من البرامج التي أعجبتني في بعض الجمعيات الأهلية تلك التي تصطحب فيها ثلة من الشباب البحريني لزيارات رسمية وغير رسمية في دول متفرقة من العالم، ضمن برنامج تدريبي مكثف يرفع من مستوى الحصيلة المعرفية للشباب ويصقله بالاطلاع على خبرات تجارب الدول الأخرى كل في مجاله، وقد برزت جمعية الريادة الشبابية من خلال برنامجها الشبابي بذلك على نحو مميز، والحق يقال، فإن برامج السفر بهذا المستوى في الجمعيات الشبابية والأهلية إنما هي تجربة رائدة تستحق التكرار والتطوير من قبل جهات عدة لتطوير مهارات الشباب ورفع مستوى حصيلتهم المعرفية وخبراتهم الحياتية.

لربما اعتدنا في أوقات مضت على الوفود الرسمية الممثلة للبحرين من كبار المسؤولين وبعض منتسبي المؤسسات الرسمية، معولين عليهم في نقل الخبرات والتجارب العالمية، غير أن شواهد عالمية كثيرة برهنت على أن الشباب قد أبدعوا كثيراً من الأحيان في استلهام الأفكار من تجارب الآخرين من دول ومؤسسات وأفراد في الخارج أكثر من كثير من المكلفين بالأمر، بل وكانوا الأقدر على تطويرها وتكييفها مع ظروف المجتمع، ربما لأنهم أكثر وعياً باحتياجاتهم وتطلعاتهم نحو المستقبل، وربما لأن قدرتهم على التفكير الإبداعي أصبحت أكبر ما جعلهم الأقدر على التفكير خارج الصندوق. أيمكننا أن ننكر حجم إعجاب العالم بشخصية الأمير محمد بن سلمان؟!! الشاب الذي أبهر القيادات والشعوب بعمق تفكيره، والذي قدم رسالة مفادها «هكذا هم السعوديين»، رسالة صدحت في العالم أجمع، فسمعها القاصي والداني، لتؤكد كيف أن شخصاً واحداً رغم صغر عمره قادر على أن يكون ترجمان لبلد بحجم المملكة العربية السعودية، لأنه رفيع في مستواه وفي ثقافته وفي أخلاقه وفي احترامه وفي سموه. أيمكننا أن نتجاوز ببساطة ما بلغه سمو الشيخ ناصر بن حمد من تميز لافت جعله مفخرة للشعب البحريني، حتى أن تتبعنا لأخباره وجولاته الرسمية في الخارج تجعلنا نستبشر ونتأمل تقديم أروع الصور عن البحرين لأننا أمام الرجل المناسب لتمثيل المملكة؟!! إن الحديث عن أمراء وشيوخ شباب بهذا المستوى يدفعنا للبحث عن النخب الثقافية والأدبية والفنية من الشباب في عموم المواطنين، ليكونوا الترجمان الفاعل للمملكة في المحافل الخارجية، الرسمية منها وغير الرسمية، ولا أخفيكم أنني اطلعت على بعض المبادرات التي قامت بها البحرين وتميزت فيها بالخارج، وشاركت في كواليس بعض المبادرات الأخرى أو التحضير لها، وربما إن صح التعبير، مراقبة كواليسها عن قرب، لندرك أن البحرين غنية جداً بعنصرها البشري المشرّف، وأن جلّ ما يتطلبه الامر دفعة رسمية بسيطة نحو انطلاق هؤلاء الشباب للفضاء الخارجي بشكل أكبر، في تنظيمات أو محافل غير رسمية بالضرورة، تتيح لهم فرصة الاتصال مع منظمات المجتمع المدني في الخارج باعتبارهم أفراد مستقلين أو منضوين لمنظمات مجتمع مدني محلية، والاتصال بالشعوب على نحو مباشر كسياح أو مبتعثين لدورات تدريبية أو الحصول على شهادات احترافية في الدورات القصيرة. الفكرة الرئيسية من هذا إلى جانب استفادتهم الشخصية وتنمية خبراتهم، جعلهم جواز سفر مملكة البحرين إلى قلوب وأذهان وإدراك الشعوب الأخرى.

* اختلاج النبض:

الشباب البحريني طاقة جبارة ما زالت بحاجة للإيمان بها على نطاق أوسع، ومنحه الفرصة التي يستحق، ليس من أجله وحسب، وإنما من أجل البحرين أيضاً.