«جوني حصل على مسدسه»، رواية للمؤلف الأمريكي دالتون ترامبو «1905 - 1976»، فازت بالجائزة الوطنية للكتاب وجائزة الكتاب الأكثر أصالة. للأسف الشديد لم أتمكن من الوصول للرواية الأصلية كاملة، ولكني قرأت ملخص قصتها من خلال عدة مصادر بعضها تحدثت عن الحرب بمنظور نقدي، ورغم أن المصادر قد فعلت، ولكني لا أقصد من هذا المقال الوقوف فقط على الحرب التي نعرفها وحسب، وإن كنت لا أستثنيها، فالحياة مليئة بالحروب بأشكال كثيرة، وقد ارتأيت أن أورد قصة تلك الرواية كما قرأتها تقريباً، لما تحمله من العبر رغم اقتضابها.

تحكي الرواية قصة جو بونهام، جندي أمريكي شاب خاض مع بقية الجنود الحرب العالمية الأولى، ولم يستيقظ إلاَّ وهو ملقى على سرير في أحد المستشفيات بعد إصابات بالغة تعرض لها متأثراً بانفجار قذيفة متفجرة. فيجد بونهام نفسه وقد فقد ذراعيه وساقيه، وكذلك عينيه وأذنيه وأسنانه ولسانه.!! وأن أكثر ما كان يعمل منه على نحو طبيعي كان عقله، إذ كان ما يزال يستطيع التفكير جيداً. فيبقى بونهام سجيناً في ما بقي من جسده، يفكر في الانتحار ويبحث عن طريقة، فيلهمه عقله بالاختناق، ولكنه يكتشف أن قصبة هوائية كان قد زرعها الأطباء في جسده، وهي ما لا يستطيع السيطرة عليه في ظل الظروف التي يقبع تحتها.

ورغم أن بونهام يتمنى الموت ويسعى إليه، يقرر أنه يريد أن يوضع في صندوق زجاجي وأن يؤخد بجولة في كافة أنحاء البلاد ليعي الناس معنى خوض الحرب وما هي فظائعها. يسعى جاهداً أن يبلغ الأطباء بما يريد من خلال نجاحه في إيجاد طريقة تواصل معهم، عبر ضرب رأسه على الوسادة كإشارة أو شيفرة مورس، لكنه بعد جهد بالغ يدرك أن إحدى رغبتيه «الموت أو أن يكون عبرة للآخرين» لن تتحقق، وأنه سيعيش باقي حياته حبيساً لأفكاره كما هو عليه، متجولاً بين بعقله بين الواقع والفانتازيا، مسترجعاً ذكريات مرت بحياته جمعته بصديقته وبعائلته، ثم يفكر ملياً كيف يُروج للحرب على أنها خير، بينما كانت أبرز نتائجها الحالة التي يقبع فيها، ومثله كثيرون.

* اختلاج النبض:

لقد لامست فيّ الرواية كثيراً من المشاعر، وشكلت نوعاً من المحاكمة لضمير جمعي غائب يحتويني كجزء من مجتمع أو جزء من العالم، كانت تلك القصة دعوة للتأمل في ثنائية الموت والحياة، وفي نوعية الحياة المحكوم على الفرد منا أن يعيشها أو يختارها بانخراطه في نشاط ما دون غيره، كالحرب مثلاً..!! والبحث في مفارقات الحياة المختلفة وكيف أننا قد نكون على مستوى من الأهمية لتحقيق أهداف ما، بينما في وقت لاحق لا يغدو لنا من الأهمية أو الاهتمام أدناهما، حتى أن بقاءنا قد يشكل عبئاً على آخرين، قد يكونون هم نفسهم أصحاب الأهداف التي تفانينا من أجلها.