خلال متابعتي لتلفزيون «العربية الحدث» لمعرفة ما يدور وما يجول في العالم العربي والعالم أجمع بشكل عام، وبلا شك فإن الملف اللبناني يأخذ مني حيّز التركيز الأكبر وذلك لكثرة الأحداث والمجريات التي تدور فيه، فهو يشبه تماماً كوب الكوكتيل أي عصير الفواكه المتجانس، كل مرة تسمع أخباراً بنكهات متعددة وألوان متغيرة وبطعم مميز. فمستحيل أن تسمع أو تشاهد نشرات أخبار لبنانية يسودها الملل أو يكللها الضجر، فلابد أن يكون كل متابع لهذا الملف محاطاً بالإثارة والتشويق.

وعلى سبيل المثال لا الحصر «عهد العلوج» والذي يعتبر الآن ترند أي #الوسم الأكثر انتشاراً على برامج التواصل الاجتماعي. حيث أول ما تعرفنا على هذه التسمية أي «العلوج» في خطاباته في زمن الغزو الأمريكي للعراق وهو محمد سعيد الصحاف وزير الإعلام العراقي. لكن الآن بتنا نسمعها من جديد على لسان أحد القادة السياسيين العمالقة في لبنان والوزير السابق «وليد جنبلاط» زعيم الطائفية الدرزية والذي تميز بحنكته السياسية وتصريحاته اللاذعة سواء المكتوبة أو الشفوية «زعيم مش خايف من حدا» عدا عن تميزه بحضوره جلسات مجلس النواب ببنطال الجينز وجاكيت الجلد «الكاجوال» والآن يشارك صورة العرض الخاصة بحسابه على «توتير»، «هو محتضناً كلبه» محاولاً أن يرسل رسالة امتعاض من سياسة «القط والفار» التي تحدث بين إدارات الوزارات ويكون ضحيتها موظفون ومواطنون أبرياء. وصدق من قال: «ربّ صورة فاقت ألف كلمة».

مثال آخر حقيقي أشارككم به، فللكيديات السياسية في لبنان حظ كبير. وهي تحدث أمام العلن «وما في داعي أبداً تصير تحت الطاولة». المختصر بالموضوع لقد أعفى وزير التربية والتعليم، «رئيسة دائرة الامتحانات» في الوزارة والتي تنتمي لحزب تابع لرئيس الجمهورية حيث عين مكانها مسؤولة تنتمي لحزب متفق معه سياسياً واستراتيجياً، لسبب أن حزب الوزير وحزب رئيس الجمهورية للأسف لا يتفقان. بالمقابل رد «الحزب التابع لرئيس الجمهورية» أنه سينفذ سياسة الانتقام في حال لم يتراجع وزير التربية والتعليم عن قراره. وبالفعل فإن التهديد تحول إلى حقيقة، وتم إقالة «مسؤولاً» تابعاً لحزب وزير التربية والتعليم من إحدى الإدارات المسيطر عليها حزب رئيس الجمهورية. وبناءً على ما حدث ويحدث أصدر الوزير السابق «وليد جنبلاط» تصريحاً فيه الكثير من الامتعاض في حساب «تويتر» الخاص به واصفاً خصومه، كاتباً: «بئس الساعة التي أتت بها للحكم. علوج».

فكلما تابعت الملف اللبناني كلما ازددت ثراءً فكرياً ولغوياً لسبب ما تشهده من أحداث متجددة باستمرار ومواقف متبدلة غير ساكنة تكسر دائرة الرتابة والروتين.. يتميز به عن كثيرين.

وإلى الشعب الأبِي بأرض العز والكرامة أهدي له كلمات الشاعر جبران خليل جبران، لعل وعسى يكون بها صدى..

إنّي أحـــس فـي الصـدور حـــرجاً

يقيمـــا وفــــي الــــزفيــر صدا

إيّاكم الفتنــة فهي لـو فشــــــت

في أجمـات الأسـد تُفنـي الأسـدا

أمـا رأيتـم صــدأ الســيف وقــد

غــال الفـرنـــد ثـمّ نال الغمــدا

فـلا تفــرقوا ولا تنــازعوا

أعـداؤنـا شوس وليسـوا رمـدا