* جولة جديدة من مفاوضات تشكيل الحكومة في العراق

* العبادي سيزور أنقرة من دون طهران

* هجوم إعلامي إيراني ضد رئيس وزراء العراق وطهران تنفي زيارته



بغداد - وسام سعد، (أ ف ب)

بدأت الكتل السياسية العراقية الفائزة في الانتخابات التي جرت في مايو الماضي في جولة جديدة من المفاوضات لتشكيل الكتلة البرلمانية الأكبر التي تقوم بدورها في تشكيل الحكومة خاصة بعد إعلان نتائج العد والفرز اليدوي من قبل القضاة المنتدبين وهي الآن بانتظار المصادقة على نتائج الانتخابات النهائية من قبل المحكمة الاتحادية والتي من المتوقع أن تنتهي عملية المصادقة في بداية الشهر المقبل، في الوقت ذاته، يتفاقم الصراع بين الكتل السياسية على منصب رئيس الوزراء.

وقال المحلل السياسي جواد علي في تصريحات لـ"الوطن" إن الكتل السياسية بدأت في جولة جديدة من التفاهمات على تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان بعد إعلان نتائج العد والفرز اليدوي.

وأضاف علي أنه "لن يتم الإعلان عن أي تحالف سياسي في البرلمان قبل مصادقة المحكمة الاتحادية العراقية على نتائج الانتخابات البرلمانية".

وأوضح أن "ما يجري الآن من مفاوضات ولقاءات بين الأحزاب السياسية لا يعدو كونه تفاهماً وجس نبض وتبادلاً للآراء بين الكتل الفائزة، وبالرغم من نضوج بعض التفاهمات لكنها لم تصل حتى الآن لأي مستوى من اتخاذ القرارات النهائية بخصوص التحالفات، خاصة لدى الأحزاب الشيعية".

وكشف القيادي في تحالف "سائرون"، رائد فهمي عن "مؤشرات تفضي الى ان الكتل السياسية الأخرى بدأت تتفق مع موقف سائرون وتقترب منا بشكل اكثر".

وقال فهمي في تصريح صحافي إنه "في الوقت الحالي هناك مؤشرات تفضي إلى أن الكثير من الكتل السياسية منها النصر والفتح بدؤوا يتفقون مع موقف "سائرون" ويقتربون منا في المواقف وخلال الأيام المقبلة ستتضح الأمور بشكل أكثر من أجل تشكيل الكتلة الكبرى".

وأضاف أن "الحزبين الكرديين ينتظران الآن تبلور المواقف وكيف ستكون الصورة النهائية للتحالفات من أجل الاقتراب"، لافتاً إلى أن "لـ"سائرون" تفاهمات سابقة مع الحزبين الكرديين".

وتابع فهمي أن "شروط مقتدى الصدر الـ40 وما تلاها من شروط أخرى حظيت بإجماع داخل تحالف "سائرون"، مؤكداً أن "تلك الشروط كانت موضع بحث وتداول قبل صدورها".

وأوضح أن "تلك الشروط كانت محصلة لما تم الاتفاق عليه"، مشيراً إلى أنه "إذا لم تتشكل الحكومة بناء على الشروط التي طرحها السيد الصدر فإننا مستعدون للذهاب لى المعارضة".

من جانبه، أكد رئيس قائمة "النصر" في محافظة نينوى د.خالد العبيدي "قيام التحالف بتشكيل وفود لزيارة واستقبال ممثلي الكتل الفائزة للتحاور والاتفاق ووضع الآليات المناسبة لإعلان تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان، والتي تتضمن بالتأكيد تحديد برامج الحكومة المقبلة وآليات عملها التنفيذي".

وقال العبيدي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "لقاءاتنا ستشهد تواصلاً ملحوظاً خلال الأيام المقبلة مع جميع التحالفات الفائزة للتحاور والبحث في تشكيل الكتلة الأكبر مع التأكيد على الوصول إلى التفاهمات ستبقى مشروطة بمدى إيمان الكتل الأخرى برفض المحاصصة وقدرتها على تشريع وإيجاد حلول عملية للمشاكل الاقتصادية ومنها الهيكلية التي تضمن حياة كريمة لكل العراقيين".

وكشف القيادي في تحالف "القرار" عبد ذياب العجلي عن "وجود تقارب بين تحالفه و"ائتلاف النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي"، مبيناً أن "إعلان النتائج النهائية سيكون الدافع الرئيس للاتفاق على تشكيل الكتلة الأكبر".

وقال العجيلي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه إن "إعلان النتائج سيكون الدافع الأهم في تشكيل التحالف الأكبر وتشكيل الحكومة المقبلة"، مشيراً إلى أن "المباحثات السياسية مازالت مستمرة مع الكتل الأخرى".

