القول بأن السعودية «تسيس الحج» قول لا يمكن أن يصدقه غير الذي يقوله، فالحج عصي على التسييس، وكمسلمين نعتقد أن من كتب الله له حج بيته الحرام فإن أحداً لا يستطيع أن يعيق طريقه إلى مكة المكرمة، أياً كان. وعليه فإنه ليس بمقدور السعودية مهما بلغت قوتها أن تمنع مسلماً من الحج، وعليه أيضاً فإن عدم تمكن أي مسلم من حج بيت الله الحرام يعني أن الله سبحانه وتعالى لم يكتب له الحج في هذا العام.

في الدول التي قوامها الملايين من الأنفس ولأنها ملزمة بعدد محدد من الحجاج في كل عام يتم اختيار الحجاج بالقرعة، حيث يتقدم الراغبون في الحج من الذين تنطبق عليهم الشروط إلى الجهة المعنية وتجرى القرعة فيما بينهم ويفوز بعضهم بالحج. وكمسلمين أيضاً نؤمن بأن الذي اختار من بين تلك الملايين للحج هو الله سبحانه وتعالى وليس الصدفة ولا الحظ ولا الوساطات أو الرشاوى، ونؤمن أيضاً أن الذي لم يكتب الله سبحانه له الحج أو العمرة فإنه لا يمكن أن يدخل مكة ولو بقي على دخوله إليها شبر واحد.

من هنا فإن القول بأن السعودية تمنع القطريين من القيام بركن الحج أو أداء العمرة خارج موسم الحج قول مردود عليه لأن الذي يختار الحجاج ويحددهم هو الله سبحانه وتعالى وليس حكومة المملكة العربية السعودية التي شرفها الله سبحانه وتعالى بخدمة الحجيج وتقوم بدورها منذ سنين طويلة على أكمل وجه.

من هنا فإن القول المقبول هو أن حكومة قطر هي التي تمنع المواطنين القطريين من حج بيت الله الحرام وليس حكومة السعودية التي ظلت حتى قبل أيام من شهر ذي الحجة تعمل على تذليل كل العقبات كي يتمكن من كتب الله له الحج من القطريين من حج بيت الله الحرام. وهذا يعني أن حكومة قطر هي التي تسيس الحج وليس حكومة السعودية.

لم يكن مناسباً أبداً أن يقدم النظام القطري على هذا الفعل فيمنع القطريين من التوجه إلى السعودية ويقوم بدلاً عن ذلك بتوجيه الاتهامات لبلاد خادم الحرمين الشريفين التي يشهد القاصي والداني على بذلها كل الجهود وتوفير أفضل الخدمات لإنجاح موسم الحج في كل عام والتسهيل على حجاج بيت الله الحرام.

لو أن السعودية تستغل الحج وتوظفه لخدمة مواقفها السياسية لاستفادت منه عند حصول خلاف بينها وبين دول أخرى قبل قطر التي ليست هي الدولة الوحيدة التي اختلفت مع السعودية ولن تكون الأخيرة، فالسعودية محور أساس وحصول خلافات بينها وبين مختلف دول العالم أمر وارد في كل حين. رغم الخلاف الطارئ والذي يتطور بسرعة بينها وبين كندا إلا أن السعودية لم تخلط هذا بذاك ولم تمنع الحجاج الكنديين أو القادمين من كندا من دخول أراضيها لأداء الحج، فهذا أمر وذاك أمر آخر، والخلط بينهما غير منطقي وليس ديدن السعودية.

كل ما سعت قطر إلى ترويجه عن السعودية بقولها إنها تسيس الحج وتمنع الحجاج القطريين من الوفاء بهذا الركن وإنها تعيق قيامهم بأداء المناسك لم يجد من يصدقه غير الموالين للنظام القطري وغير المستفيدين من أخطائه وتخبطه، فهذا الأمر على وجه الخصوص غير قابل للتصديق من كل ذي عقل، فالسعودية لا تحكم الحج، ومن يقرر دخول مكة المكرمة وحج بيت الله الحرام هو الله سبحانه وتعالى الذي ينعم على من يريد بهذه النعمة وإلا لما تمكن من أدى مناسك الحج في أعوام سابقة من حج بيت الله الحرام في أعوام تالية.

الخدمات والتسهيلات التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين للحجاج تستحق الشكر والتقدير.