الحال التي فيها إيران اليوم لخصتها بعض وكالات الأنباء والمواقع الإلكترونية العالمية في العبارة التالية «العقوبات الأمريكية التي فرضت التعامل بالدولار مع إيران تسببت بارتفاع أسعار كل ما هو مستورد من الخارج.. كثير من الإيرانيين اليوم يصعب عليهم إيجاد حليب الأطفال في الصيدليات»، ومع هذا سيستمر النظام الإيراني في المكابرة ومواصلة الالتزام بالقرار غير الواقعي وغير المنطقي الذي أعلنه قبل أيام علي خامنئي وملخصه أن النظام لن يخضع لأمريكا ولن يستجيب لدعوتها ودعوة غيرها لحل المشكلات بين البلدين، مؤكدا ًبذلك عدم قدرته على العمل في السياسة التي تتطلب المرونة وتقديم التنازلات من أجل الحصول على الممكن ومن بعده الحصول على ما هو أصعب من الممكن.

وبعيداً عن الرأي المنحاز لفكرة أن هذا النظام يقول مثل هذا الكلام ظاهراً ومن أجل الاستهلاك المحلي والإقليمي لكنه يلتقي سراً بالمسؤولين الأمريكيين لحل مختلف المشكلات، بعيداً عن هذا الرأي فإن الأكيد هو أن العقلية الإيرانية عقلية «عناد ونحاسة» ولهذا لا يستغرب العارفون بأحوال هذه العقلية إصرار مسؤولي النظام الإيراني على أمور صغيرة وشكليات، ولا يستغربون إن قبل هؤلاء بالكثير من الخسائر مقابل إصرارهم على رأيهم واستمرارهم في نحاستهم.

لولا طبيعة العقلية الفارسية المهيمنة على تفكير قادة ومسؤولي النظام الإيراني لتمكن هذا النظام من التأسيس لنفسه بشكل جيد منذ اختطافه ثورة الشعب الإيراني، ولما نفر منه من حول إيران من الدول التي يصعب عليها العيش مع نظام هكذا عقليته ويمتاز بضيق الأفق، العقلية الفارسية الضيقة والتي أساسها العناد والنحاسة هي المهيمنة على قادة هذا النظام، لهذا فإن مشاكله لا تنتهي ويزداد في كل يوم عدد الدول التي تعلن أنها لا تستطيع التعايش والتعامل معه.

النظام الإيراني يعاني من الغرور ومن حالة الوهم التي أدخل نفسه فيها فسيطرت عليه وظل يعتقد أنه «الصح» الوحيد في العالم وأن العالم لا يمكن أن يعيش من دونه وأنه لو اجتمعت كل دول العالم، بإنسها وجنها، على أن يمسوا شعرة منه فلا يتمكنون، ولهذا فإنه لا يتعامل بواقعية وبمنطق مع العقوبات الأمريكية حتى وهو يرى ما فعلته في أيام معدودات ويرى كيف صار حال المواطن الإيراني وكيف صار يتذمر من غلاء الأسعار نتيجة تلك العقوبات ونتيجة عناد ونحاسة النظام وقادته.

ليس بهذه العقلية يمكن حل مشكلات النظام مع دول العالم ومع الداخل الإيراني، وليس بالإصرار على الموقف السالب يمكنه تحقيق ذلك أو حتى جزءاً منه، فمثل هذه الأمور تحل بطرق أخرى ليس للعناد والنحاسة فيها مكان.

العقلية التي تحكم هذا النظام وإصراره على التمسك بها والتعامل بها مع العالم ستوصله في خاتمة المطاف إلى اليوم الذي سيشهد فيه العالم تمكن المعارضة الإيرانية من تحقيق أهدافها وتسلم السلطة، أو بالأحرى استعادتها، إذ من غير المعقول أن يقبل الشعب الإيراني بالحال التي صار فيها والتي منها صعوبة حصوله حتى على حليب لأطفاله ولقمة نظيفة يسد بها جوعه الذي يزداد يوماً في إثر يوم نتيجة السياسة الرعناء التي يعتمدها نظام الملالي.

القرار الأمريكي الأخير أعطى المعارضة الإيرانية المتمثلة في «مجاهدي خلق» الأمل في استعادة الثورة التي اختطفها هذا النظام قبل أربعين سنة وأدخل الشعب الإيراني في السنوات العجاف فتخلف عن الحضارة، ولأن هذه المعارضة تعرف عقلية هذا النظام وطريقة تفكير قادته واعتمادهم نهج العناد والنحاسة لذا زادت مساحة تفاؤلها ببلوغ أهدافها وإنقاذ الشعب الإيراني من الحال التي صار فيها،

كلما زاد عدد الإيرانيين الذين يجدون صعوبة في توفير الحليب من الصيدليات لأطفالهم كلما أيقنت المعارضة الإيرانية أنها تقترب من اليوم الموعود.