بإعطائه الضوء الأخضر لترسانته الإعلامية بشن هجوم عنيف ضد رئيس وزراء العراق حيدر العبادي فور إعلانه موقف العراق التزامه بالعقوبات الأمريكية على إيران فضح النظام الإيراني نفسه وأكد أنه يعتبر العراق مستعمرة إيرانية وأن تواجده في هذا البلد العربي ليس من أجل سواد عيون العراقيين، ما اضطر العبادي إلى إلغاء زيارته المرتقبة إلى طهران والتي نفت طهران علمها بها رغم أن هدفها شبه المعلن هو بحث القضايا الاقتصادية بين البلدين.

وسائل الإعلام الإيرانية شنت هجوماً عنيفاً على العبادي، ونشر الحرس الثوري تقريراً مطولاً عبر وكالة «تسنيم» التابعة له ذكر فيه إن «الأوساط الإيرانية تستنكر هذا الموقف من رئيس الوزراء العراقي».

المثير في هذه التطورات أن الجماعات والأحزاب الشيعية الموالية لطهران انتقدت القوى العراقية وقالت إنها تقوم بتخريب العلاقة الاستراتيجية بين البلدين، ما يعني أن إيران بدأت ممارسة ضغوطها على العبادي من خلال تلك الأحزاب الموالية لها والمتحالفة معها.

ما جرى يعني باختصار أن «النظام الإيراني يعتبر العراق تابعاً له وأن عليه أن يقف معه في كل الأحوال وأنه في حال تعرض إيران لضربة فإن على العراق أن يتقاسمها معه.. فأفضال النظام الإيراني على العراق كثيرة.. وحكامه تم تعيينهم من قبله فهم ممثلون له وتابعون ينفذون المطلوب منهم». هكذا ينظر النظام الإيراني للأمور وللعراق ولمسؤوليه، أي أن العبادي ليس فقط ما كان ينبغي منه أن يصرح بذلك التصريح وإنما كان عليه أن يحصل قبل أن يصرح به على رخصة من قادة النظام الإيراني، وإلا فما هو تفسير النائب في البرلمان الإيراني الذي نشره عبر تغريدة في حسابه على «تويتر» رداً على تصريحات العبادي بخصوص العقوبات الأمريكية على إيران وجاء فيه إن «على إيران أن تطالب العراق بدفع 1100 مليار دولار كغرامة عن أضرار الحرب الإيرانية العراقية ؟!

موقف النظام الإيراني من تصريحات العبادي وإعطاء ترسانته الإعلامية الضوء الأخضر للهجوم عليه يفهم منه أن على العبادي أن يتراجع عن تصريحاته وإلا فإنه سيطير لأنه ليس إلا ممثلاً لخامنئي الذي هو ظل الله سبحانه وتعالى على الأرض.

لا يهم النظام الإيراني إن كان موقف العراق تجاه العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران «نابع من المصلحة العراقية العامة» كما قال المتحدث باسم مكتب رئيس الحكومة العراقية، ولا يهم النظام الإيراني القول بأن هذا الموقف «لم يكن ارتجالياً أو متسرعاً بل خضع لدراسة وحسابات تخص مصلحة العراق والعراقيين ولم يكن فيه أي تأثر بمواقف دول أخرى أو أحزاب سياسية معينة»، كل هذا لا يهم النظام الإيراني ولا يعني له شيئاً لأنه يريد من العراق أن يكون تابعاً له، بل أنه يعتبره كذلك، وبالتالي فإن عليه ألا يغامر بالقيام بشك خيط في إبرة من دون موافقة الولي الفقيه !

النظام الإيراني يعتبر تصريحات حيدر العبادي تمرداً عليه ووقوفاً مع المعسكر الأمريكي، وهو ما أكده موقع «الدبلوماسية الإيرانية» التابع لوزارة الخارجية الإيراني الذي نشر مقالاً باسم أحد الكتاب «يصف فيه موقف العراق بموقف أصحاب الإمام الحسين عليه السلام الذين تركوه يواجه مصيره وحيداً في صحراء كربلاء»!

ما سيحدث الآن وتالياً هو أن النظام الإيراني سيقوم بحملة شرسة ضد العبادي لمنعه من الوصول إلى ولاية ثانية، وسيدفع من أجل ذلك بكل عناصره وخصوصاً ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي وتحالف الفتح بزعامة هادي العامري.

يقول العرب «رب ضارة نافعة»، فهل يستغل العراق ما حصل ويعلن تمرده على النظام الإيراني و«يؤمم» نفسه؟ وهل يواصل العبادي موقفه ليخرج وقد نقش اسمه في تاريخ العراق والمنطقة بأحرف من نور؟