الحقيقة التي ينبغي من أولئك الذين يعتبرون أنفسهم "معارضة" مواجهتها اليوم هي أنه لم يعد أمامهم سوى القيام بما تقوم به الفضائيات "السوسة" ضد الدول التي يتخذ منها أصحابها وممولوها وداعموها موقفاً وملخصه التسخيف بكل إنجازاتها والبحث في أخبارها عن كل ما يعين على الإساءة إليها ، ومثاله فعل فضائيات "الجزيرة" و"مكملين" و"الميادين" و"المنار" و"العالم" وتوابعها ومن لف لفها ، فهذه الفضائيات تبذل الكثير من الجهود وتضيع الكثير من الوقت والمال في البحث عن عبارة أو كلمة وردت في تصريح أي مسئول من تلك الدول للتهجم عليها وعلى رموزها وللإساءة إليها ، وليس لهذا تفسير سوى الفراغ وسوى نفاد الإمكانيات والحيل، فلو كان لديها ما يمكنها من المواجهة لما لجأت إلى مثل هذا ولاستفادت من وقتها وأموالها وجهودها في ما يعود عليها بالفائدة .

اليوم لم يعد بيد أولئك الذين قادوا تحركاً فاشلاً قبل سبع سنوات وتسببوا في أذى الكثيرين وأذى الوطن سوى "التبحبش" في الأخبار والتقارير وإطلاق الشائعات كي يقنعوا أنفسهم بأنهم موجودون وأنهم لا يزالون قادرين على "المقاومة" وأنهم لم يهزموا بعد، فيعملوا على توظيف كل كلمة وكل حركة وسكنة لعلهم يتمكنون من التعبير عن أنفسهم ومن "إغاظة" النظام الذي تمكن منهم ومن إقناع العالم بهشاشتهم وهشاشة ما طرحوا وبابتعادهم عن الواقع والتعلق بأحلام لا يمكن أن تتحقق لأن ظروف المنطقة وتاريخها والتطورات التي تشهدها منذ عدة عقود لا تسمح بذلك.

كل الذي يفعله أولئك اليوم هو البحث عن أي شيء يتيح لهم فرصة انتقاد الحكومة والنظام، فالضربات المتتالية التي تلقوها والهزيمة التي تجرعوها جعلتهم لا يلوون على شيء سوى البحث في كل شيء للحصول على أي شيء يمكن أن يعتبر سبباً للتهجم والإساءة، وهو نفسه الذي يفعله الإخوان المسلمون منذ هزيمتهم في مصر والإمارات وبعد محاصرتهم في قطر وتركيا وفي كل مكان يتواجدون فيه، ونفسه الذي يفعله كل مهزوم، حتى على مستوى الأفراد، فالمهزوم لا يجد أمامه غير "التشتير" في الآخر الذي انتصر عليه وأفقده توازنه ولم يبق له حتى الحيل.

لو كان أولئك يفكرون بواقعية ومنطقية ولا يحيدون عن الهدف الذي أعلنوه أول مرة وهو الحصول على مكاسب للمواطنين وإصلاح أحوالهم والارتقاء بهم ومساعدتهم على ضمان مستقبلهم لتجاوزوا عن كل شيء ولما نظروا إلى مصلحتهم وما انشغلوا بالتبرير لما حصل لهم ولما تخبطوا في القرارات والسلوك. لو كانوا يفكرون بالطريقة التي يفترض أن يفكروا فيها – كونهم "معارضة" ويسعون إلى خدمة المواطنين – لما اعتبروا المسألة شخصية ولعملوا على لملمة أنفسهم وواصلوا سعيهم لخدمة المواطنين مستفيدين من التجربة الصعبة التي عاشوها ، فهذا أفضل لهم ولاسمهم ، فالمواطنون ليسوا في حاجة إلى تبريراتهم وإنما إلى اتخاذهم قرارا بمواجهة الواقع الذي صاروا فيه والتعامل مع المستجدات بعيداً عن الأحلام التي لا يمكن أن تتحقق مهما حصل من تطورات في المنطقة ، فكلها لا تصب في صالح من "زهزه" لهم واعتمدوا عليه ولا يزالون يعتمدون .

البحث عن أخطاء في التصريحات والتقليل من شأن كل قرار والتسخيف من كل إنجاز تحققه الحكومة هو أسلوب الضعيف والمهزوم الذي لم يعد بيده ما يفعل، وتكرار أسلوب تلك الفضائيات عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي لا يوصل إلى مفيد ولا يؤكد إلا ضعفهم وعدم تمكنهم من فعل شيء وإلا أنهم قد اتخذوا المسألة شخصية ، وهذا يسلبهم حتى حق الادعاء بأنهم "معارضة".

ستستمر الفضائيات "السوسة" على اختلافها في ممارسة فعلها السالب لكنها لن تحقق أي انتصار، والواضح أن أولئك سيستمرون أيضاً في ممارسة الفعل نفسه ولن يحققوا أي مكسب ولو صغيراً.