وأضاف أن "اجتماعات مركزة مع تحالف "النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي والذي شهد تقارباً بوجهات النظر وخاصة في توزيع المناصب فضلاً عن اجتماعات مع تحالف "سائرون" من أجل التفاهم حول حصتنا من المناصب".

وتابع العجيلي أن "أغلب التحالفات تحاول ضم جميع المكونات العراقية لتشكيل الكتلة الأكبر والحكومة المقبلة بتمثيل مقبول لجميع الفئات".

في السياق ذاته ومع بدء الكتل السياسية جولاتها التفاوضية تفاقم الصراع على منصب رئيس الوزراء، حيث أكد القيادي في تحالف "الفتح" عامر الفايز أن "تحالفه لايزال متمسكاً برئيس التحالف هادي العامري لرئاسة الحكومة المقبلة"، مبيناً أن "جميع الحوارات والتفاهمات التي جرت بين مختلف الكتل السياسية لم تتطرق لتقديم مرشحيها للرئاسات الثلاث أو المناصب السيادية التنفيذية".

فيما نفى تحالف "النصر" برئاسة رئيس الوزراء حيدر العبادي الأنباء التي تتحدث عن ترشيح شخصية بديلة عن الأخير لرئاسة الوزراء مؤكدة أن الجميع يساند العبادي ولا بديل عنه.

وقالت القيادية بالتحالف ندى شاكر جودت في تصريح صحافي إن "جميع مرشحي تحالف النصر الفائزين في الانتخابات البرلمانية وكذلك رؤساء الأحزاب والكتل المنضوية في التحالف أعلنت تمسكها بالعبادي كمرشح وحيد لرئاسة الوزراء".

وأضافت جودت أن "التحالف لم يقدم أي مرشح كبديل عن العبادي وما أثير في بعض وسائل الإعلام مجرد زوبعة إعلامية"، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن "الحديث عن ترشيح شخصية بديلة سابق لأوانه".

وحذر زعيم ائتلاف "الوطنية" إياد علاوي من خيار الأغلبية السياسية في تشكيل الحكومة المقبلة مؤكداً على مبدأ الشراكة والتوافق الملتزم وعلى اعتماد الفضاء الوطني.

وقال علاوي في بيان صحافي تلقت "الوطن" نسخة منه "لم نُفاجأ مطلقاً بالنتائج التي أعلنها مجلس المفوضين المنتدب، وذلك لأنها كانت نتيجة طبيعية جداً لإفراغ قانون التعديل الثالث الذي أقره البرلمان والتوصيات التي خرج بها مجلس الوزراء من محتواها وهو ما تسبب بخيبة جديدة للعملية السياسية وتكريس للتزوير وانعدام النزاهة ومصادرة لإرادة الشعب العراقي الكريم".

وأضاف علاوي أن "إعلان تلك النتائج أثار جملة تساؤلات أبرزها مصير تقرير اللجنة الوزارية الذي تحدث صراحة عن تزوير فاضح شهدته الانتخابات وكيفية تفسير عزل عدد من مدراء المكاتب في مفوضية الانتخابات واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم بتهم ارتكاب مخالفات وتلاعب وفساد مالي لتكون النتائج فيما بعد متطابقة أو أقرب للتطابق".

وتابع علاوي "لقد تبين لنا الأمر بشكل واضح وجلي منذ البداية، لذا كنا أول من دعا لإلغاء نتائج هذه الانتخابات بسبب المقاطعة الواسعة من قبل الناخب الكريم وما شابها من خروق واضحة لم تعد تخفى على أحد، حتى أصبحت محط تندر وسخريةٍ لدى غالبية أبناء شعبنا".

وأشار إلى أنه "بالرغم من ذلك كله فإننا نهنئ الفائزين وندعوهم لأن يحققوا الاستقرار المنشود والوحدة الوطنية والخروج من خندق الطائفية والمحاصصة البغيضة ومحاربة الفساد وبناء مؤسسات الدولة الناجزة وتقديم الخدمات وتحقيق الرفاهية ومعالجة المشاكل بين بغداد وأربيل وإعادة النازحين وتعويضهم والبدء بإعمار مناطقهم".

وأوضح أن "ائتلاف "الوطنية" يحذر من اللجوء إلى خيار الأغلبية السياسية ويؤكد على مبدأ الشراكة والتوافق الملتزم وعلى اعتماد الفضاء الوطني خلال المرحلة المقبلة، كما يشدد الائتلاف على ضرورة مغادرة المحاصصة في تسمية الرئاسات وأعضاء الحكومة واتخاذ إجراءات حقيقية لإصلاح بنية العملية السياسية".

