من بعد نشر حيثيات لقاء وزير المالية مع الإعلاميين لم نسمع بعد رأي أهل الاختصاص كجمعية الاقتصاديين مثلاً أو أي جمعية مدنية أخرى لها علاقة بالاقتصاد أو من خبير بالنظام التقاعدي، لم نسمع رأياً جديداً غير رأي الحكومة يساهم معنا في إيجاد مخرج آخر لإنقاذ الصناديق يجنبنا المساس بالامتيازات التقاعدية، ومازلنا بالانتظار ونتمنى فعلاً أن نجد حلولاً أخرى، أو حتى من يثبت أن وضع الصناديق ليس حرجاً وأن الحكومة تبالغ وبالإمكان الانتظار ولا داعي للعجلة.

سأنقل ما جاءني من القراء لوزارة المالية وللقراء للمشاركة..

أحد القراء تفاعلاً مع موضوع قانون التقاعد وهو من العاملين في القطاع المصرفي أرسل اقتراحاً وعدة استفسارات تتلخص في التالي:

أصول تتحدث عن أرباح تحققها أصول بمبلغ 300 مليون دينار "تقريباً" من مجمل أصول الصندوق البالغة قيمتها 3 مليارات دينار.

طيب وزير المالية في أحد تصريحاته السابقة ذكر أن الخلل الذي سيدفع الصندوق للعجز هو الفجوة بين المعاشات التقاعدية التي تدفع وبين الاشتراكات. وحدد الوزير في تصريحه أن المعاشات التي تدفع تبلغ 284 مليوناً في حين الاشتراكات تبلغ 140 مليوناً. أي العجز سنوياً يبلغ مقدار 145 مليوناً سنوياً. بالحساب البسيط نستطيع القول "من المعطيات التي ذكرها المسؤولون المعنيون" إن إيرادات الاستثمار سنوياً ممكن أن تسد هذا العجز وتعطي فائضاً بمبلغ يقارب 150 مليوناً، يغطي مصاريف الصندوق الإدارية ويزيد. إذاً كيف يقال إن الصندوق سيكون فيه عجز بعد كذا سنة؟؟

هذا سؤال أترك الجواب عليه لوزارة المالية.

ويضيف القارئ: الأهم من ذلك ما ذكره الوزير ولخصته أنت في مقالك، أن هناك نوعين من صناديق التقاعد. لن أعيد ما ذكرته في المقال، ولكن مما هو معروف أن النوع الذي لا يطبق عندنا هو النوع الذي يكون عادة السوق فيه مفتوحاً للمنافسة بين عدة شركات توفر نظام التقاعد وتتنافس على جذب أكبر عدد مشتركين بميزات تقاعدية أفضل وعادة هذه تكون شركات خاصة. "موجودة في العالم وعندنا لكنها اختيارية عندنا لأن التقاعد الإلزامي مختلف".

وهذا سؤال ثانٍ لوزارة المالية، لماذا ألزمت نفسها وألزمتنا معها بهذا النظام التقاعدي الإجباري؟.

ويكمل القارئ: نظام التقاعد البحريني يتطلب كما ذكر الوزير دعماً حكومياً بين وقت وآخر لسد الفجوات لاستمرار ديمومة هذه الصناديق.

ممكن أن نعرف متى دعمت الحكومة هذه الصناديق مادياً ونقدياً "ليس اليوم حينما تواجه الحكومة نفسها عجزاً ولكن أيام الطفرة"؟

وهذا سؤال ثالث أتركه أيضاً لوزارة المالية.

ويستكمل: هذا التزام يجب على الحكومة أن تتحمله لأنها هي اختارت أن يكون صندوق التقاعد الذي أنشأته وتديره الحكومة إلزامياً ولم تعطنا الحق في اختيار أي من الصناديق العالمية والمحلية الخاصة من النوع الأول.

