أتعرفون لماذا يحيي اليابانيون سنوياً ذكرى إلقاء أول قنبلة ذرية في العالم على مدينة هيروشيما غربي البلاد؟ يحيونها سنوياً دون ملل ودون كلل وملل 73 عاماً "من أجل السلام".

هكذا يعنونون احتفالاتهم السنوية، إنها إحياء للذكرى من أجل السلام، لا من أجل الانتقام ولا من أجل الكراهية أو البغض، إنما من أجل السلام يعيدون إحياء المناسبات المؤلمة رغم مرور أكثر من سبعين عاماً عليها ورغم جروح الذكرى العميقة التي حدثت.

حيث دعا رئيس بلدية هيروشيما، كازومي ماتسوي، في كلمة له وهو يقف في الحديقة قرب نقطة الانفجار إلى عالم بدون أسلحة نووية، محذّراً من تصاعد النزاعات القومية.

وقال وقوله هذا هو لب موضوعنا: "إذا كانت العائلة الإنسانية تنسى التاريخ أو تتوقف عن مواجهته، فإننا بذلك نرتكب مجدداً خطأ مريعاً، لهذا السبب بالتحديد يجب أن نستمر بالتحدث عن هيروشيما".

لا يستطيع أحد أن يتهم اليابانيين بأنهم عنصريون أو طائفيون أو مؤزمون أو يعيشون في الماضي أو أو لأنهم مصرون على التحدث سنوياً عن أكبر مأساة مرت على تاريخ اليابان.

بل إن اليابانيين أقاموا الاحتفالية السنوية فوق حديقة السلام التذكارية أي في الموقع الذي وقعت فيه الواقعة وفي هيروشيما في السادس من أغسطس من كل عام، بل يقرعون أجراس السلام إيذاناً ببدء الحفل، في الساعة الثامنة والربع من صباح 6 أغسطس من كل عام، وهو التوقيت الذي ألقت فيه قاذفة قنابل أمريكية القنبلة الذرية على المدينة في ذلك اليوم قبل 72 عاماً، إلى هذه الدرجة يستحضرون التاريخ لأجيال لم تشهد هذا الحدث ولم تره.

وبعد قرع الأجراس يلي ذلك الوقوف دقيقة صمت، وشارك هذا العام نحو 50 ألفاً من اليابانيين في الحفل التذكاري إحياء لذكرى عشرات الآلاف من سكان هيروشيما الذين قضوا في ذلك اليوم في 6 أغسطس عام 1945 عندما ألقت قاذفة أمريكية من طراز "بي-29" حمولتها القاتلة على المدينة، التي تنتشر فيها القواعد العسكرية، ما أدى إلى مقتل 140 ألف شخص من سكانها.

وسأقف عند كلمة رئيس بلدية هيروشيما الذي قال إن نسيان التاريخ وعدم التوقف عنده وعدم مواجهته خطأ مريع، لأننا بذلك سنعود لتكراره، كازومي يؤكد أن أحد أهم وسائل التعلم من الأخطاء الفظيعة هي مواجهتها سنوياً والتحدث عنها كما قال كازومي وتحليلها وشرح أسبابها لجيل بعد جيل وإحياء ذكراها من أجل أن تتعظ الأجيال القادمة ولا تكرر أخطاء آبائها.

اليابانيون اختاروا أن يحيوا الذكرى السنوية "من أجل السلام" وهكذا علينا أن نتعلم من محطاتنا التاريخية المؤلمة كعام 2011 أيضاً من أجل السلام، من أجل الأمان، من أجل الاستقرار، من أجل الاستمرار والبناء واكتساب الخبرات، من أجل الوحدة الوطنية وتعزيزها، ومن أجل كل قيم الخير لا بد أن نتذكر ونذكر لعل الذكرى تنفع المؤمنين، يجب ألا ننسى ولا نقفز ولا نخشى مواجهة تاريخنا، بل نقف عند ذكرى تلك الأحداث نحييها ونسترجعها نستذكرها سنة تلو الأخرى ونمتلك القدرة والقوة والشجاعة لمواجهتها حتى لا نقع في ذات الأخطاء مرة أخرى.

أما دعاة النسيان والتجاهل وكأن شيئاً لم يحدث هم الذي ينكوون بنيران العودة لها من جديد بعد كل عشر سنوات!!