«دعم الديمقراطية» و»تمكين الأقلية»-بما فيها الأقلية «المثلية»- صنوان لا يفترقان في الحراك العالمي الليبرالي الغربي، دعم وتعزيز القيم الديمقراطية وتمكين الأقليات الإثنية والعرقية والدينية والجنسية بين الشعوب.

و»لبرلة» العالم -إن صح التعبير- مهمة يعتقد التيار الليبرالي الغربي أنها ملقاة على عاتقه، ذلك التيار الذي يدين له زعماء في العالم الغربي كترودو وأوباما وماكرين والعديد من زعماء العالم الأوروبيين.

تيار واسع النشاط والعمل، أعد للبرلة العالم «جيشاً» لنشر الأفكار والمعتقدات بين الشعوب «المتخلفة ليبرالياً»، فهناك عمل مؤسسي لهذه المهمة، هناك مؤسسات أقامتها أحزاب هذا التيار وضعت لها برامج وخططاً استراتيجية وخصصت لها الموازنات، وفتحت تلك المؤسسات باب التسجيل لمن يرغب أن ينخرط في برامجها لنشر العقيدة الليبرالية بين الشعوب التابعة للحكومات المنغلقة على حد تعبيرهم، وهذه مسألة علنية وصريحة وبالإمكان أن يدخل أي مراقب على مواقع تلك المؤسسات ويرى الأفراد والمؤسسات الأهلية العربية، المستفيدة منها والمتعاونة معها.

وسيرى أن هناك مشروعاً لصناعة «الدمى» الليبرالية غير الغربية، ومنها الدمى العربية، والتي يتم اختيارها من بين أفراد الشعوب الأخرى التي تسجل وتنخرط في التدريب والتأهل مع تلك المؤسسات، وسيرى كيف ستحظى تلك الدمى بحماية دولية ويصنع منها الأيقونات، ولدينا في البحرين بعض من هذه «الدمى» التي حظيت بتلك الحماية من التيار الليبرالي الغربي انتقيت بعناية لأنها من ضمن الأقليات إما المذهبية أو الدينية أو الجنسية!!

وكذلك في المملكة العربية السعودية جرت صناعة تلك الأيقونات من الدمى السعودية المحمية من التيار الليبرالي الغربي ومنها كما رأينا مؤخراً عائلة بدوي التي تماثلها عائلة الخواجة عندنا في البحرين ونبيل رجب.

إننا كشعوب لا كحومات لا نرفض العديد من تلك الأفكار الليبرالية والقيم والمبادئ الإنسانية، كما ولا نمانع من التعلم والاستفادة من التجارب الإنسانية الأخرى، بل إن بعض تلك القيم موجودة في أدياننا وأعرافنا ونسبق بها التيار الليبرالي الغربي، لكننا نختلف على ثلاث مسائل، الأولى أن تلك القيم ليست سلة واحدة إما الأخذ بها كلها أو نسيانها كلها.

والثانية أننا نرفض أن يملى علينا ويفرض علينا أي منها من كائن من كان، نعتز وبشدة بقوانينا وبقضائنا وبمؤسساتنا الدستورية ونتعامل مع كل القيم الإنسانية وفق ما يتفق عليه مجتمعنا ويأخذ بها تصويتاً وما تتماشى مع قيمنا وديننا وأعرافنا أو تطابق قوانيننا.

التغير عندنا مدروس لا يحرق المراحل وقد نأخذ ببعض القيم الجديدة، وقد نأخذها دفعة واحدة وقد نتدرج في بعضها، والأهم بعضها الآخر قد نرفضه رفضاً قاطعاً، تلك خياراتنا لا أحد يجبرنا على خيار يظن أنه الأفضل لنا.

نؤمن من أجل استقرارنا أن الإيمان والالتزام بقوانيننا وبمؤسساتنا وبدولنا من مقومات الحفاظ على الأمن الجماعي، كما هي تماماً مقومات الأمن والاستقرار في العالم الغربي، ومثلكم تماماً متى ما تعارضت تلك القيم الفردية مع الأمن الجماعي فإن للأمن الجماعي أولوية قصوى وكما قال كاميرون رئيس الوزراء البريطاني إذا تعارضت قيم حقوق الإنسان الفرد مع الأمن الجماعي فلا تحدثني عن حقوق الإنسان، ونحن نأخذ أيضاً بهذا المبدأ.

فقصة «الإفراج الفوري» عن دماكم وأيقوناتكم تلك العبارة التي صدعتم بها رؤوسنا في تصريحات وزراء خارجيتكم عن من خالف القوانين في البحرين والسعودية ومصر لا تأتي إلا بردة فعل عكسية اجتماعية نافرة لتلك النماذج، لا من الحكومات بل من الشعوب إذ تكشف عن نظرة تعالٍ علينا وتكشف عمالة تلك الدمى لكم ولقيمكم على حساب أمننا واستقرارنا.

ولا تغرنكم آراء بعض ممن اختار السكن والعمل عندكم و»تبلير» بليبراليتكم حين يوهمكم بأن الشعوب العربية «تواقة» لنماذجكم التي تحظى بحمايتكم، لا تصدقوهم، ولو أن لكم مجسات سليمة تقيس مؤشرات التقدير والاحترام بواقعية على أرضنا لرأيتم كم الازدراء الذي لحق بالدمى التي تعبتم على صناعتها وضاعت جهودكم وأموالكم عليها هدراً.

المسألة الثالثة التي قصمت ظهر البعير في المباعدة بيننا كشعوب وبينكم، هي رعايتكم للجماعات الدينية المتشددة «حزب الدعوة الشيعي وحزب الإخوان السني»، تلك الرعاية التي ليس لها إلا تفسيران لا ثالث لهما، إما أنكم سذج وأغبياء، وإما أنكم تعرفونهم جيداً ورغم ذلك متحالفون معهم، التفاسير لا تهم إنما تحالفكم مع هاتين الجماعتين قضى على ما تبقى من ثقة بينكم وبين شعوبنا.