الجزائر - جمال كريمي، (وكالات)

وصف وزير المجاهدين الجزائري الطيب زيتوني اعتراف فرنسا بمسؤوليتها عن وفاة المناضل الفرنسي موريس أودان خلال حرب الجزائر تحت التعذيب بأنه "خطوة إيجابية".

وقال الوزير الطيب زيتوني في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية إن قرار الرئيس إيمانويل ماكرون الاعتراف بقتل موريس أودان المناضل من أجل القضية الجزائرية هي "خطوة إيجابية يجب تثمينها".



واعترفت فرنسا رسميا، أنها أسست "لنظام" يلجأ إلى "التعذيب" إبان حرب الثورة التحريرية، كما أقرت بمسؤوليتها عن اختطاف وتصفية الناشط أستاذ الرياضيات المناصرة للثورة الجزائرية موريس أودان وتعذيبه وقتله، ووصفت الحكومة الجزائرية الخطوة الفرنسية بـ"الإيجابية"

وتوجه الرئيس إيمانويل ماكرون، إلى منزل أرملة أودان، جوزيت، واعتذر لها.

وقال "الشيء الوحيد الذي أقوم به هو الاعتراف بالحقيقة"، كما أعلن أنه سيقوم بفتح "الأرشيف المتعلق بقضايا اختفاء مدنيين وعسكريين من فرنسيين وجزائريين"، ورحبت أرملة موريس أودان، جوزيت أودان وأولادها، بخطوة الرئيس الفرنسي، وقالت "هذا الاعتراف سيدخل في إطار محاربة سياسة التعذيب التي استخدمت كأداة للقمع ونشر الرعب في العالم".

وفي الجزائر، اعتبر وزير المجاهدين، الطيب زيتوني، اعتراف الدولة الفرنسية بمسؤوليتها في تعذيب واختفاء موريس أودان، "خطوة إيجابية يجب تثمينها".

وفي تصريح للصحافة على هامش جلسة في البرلمان، قال الوزير إن "الجرائم التي اقترفتها السلطات الفرنسية إبان الحقبة الاستعمارية في حق الجزائريين لا ينكرها إلا جاحد وجاهل للتاريخ"، مضيفا أن "خطوة الرئيس الفرنسي دليل على أنه سيكون هناك المزيد من الاعترافات".

وفي موضوع ذي صلة، أكد عضو الحكومة الجزائرية، أن "اللجان المكلفة بملفات استرجاع أرشيف البلاد المتعلق بالحقبة الاستعمارية وجماجم زعماء المقاومة الجزائرية المتواجدة بمتحف الإنسان بباريس، وتعويض ضحايا التجارب النووية بالصحراء الجزائرية لا تزال تعمل وستعرف انفراجا قريبا".

وتعاني العلاقات الفرنسية الجزائرية من آثار الذاكرة الاستعمارية، حيث طالبت قوى سياسية ومدنية في الجزائر باريس بتقديم اعتراف بجرائم الاستعمار واعتذار رسمي عن جرائمها في الجزائر وتعويضات للضحايا.

وتطالب الجزائر بمعالجة 4 ملفات تاريخية بين البلدين تتعلق باستعادة الأرشيف الجزائري الموجود في باريس، وقضية تعويض ضحايا وآثار التفجيرات النووية، التي قامت بها فرنسا في الجزائر منذ عام 1958 في الصحراء، وتسوية ملف المفقودين الجزائريين، الذين اختفوا أثناء فترة الاحتلال في السجون والمعتقلات وتعويض واسترجاع جماجم قادة المقاومة الشعبية الجزائرية الموجودة في متحف بباريس منذ أكثر من 150 سنة".

وكان الرئيس الفرنسي السابق فرانسوا هولاند، قد اعترف أمام البرلمان سنة 2012 بالمعاناة التي عاشها الشعب الجزائري على يد الاستعمار الفرنسي، وقام كاتب الدولة المكلف بالمحاربين القدامى والذاكرة جون مارك تودتشيني، بتجسيد ذلك الاعتراف حينما تنقل في أفريل 2015، إلى مدينة سطيف للترحم على روح سعّال بوزيد، أول ضحية لمجازر 8 مايو 1945، والتي خلفت 45 ألف قتيل جزائري. كما أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لم يتردد في وصف الاستعمار بأنه جريمة ضد الإنسانية، عندما قال إن "الاستعمار جزء من التاريخ الفرنسي، إنه جريمة، جريمة ضد الإنسانية، إنه وحشية حقيقية وهو جزء من هذا الماضي الذي يجب أن نواجهه بتقديم الاعتذار لمن ارتكبنا بحقهم هذه الممارسات".

لكن خطوة ماكرون توقفت عند سقف وصف الاستعمار بالجريمة فقط، ولم يرقَ للاعتراف بمسؤولية بلاده، حيث عدَل ماكرون لما تولى الرئاسة من خطابه، وقال "لن أقول إن فرنسا ستدفع تعويضات أو تعترف سيكون ذلك سخيفا.. لا بد أن تكون هناك مصالحة للذاكرة يعني في تاريخ فرنسا بإفريقيا يجب أن نتحدث عن هذه الصفحات السوداء والمجيدة وهناك عمل تاريخي يجب أن يتواصل"، وتابع " قلت دائما لا إنكار ولا توبة "اعتذار"، لا بد من رؤية الأشياء أمامنا هذا تاريخنا المشترك.. وإلا سنبقى في فخ هذا التاريخ الذي هو بلا نهاية".

وتبحث فرنسا عن إقامة علاقة مع الجزائر بعيدة عن إرهاصات الذاكرة، حيث تردد بضرورة النظر إلى المستقبل، ومطالبة الجزائر بنسيان الماضي، حيث سبق للرئيس السابق نيكولا ساركوزي إذ قال إنه "ليس على الأبناء الاعتراف بجرائم الآباء".