2 أغسطس 1990، ذكرى لها الأثر البالغ على الشعب العربي بشكل عام والشعب الكويتي بشكل خاص، ولاتزال الذكرى لهذا اليوم الأليم والذي فات عليه 28 عاماً، تحتل نصيب الأسد في قلوب إخواننا من الشعب الكويتي الحبيب، كيف لا؟؟!! وبه انقلبت جميع المقاييس وتبدلت به كثير من المعايير وانكشفت به الكثير من الحقائق وتبينت معه الكثير من الوقائع.

أنا لن أتكلم عن الجانب السياسي وتبعيات الغزو، الأهداف والمسببات، وكيف ولِم ولماذا.. لسبب حقيقي أنه فات الأوان، ويوم حدث الغزو كان عمري لا يتعدى الثانية عشرة، ولكن ما دفعني للكتابة بهذا الشأن تزامناً مع هذه الذكرى الأليمة تصفحي لبرامج التواصل الاجتماعي لأهلي وأصحابي الكويتيين أو البحرينيين والذين شهدوا على تلك الأحداث ومآسيها، حينها سرقتني ذاكرتي إلى تلك الأيام لأستذكر كيف كان حالنا نحن الشعب اللبناني الذي أصابه الهلع والخوف وبدأ يردد أين المفر؟؟

فعلى المستوى المحلي فالشعب يعاني المرارة الكبيرة جراء الحرب الأهلية، ولا يعرف كيف يحمي نفسه من رصاص القناص والقذائف العشوائية والمدافع وانقطاع الخدمات كالكهرباء والماء وأكيد خدمات الهاتف خلال الحرب الأهلية، والذي كان تواجده كالعملة النادرة، ومع كل المآسي الداخلية التي يعانيها منها الشعب من جراء حرب لا تعرف الرحمة فقد انتقل الخوف إلى أبنائه المغتربين في دولة الكويت والدول العربية المجاورة، لا سيما المملكة العربية السعودية والبحرين والتي طالها كم من الصواريخ العشوائية والموجهة وكل الأنظار والحواس توجهت لمتابعة التطورات على محطات التلفاز ولا سيما تلفزيون الشبكة الوطنية للإرسال LBC والتي كانت تبث الحدث من مواقع الجيش الأمريكي أولاً بأول وبشكل مباشر، وعلى إثر هذه التغطية حصلت المحطة على صفة العالمية لتصبح LBCI.

ومن الخوف البعيد المدى فسرعان ما انتقل إلى خوف حقيقي داخل لبنان، عندما تم التحذير من استخدام الصواريخ الكيماوية، وإن أثر سموم هذه الصواريخ سوف يضرب الغلاف الجوي اللبناني، ليبدأ الشعب بحالة فوضى عارمة بتحضير كافة المستلزمات التي تحميه من نوع آخر من الحروب وتخزين ما يمكن تخزينه من المؤن الغذائية، هذا ولا ننسى صفقة الأقنعة الحامية للوجه التي دخلت البلاد وكانت "خالصة" مدة صلاحيتها وتُباع بأسعار مبالغ بها... لدرجة أن بعض الناس كانت تكرر وتعيد: "فليرموا علينا صاروخاً ونرتاح وتنتهي حياتنا من كل هذه المآسي التي نعيشها كل يوم".

في الختام أحبتي، الحرب مهما تعددت أسبابها وتسمياتها، ظهرت أو تبطنت نواياها، تبقى ذكراها على الشعب البريء الذي يعاني، تداعياتها محفورة بالذاكرة مهما حاولنا التغافل والنسيان "فالأسى لا ينتسى" والجرح يبقى أثره في نفوسنا قبل أجسادنا مهما دارت الأيام وتبدلت السنون.