لذا أن تجد الحكومة خلاصها اليوم من التزامها بدعم الصناديق التقاعدية بتقليل الامتيازات لأن أثر العجز الإكتواري "إن كان حقيقياً كما أسلفنا" قد أصبح ملحاً، فهذا غير مقبول، لأن موضوع العجز الإكتواري مطروح منذ ما يزيد على 15 عاماً حسب ذاكرتي، ومنذ ذاك الزمن مرت دائرة اقتصادية كاملة بطفرة ثم تراجع، لم تقم الحكومة بأخذ احتياطها لمثل هذه الأيام بالرغم من التحذيرات المتحركة سابقاً. انتهت الرسالة

وردني أيضاً تعليق من قارئ آخر يؤكد أن التعديلات المهمة التي بإمكانها أن تطيل عمر الصناديق لا تزيد عن 5 أو 6 من عدد التعديلات التي اقترحتها الحكومة وعددها 17 والبقية لا حاجة لهم ولم يذكر ما هي التعديلات الخمسة الأهم اللازمة.

قارئ آخر يقول: "أعتقد بأن المسؤولين بالحكومة بمقترحاتها ومرئياتها لإطالة عمر صناديق التقاعد قد أخذوا بجزئية واحدة فقط لحل المشكلة وهي تقليص امتيازات المتقاعدين بحسب ما تم ذكره بمقالك والمشكلة تكمن أن هذه المرئيات تغافلت واستصغرت أموراً أخرى هي أهم ويجب العمل على إصلاحها قبل أن يتم المساس بامتيازات المتقاعدين وهي رفع كفاءة العاملين على استثمارات الهيئة حتى نكون قد أحطنا بجميع جوانب هذه الأزمة.

إن شركة أملاك ومنذ تأسيسها قد أهدرت الكثير من أموال المتقاعدين بسبب عدم خبرة وكفاءة المسؤولين بها وهذا الأمر باعتقادي لن يتوقف إلا بالاعتراف بهذه الأخطاء أولاً ومن ثم بإعطاء الفرصة للكفاءات الوطنية المخلصة في المشاركة في بناء جزء من هذا الوطن وهذا ينطبق على باقي الهيئات الحكومية".

هذه الرسالة من موظف سابق في شركة أملاك ويقول إنه على استعداد للتواصل مع المسؤولين، ولو لم يذكر اسمه وتلفونه لما أعرت الرسالة أي اهتمام. وهو يخالف رأي وزارة المالية وشركة أصول بالقول إن عملية الاستثمار مجرد رافد من روافد زيادة رأس المال، بل يقول إن "الاستثمار" وحده ممكن أن يسد العجز!!

القارئ لم يذكر أين كانت وأين هي أدلة مواطن الهدر، ولم يذكر إن كان قد تم المساس برأس المال في الاستثمار العقاري؟ والقاعدة تقول البينة على من ادعى، ونترك الرد على هذه الادعاءات لوزارة المالية أيضاً لأن صاحب الرسالة على استعداد للقاء المسؤولين، والباب سيظل مفتوحاً للرد العلني على ما جاء فيه حتى يطمئن قلب المواطنين أيضاً.

ورغم أن الباب مازال مفتوحاً لمن أراد أن يدلي بدلوه في هذه القضية وليس بالضروري عبر مراسلتنا فبالإمكان لوزارة المالية وشركة أصول أن يعقدا ندوة تلفزيونية مثلاً تطرح فيها جميع هذه التساؤلات، سواء التي طرحت سابقاً في وسائل الإعلام أو في وسائل التواصل الاجتماعي أو أثناء اللقاء مع الزملاء وعرضها، وبالإمكان الإعلان قبل الندوة عن تلقي أية استفسارات، وبالإمكان أن يشارك في الندوة مجموعة من الاقتصاديين حتى تتاح الفرصة لجميع الآراء أن تظهر بلا حجب أو قمع أو تعتيم.

أخيراً؛ بصفتنا لسنا ذوي اختصاص فإن دورنا اقتصر على محاولة تهيئة البيئة والمساحة الكافية من حيث السماح لجميع الآراء أن تطرح هنا، وحاولنا أن نخلق أجواء عقلانية ومنطقية للتحاور لمساعدة جميع الأطراف للتوافق، كل ذلك تم من بعد أن بادرت وزارة المالية مبادرتها الأولى في دعوة الإعلام وعرضت الأمر بانفتاح لتقبل جميع الآراء، هذه المبادرة الطيبة لا بد أن تستمر وتتواصل حتى نعيد سمة الرقي الذي افتقدناه في حوارنا دون احتكار لثوب الوطنية من أحد.