ندرك جيداً دواعي كافة الأطراف التي تثير كل سنة موضوع الحج كقضية وأزمة وتصوره كمحور لاضطهاد السعودية للمسلمين في تسييس لافت لشعيرة دينية بالغة الأهمية لدى معتنقي الديانة الإسلامية الذين تجاوز عددهم الـ2 بليون شخص وفق موقع «ورلد مسلم ببيوليشن»، أو 2 بليون مسلم حول العالم حسب الرقم التقديري المعتمد من الغالبية الساحقة.

المملكة العربية السعودية إذ لم تمنع الإيرانيين طوال السنوات الفائتة من أداء مناسك الحج والعمرة رغم ما قامت به بلادهم أو بعض من حجاجهم حتى، فهي لن تمنع بلد جوار شقيق تجمعه مع أهله روابط عميقة اجتماعية إذا ما تعكر صفو العلاقات السياسية حيناً، كما لن تمنع مواطني أي بلد من ذلك، فالدين للجميع، والعبادة والحج لجميع المسلمين، والسعودية تحترم ذلك وتدركه جيداً، ما يجعلها تتسامى على جراحها السياسية جميعها من أجل إعلاء اسم الله. غير أن ثمة حرب إعلامية قذرة تكاد تغرقنا معها، وليت لو تكف كافة الأطراف ألسن حروبها الإعلامية بأشكالها المختلفة، وتكتفي في موسم الحج بخطابات سمحاء وتوضيحات هادئة تبين الموقف السعودي من حجاج بيت الله الحرام وكيف أنهم لديها سواسية، وكيف أن البيت الحرام للجميع، وأن المملكة لن تمنع الحاجين إليه من كافة أقطاب الأرض.

توازي حملات تسييس الحج السنوية جهود سعودية أصبح بالضرورة تسليط الضوء عليها وكيف أنها تغطي العالم من خلال موسم الحج، وكم استحدثت السعودية من مشروعات هذا العام فضلاً عن مشروعاتها السنوية السابقة، فمن بين مشاريعها الجديدة خدمة «طريق مكة» التي تهدف لتسهيل نقل حجاج بيت الله الحرام من ماليزيا وإندونيسيا، ومشروع «هاكاثون الحج» الذي سنفرد له مقالاً خاصاً غداً إن شاء الله للحديث عنه، وتكليف الدفاع المدني السعودي بمتابعة حركة الحجيج من خلال المراقبة الجوية وربط ذلك بالجانب الأمني، بما في ذلك التغطية التلفزيونية، ناهيك عن مشروع إعداد وتجهيز حجارة الجمرات، ومشاريع أخرى كثيرة.

وأدعو في هذا السياق إلى العودة لتقرير أعدته صحيفة «مكة» السعودية ونشرته في سبتمبر من العام الماضي، تطرقت فيه تفصيلياً لذكر 10 مشاريع غيرت من مفهوم الحج خلال الثلاثين عاماً الماضية، مع ضرورة الإشارة إلى أن تلك المشاريع لم تكن الوحيدة ولكنها الأكبر والأبرز، وهي كالتالي، «التوسعات السعودية للحرم المكي، توسعة المسعى، خيام منى المطورة، توسعة المطاف، منشأة الجمرات، النقل الترددي، مشروع الملك عبدالله لإعمار مكة، مشروع الملك عبدالله لسقيا زمزم، قطار المشاعر، مدينة الملك عبدالله الطبية».

* اختلاج النبض:

وبينما نؤكد على فشل كل مساعي تسييس الحج، من منطلق أن نور الشمس لا يمكن تغطيته بغربال باطل مهترئ، نورد -في سياق آخر- جهود المملكة السعودية التي هي غيض من فيض للمسلمين، فقط في موسم الحج، ناهيك عن الظروف والمناسبات الأخرى، وكيف أنها ترجمان للبلد الإسلامي والبذل الإسلامي لخدمة المسلمين من حول العالم وتهيئة الظروف كاملة لأداء مناسك عبادتهم بسهولة ويسر، ولعلها تذكرة لمن استفزع لإسلامية تركيا التي نسمع عنها ولا نراها، ولمن بصم بملء عقله المتناهي في الصغر لـ»القائد الإسلامي» أردوغان مصوباً بحماقته سهام سخرية العالم عليه لوصفه بما ليس فيه..!!