من ناحية أخرى، أعلن مسؤول حكومي عراقي الأحد أن رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي كان مقرراً أن يتوجه إلى تركيا وإيران الأسبوع الجاري، سيكتفي بزيارة أنقرة من دون طهران.

وقال المسؤول إن زيارة العبادي "ستقتصر على تركيا لعدم تكامل الاستعدادات لزيارة يران وزحمة جدوله".

وكان مسؤول عراقي قال في وقت سابق إن العبادي سيزور الثلاثاء أنقرة والأربعاء طهران، لبحث قضايا اقتصادية مع الحليفين الاقتصاديين تركيا وإيران اللذين يتعرضان لعقوبات أمريكية جديدة.

إلا أن المتحدث باسم وزارة الشؤون الخارجية الإيرانية برهم قاسمي قال لوكالة ايسنا شبه الرسمية "ليست لدينا معلومات عن مثل هذه الزيارة"، وسط هجوم إعلامي إيراني ضد العبادي، بسبب إعلانه التزام العراق بالعقوبات الأمريكية على إيران.

من جهة أخرى، كشفت مصادر سياسية عراقية مطلعة أن المسؤولين الإيرانيين غير مرتاحين إزاء التصريحات الأخيرة للعبادي حول العقوبات الأمريكية على طهران.

فقد قال العبادي الثلاثاء الماضي "لا نتعاطف مع العقوبات ولا نتفاعل معها لأنها خطأ استراتيجي لكننا نلتزم بها" مشيراً إلى أن "العقوبات ظالمة بشكل عام وقد أعلنت موقفي منها"، مذكراً بأن بلاده عانت الحظر الدولي طوال 12 عاماً.

لكنه أكد في الوقت نفسه "نحن ملتزمون حماية شعبنا ومصالحه" في إشارة إلى التزام بلاده بتنفيذ العقوبات.

وأزعج موقف العبادي إيران والأجنحة العراقية الموالية لها في داخل العراق.

وقال مجتبى الحسيني ممثل آية الله علي خامنئي في العراق، في بيان الأحد إن "تصريحات رئيس الوزراء اللامسؤولة (...) لا تنسجم مع الوفاء للمواقف المشرفة للجمهورية الإسلامية ودماء الشهداء التي قدمت للدفاع عن العراق وتطهير أرضه من لوث داعش".

وأضاف "نأسف على موقفه هذا (...) إنه يعبر عن انهزامه تجاه أمريكا" كما أنه "لا يتلاءم مع الروح العراقية التي قدمت بطولات كبيرة في مقارعة داعش المدعوم من قبل أمريكا".

وبغداد متحالفة مع واشنطن في الحرب التي أعلنت أنها انتهت أواخر عام 2017 ضد المتطرفين، ومع طهران، القوة الإقليمية الحاضرة بقوة في الشؤون السياسية العراقية.

والعراق ثاني أكبر مستورد للمنتجات الإيرانية بمعزل عن المحروقات وبلغ مجموع ما استورده العام الماضي نحو 6 مليارات دولار.

كما تعتمد المحافظات العراقية المتاخمة لإيران إلى حد كبير على طهران لتزويدها بالكهرباء.

وأعربت أحزاب وفصائل شيعية مقربة من إيران، عن رفضها لموقف العبادي.

وقال بيان عن حزب الدعوة الإسلامية الذي ينتمي إليه العبادي، "نطالب جميع الحكومات الحرة في العالم وخصوصا الحكومات الإسلامية برفض العقوبات الأمريكية الجائرة ضد إيران، ومقاومتها".

بدورها، عبرت "عصائب أهل الحق" إحدى الفصائل الرئيسة في الحشد الشعبي، في بيان عن "أسفها لموقف العبادي تجاه العقوبات الأمريكية ضد إيران".

وأضاف البيان، أن "حكومة العبادي تعمل خارج فترتها الانتخابية وبدون غطاء برلماني وموقفها غير ملزم للحكومة المقبلة".

كما طالبت "منظمة بدر"، الفصيل الرئيس في الحشد الشعبي، في بيان "الحكومة العراقية بأن تقف مع إيران مدافعة ومساندة". وأضاف البيان "نحن على يقين أن الإرادة الأمريكية الظالمة ستنكسر أمام إرادة وصمود الشعب الإيراني الصابر المحتسب".

وأعادت الولايات المتحدة فرض عقوبات اقتصادية قاسية ضد إيران، كان تم رفعها بعد الاتفاق النووي التاريخي الذي تم التوصل إليه عام 2015 مع القوى الكبرى.