‏تشبه تغريدات الرئيس ترامب أوامر العمليات العسكرية التي تعد حين صدورها خارج ثنائية ‏القبول والرفض، فقد كتب مؤخراً أن العقوبات الإيرانية فُرضت رسمياً. هذه العقوبات هي الأكثر إيذاء ‏التي يتم تطبيقها على الإطلاق، وفي نوفمبر، سيتم تشديدها إلى مستوى جديد. ومحتوى هذه التغريدة ‏مهم غير أنه ليس مقدساً بالضرورة، رغم أن ترامب هدّد بأن أي جهة تقوم بأعمال تجارية مع ‏الجمهورية الإسلامية لن يُسمح لها بالقيام بأعمال تجارية مع الولايات المتحدة. لكن سيل التصريحات التي أتت من عواصم القرار العالمي كانت أشبه بفترة تدريبية علنية على ‏صدام مع ترامب، وليس دعماً له كما اراد. فالصين رفضت طلباً أمريكياً بوقف استيراد النفط من إيران، ووافقت فقط على عدم زيادة مشترياتها من النفط الإيراني.‏ وروسيا ترى أن العقوبات على إيران تُشكل ‏مثالاً واضحاً على انتهاك واشنطن للقرارات الدولية. كما أعلنت تركيا أنها تعارض العقوبات الأمريكية ‏على إيران، وأنها ليست ملزمة بتطبيقها. أما أشدها فجاء من حلفاء واشنطن فالاتحاد الاوروبي وعلى ‏لسان الممثلة العليا للاتحاد، فيدريكا موغريني، أعلن أن الاتحاد يشجع زيادة التجارة مع إيران.‏ بل إن ‏بريطانيا على لسان وزير خارجيتها قد أعلنت أنه يمكن حماية الشركات الأوروبية من العقوبات الأمريكية ‏الجديدة على إيران. وهو يشير إلى سريان قانون جديد للاتحاد الأوروبي يحمي الشركات الأوروبية سعياً ‏للحد من تأثير ما يصفه مسؤولون بالاتحاد بأنه توسع غير قانوني للعقوبات خارج الحدود الأمريكية.

أين المفارقة؟!

لقد أيقظت هذه المشكلة في ذهن المراقب قضيّة انتكاسات حروب الاصطفافات ‏الامريكية، ففي صيف 2001 دعا الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن حلفاء الولايات ‏المتحدة إلى دعم أقوالهم بأفعال والمساهمة العملية في الحرب ضد الإرهاب، وحذر بوش ‏الابن - وألم تفجيرات برجي التجارة العالمي تعتصره - بنفس لهجة الرئيس ترامب التي ‏نسمعها اليوم من أن الدول التي ليست مع الولايات المتحدة فهي ضـدها. وأضاف أن ‏أي شريك في التحالف الدولي يجب ألا يعبر عن تعاطفه فحسب بل يجب عليه أن يشارك ‏بعمل.

* بالعجمي الفصيح:

لا شك أن في الأفق احتمالات أخرى غير مرصودة حتى الآن، فقد تجنح طهران أو ‏واشنطن إلى ما يرضي الطرف الآخر، لكن المؤكد أن جورج دبليو بوش الابن قد أطلق ‏عقيدة أو مذهب تقسيم العالم معسكرين هما معسكر أمريكا، ومعسكر أعدائها، وهو ‏الحيز الذي يناور فيه ترامب الآن.‏

* الرئيس التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج