في تعليق جميل جداً تقول صاحبتي "هذا البلد لا يحق لأحد أن يحلم فيه، فإن تجرأت وحلمت فسيحل عليك غضب وعاصفة من السخرية والهجوم ستطالك وتجعلك تلعن الساعة اللي حلمت فيها!!

كان ذلك تعليقاً لها على الحملة الشرسة التي استغرقت يومين على وسائل التواصل الاجتماعي وشنت على أحد المرشحين للمجلس البلدي، استناداً على عنوان لخبر صحفي جاء فيه "سأحول مدينة عيسى لـ "المدينة الخضراء" وسأزرع أشجار اللومي واللوز والكنار" هذا كان العنوان ومن بعدها(عينك ما تشوف إلا النور)!!

حملة استهزاء لم تبقِ ولم تذر، فيديوهات، أغاني، مسجات، صور، مؤثرات صوتية، تقليد، تركيب أفلام .. إلخ .. لا أدري كيف نام هذا الإنسان وكيف مرت عليه ليلته؟!!

ما نفعله ببعضنا البعض من تحطيم وتدمير نفسي هو فعلاً ظاهرة تستحق منا أن نقف عندها ونتساءل .. ماذا حدث لنا؟ كيف أصبحنا بهذا العنف؟ لقد مارسنا العنف على هذا الإنسان الذي لم يقلْ خطأً أبداً، ومن قرأ تفاصيل الخبر سيرى أن كلامه منطقي جداً جداً جداً ولا غبار عليه، برنامجه الذي قاله للصحفية يتلخص في التالي "إيجاد مواقف للسيارات وأماكن خاصة للحاويات وتطوير الشوارع، وإعادة مدينة عيسى لسابق عهدها" هذا ما ذكره، وسكان مدينة عيسى الأوائل يذكرون أن تلك الأشجار كانت في شوارعها (اللوز واللومي والكنار) حتى استعاضت البلديات عن الأشجار المثمرة بالأشجار المظللة التي لا ثمر فيها( وحتى هذه لا يتركونها تكبر لتظلل)!!

الرجل لم يقلْ شيئاً نكرا، بل قال إننا سنستكمل ما قام به البلديون الذين سبقونا في لمسة وفاء منه لمن سبقه، والصحفية اختارت عبارة واحدة من كل ما قيل اكتفينا بها ولم نقرأ بقية الخبر، بل أن بعضهم أخذ يسخر منه قائلاً إن تلك الأعمال ليست من الأعمال النيابية، والأخ لم يقلْ إنه سيترشح نيابياً، بل كان واضحاً أنه سيترشح بلدياً وكل ما ذكره من صميم عمل البلدي، ولكن من يقرأ؟

الشاهد الرجل لم يقلْ خطأ، لا في برنامجه البلدي ولا في أحلامه بأن تكون مدينة عيسى المدينة الخضراء، لِمَ لا ؟ فعلاً لِمَ لا نحلم بأن تكون مدينة عيسى المدينة الخضراء؟ لِمَ لا نفكر خارج الصندوق ونبحث عن بدائل تمكننا من تحويل مدينة عيسى إلى مدينة خضراء، هناك مدن صحراوية تحولت إلى واحات سكانها حلموا بذلك وحققوا حلمهم، هناك استغلال لموارد كثيرة لتوليد الطاقة. هناك أساليب بناء حديثة اعتمدت على الأساليب القديمة في تخطيط المدن حيث تراعى فيها السكك الضيقة ذات الانحناءات (الدواعيس) التي توفر الظل للمشاة وللأطفال، وتوفر التيارات الهوائية الباردة، هناك صحوة معمارية للعودة للاهتمام بالأخضر من جديد، لاعيب فيما قاله، ولكن العيب والخطأ فينا نحن الذين أصبحنا نتربص ببعضنا البعض، وننتظر كلمة من أي منا ممكن أن تخرج ما فينا من غضب لنفرغه على قائلها، ودائماً نبحث عن طوفة هبيطة !!

أخي الكريم راعي اللوز والكنار واللومي، تقبل اعتذارنا، ولا تتوقف عن حلمك فربما يتحقق يوماً ما ونرى لا مدينة عيسى فقط بل كل مدن البحرين عاد لها الأخضر المثمر من جديد، وعادت لها سدرتنا وعادت لها نخلتنا وعادت لها لوزتنا، لِمَ لا؟