باريس - لوركا خيزران

لم تثنهم القنابل الدخانية المسيلة للدموع وهراوات الشرطة عن تحقيق مطلبهم الإنساني بمنع ترحيل مهاجر سوداني غير قانوني، إذ اشتبك أهالي قرية فو-لا-مونتاني مع رجال الأمن لمنعهم من تنفيذ القرار الصادر بطرد المهاجر السوداني، قبل أن ينجحوا بتنفيذ مبتغاهم.

وقال مصدر لـ"الوطن" في "البروفيكتور" وهي الجهة الرسمية الفرنسية المعنية بتنظيم شؤون المهاجرين إن "القرار صدر بتسوية أوضاع المهاجر السوداني نور الدين ليصبح مقيما شرعيا نزلا عند رغبة أهالي القرية"، مشيراً إلى أن "وضع نور الدين ومعه شاب سوداني آخر يدعى عبدالمجيد كان معقدا بسبب وصولهم إلى إيطاليا أولاً قبل التوجه إلى فرنسا".



وتنص معاهدة دبلن الموقعة بين دول أوروبية على إلزام الدولة الأولى التي يصل إليها المهاجر بدراسة طلب لجوئه، ويفرض على الدول الأخرى إعادته إلى الدولة التي وصل إليها حال وصوله إليها.

وفي تصريح لـ"الوطن" قال مارك بورجواز أحد سكان القرية "هذا الشاب قدم إلى هنا بحثاً عن الأمان والحياة ونحن نستقبل اللاجئين وفق قيم الجمهورية المتلخصة بالحرية والمساواة والأخوة ووفقاً لهذه القيم علينا أن ننصره وندعمه لأنه بات واحداً منا الآن".

وأضاف أن "هذا الشاب لم يكن لديه الخيار ليكون هنا، هو جاء إلى هنا بحثاً عن الأمل بعد مقتل والده وأخيه، وهو خرج من السودان بحثا عن الحياة وهو الآن هنا ولم يكن يعلم أن الأقدار ستصل به إلى أوروبا ".

ويستضيف مارك بورجواز 4 مهاجرين سودانيين غير شرعيين في منزله بالقرية لمساعدتهم على إيجاد بداية جديدة لحياتهم في فرنسا.

وقال أحد المشاركين بالاحتجاجات في القرية لـ"الوطن"، "منذ 8 أشهر المهاجرون السودانيون الـ4 يتشاركون كل تفاصيل الحياة مع أهالي القرية لكن وجودهم هنا مازال مهددا لذلك كان علينا التحرك".

ومن أصل 413 شخصاً يقطنون في القرية خرج 200 شخص للمشاركة بالاحتجاج على ترحيل الشاب السوداني، كما وقع جميع أهالي القرية إضافة لـ100 شخص من خارجها على عريضة من أجل تسوية أوضاع المهاجرية السودانيين وتم تسليمها إلى "البروفيكتور".

وتقول إحدى السيدات اللاتي شاركن بالاحتجاجات وهي فرنسية من أصول رومانية "لقد تمت استضافتي في القرية قبل 35 عاما وأنا أتذكر كرمهم معي جيداً، لقد آن الأوان لا تشارك هذا الكرم من أناس عم بحاجته الآن".

وسبق أن تظاهر فرنسيون في مناطق متعددة من البلاد ونفذوا اعتصامات احتجاجاً على قانون الهجرة المثير للجدل، إذ رأوا فيه انتقاصاً من حقوق المهاجرين ولا يمثل القيم الإنسانية في فرنسا.