب والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. وتحاول الدوحة في كل المحافل الدولية أن تتهرّب من تهمة تمويل الإرهاب والتنصّل من هذه الماركة الخاصة بها، إلا أنها في كل مرة تقع في التناقض الفج آخرها ما ورد في تقرير بي بي سي من رسائل صوتية ونصية الذي جعلها في مأزق وتناقض مفضوح بين ما تقوم به وما تدعيه بعيداً عن الواقع.

وأخيراً سنواجه اليوم التحدي المقبل وهو المال السياسي القطري الذي سيهدف للتدخل في الانتخابات المقبلة 2018، ولن يكون هناك عذر أو حصانة لأصحاب منصات مواقع التواصل الاجتماعي في الترويج لكل ما من شأنه إثارة البلبلة والتحريض على الكراهية ومحاولة ضرب النسيج الاجتماعي والتأثير على الانتخابات القادمة أو التشكيك في جرائم النظام القطري.

وعلى النفوس المريضة التي قد تتورط في الحصول على "الحقائب السوداء" أن تعي تماماً أنها ستكون في مصاف الإرهابيين، وأن مملكة البحرين بجميع رجالاتها ومؤسساتها ستكون قادرة على مكافحة هذه الممارسات، ولن تكون البحرين وحيدة في مواجهة هذه الممارسات، بل إن البحرين مع شركائها في المنطقة العربية قادرون على المواجهة، فهذه البحرين ونظامها السياسي وأسرة آل خليفة الكرام الذين حكموا شبه جزيرة قطر "الزبارة" حتى العام 1937، قادرة اليوم على حماية أمنها واستقرارها الداخلي.