القاهرة - عصام بدوي، (وكالات)

توفي الفنان المصري جميل راتب، عن عمر يناهز الـ92، بعد صراع مع المرض حيث كان يتواجد في مستشفى "الأنجلو أمريكان" بالقاهرة. وأعلنت وسائل إعلام مصرية، أن الفنان القدير توفي صباح الأربعاء عن عمر يناهز 92 عاما.

وكشف مدير أعمال راتب، هاني التهامي مؤخرا، أن الفنان فقد صوته دون وجود أمل في استعادته، بعدما أخبره الأطباء في فرنسا أن هناك صعوبة في أن يستعيد راتب صوته مرة أخرى.



وكان راتب يعاني من أزمات صحية متتالية في الفترة الأخيرة بسبب تقدمه في العمر، وهو ما تسبب في فقدانه لصوته، وتواجد في المستشفى من أجل الرعاية.

ولد الفنان جميل راتب في أغسطس عام 1926، وكان أول ظهور سينمائي له عام 1946 من خلال فيلم "أنا الشرق".

وشهدت رحلة راتب السينمائية سفره إلى فرنسا من أجل المشاركة في عدد من الأعمال، ليعود بعدها إلى مصر ويشارك في عدد كبير من الأفلام أبرزها "الكيف" و"حب في الزنزانة" و"طيور الظلام".

اختار جميل طريق الفن وشكلت الخطوات صورته، بداية من مشاركته في الفرقة المسرحية لمدرسة الحقوق الفرنسية، وسفره بعد عام فيها إلى باريس لاستكمال دراسته، التي أضفت على شخصيته طابعا خاصا، فصاحب المؤهل السياسي، لفظ الحياة الدبلوماسية، واختار التمثيل شريكا، لم يستسلم أو يرفع "الراية البيضاء" أمام مشوار لم يرتضه.

حصل راتب في الأربعينيات على جائزة الممثل الأول وأحسن ممثل على مستوى المدارس المصرية والأجنبية في مصر، وبدأ مشواره الاحترافي بعمل فرنسي، ووقف أمام "كلود جودار" الممثلة الفرنسية العالمية عام 1946.

وسجل التاريخ أن الشاب المصري كان ضمن أبطال فريق "أنا الشرق"، الذي ضم مصريين آخرين أمثال جورج أبيض، وحسين رياض، وتوفيق الدقن.

قدم راتب للسينما المصرية أكثر من 200 فيلم على مدار أكثر من 40 عامًا، أبرزها "لورانس العرب"، و"البهظ بيه"، وحصل على العديد من الألقاب الأنيقة، حتى في الأعمال الدرامية، لم يكن هناك بديلا له لتجسيد "الخواجة جيوفاني"، فيما كان "أبو الفضل" جدًا مميزًا لأبناء ونيس، و"السفير مفيد أبو الغار" نموذجًا مختلفًا لأصحاب المبادئ، الرافضين التسليم لأمثال "فضة المعداوي"، "سناء جميل"، في مسلسل "الرايا البيضا" التي سبقته في الرحيل عن عالمنا.

سطع نجم جميل في السبعينات والثمانينات، وشهدت التسعينات تألقه مع السينما العربية بدور مع الممثلين جليلة بكار، وفتحي الهداوي، في الفيلم التونسي الرومانسي "شيشخان"، والذي أخرجه محمود بن محمود والفاضل الجعايبي، وعُرض عام 1990، ثم مع الفنانة شريهان في الفيلم التونسي "كش ملك" أو "mate Check"، وطُرح للعرض عام 1994.

لم تغب صورة "البرنس" الفرنسي عن الحياة الشخصية لجميل، حتى أنه تزوج من فتاة فرنسية، كانت تعمل بالتمثيل، قبل اعتزالها وتفرغها للعمل كمديرة إنتاج ثم منتجة منفذة ومديرة لمسرح الشانزيليزيه.

لآخر لحظة، ظل جميل راتب على الشاشة، بابتسامة هادئة، رفض أن يغادر قبل ترك صورة الرجل صاحب الطراز الرفيع باقية، فكانت آخر أعماله الدرامية، مسلسل "شمس" مع الفنانة ليلى علوي العام الماضي.

وفي إحدى مقابلاته، قال راتب إنه لا ينسى 3 شخصيات في حياته: الأول سائق أوتوبيس نقل عام شاهده يسير في الشارع فتوقف ونزل من الأوتوبيس ليصافحه، والثانية عاملة نظافة في مطار القاهرة لم تتركه أبداً عندما كان يسافر من المطار وتعمل على راحته حتى ركوبه الطائرة، والأخير سائق تاكسي علم أن الفنان الراحل ليس له أولاد فقال له "كلنا أولادك" وظل حريصاً على الاتصال به ومتابعة أخباره.

وعاد راتب إلى الكاميرات بعد غياب سنوات لظروفه الصحية بعد عرض مسلسل "ونيس والعباد وأحوال الولاد" عام 2011، ثم غمرته السعادة وقتها قبل أن يسلم رايته البيضاء صباح الأربعاء بعد عمر بلغ 92 عامًا. وأنهى المرض رحلة الفنان المصري جميل راتب، بعد مسيرة فنية طويلة قدم فيها العديد من الأعمال التي يحفظها الجمهور.