أن تكون حسينياً يعني أن تلتزم بمبادئ الإسلام وأن تتخلق بأخلاقه وأن يكون سلوكك سلوك الإنسان المسلم ويكون عملك خالصاً لوجه الله تعالى، فهذا هو الذي خرج من أجله الإمام الحسين عليه السلام، وهو الذي ضحى من أجله بنفسه وبأهل بيته وبأصحابه. أن تكون أخلاقك أخلاق الحسين هو الأساس وهو الغاية، عدا هذا لا يمكن أن يكون من الحسين ولا يمكن لممارسه أن يكون حسينياً، فالحسين مدرسة، وأساس مدرسته الأخلاق. تخلقْ بخلق الحسين والتزم بالمبادئ التي خرج من أجلها تكنْ حسينياً. لا يمكن أن تكون حسينياً بحكم العادة والموروث، ولا يمكن أن تكون حسينياً وأنت تفعل الشيء ونقيضه. يكفي أن تكذب كي أقول عنك وبالفم الملآن إنك لست حسينياً.. وقس على ذلك.

الحسين قيمة، ولا قيمة لك إن لم تدرك هذه القيمة أو فعلت ما يجرحها، والحسين مبدأ، ولا قيمة لك إن خالفت هذا المبدأ الذي عنوانه ومتنه الإسلام، والحسين راية، ولا قيمة لك إن نكستها بفعلك الناقص وسلوكك البذيء. التزم بالإسلام تكنْ حسينياً. هكذا ببساطة. أما من يقول بغير هذا فلا يعرف الحسين ولا يعرف شيئاً عنه ولا عن كربلاء، فكربلاء لم تأت لنبكي أو نتباكى وإنما أتت لتكون سبباً لالتزامنا بالإسلام ومبادئه ولنتخلق بأخلاقه.

هذا هو ملخص عاشوراء وملخص الحسين، وعليه فإن الكثير من الممارسات التي يراها العالم في هذا اليوم – يوم العاشر من شهر محرم – في مختلف البلدان التي تحتفي بهذه المناسبة لا علاقة لها بالحسين وبرسالة الحسين وأولها التطبير الذي ليس إلا أذى للنفس وتلويثاً لذكرى سيد الشهداء، إذ الأولى منه التبرع بالدم وخدمة الناس والعمل على الارتقاء بهم. والأمر نفسه فيما يخص الممارسات الأخرى الدخيلة على المناسبة والتي تسيء لرسالة الحسين بدلاً عن أن تخدمها.

التعبير عن حب الحسين أمر طيب ومطلوب، لكن هذا التعبير إن أوصل رسالة معكوسة ومناقضة لرسالة الحسين يكون إساءة للإمام ولجده عليه الصلاة والسلام. وعليه فإن كل ممارسة تجرح سيرة الحسين ورسالته تعتبر خارجة وينبغي رفضها من الجميع، وكل خلق يناقض خلق الحسين فهو يناقض الإسلام وينبغي رفضه.

التعبير الأفضل عن حب الحسين هو التخلق بأخلاقه عليه السلام وبأخلاق آل البيت الكرام والتمسك بالإسلام الذي خرج من أجل الحفاظ عليه بعدما اعتراه ما اعتراه في ذلك الحين وكاد يحرفه، والتعبير الأفضل عن هذا الحب هو بالعمل على كل ما يعين الآخرين على التخلق بأخلاق سيد الشهداء ومبادئ الإسلام الحنيف.

الخروج في مسيرة صامتة يتم خلالها رفع الأعلام التي تؤكد على ما خرج من أجله الحسين أفضل مليون مرة من موكب يمارس المشاركون فيه ما قد يسيئ إلى المناسبة ويحرفها، مثل هذه المسيرة تأثيرها يختلف كثيراً عن تأثير موكب التطبير أو إدماء الظهور والصدور الذي يوفر مشاهد لا يؤيدها الكثيرون وإن شاهدوها صامتين. لنتصور مسيرة صامتة يشارك فيها الآلاف تقرأ خلالها آيات من القرآن الكريم أو تروى خلالها سيرة الحسين، ثم لنتصور مقدار تأثيرها على كل من يشاهدها. الأكيد أن تأثيرها يفوق تأثير الممارسات التي يقوم بها المشاركون في عزاء سيد الشهداء اليوم وما سبقه من أيام وفي الأعوام السابقة.

مثل هذا الكلام لا يقبل به البعض الذي يعتقد أن الغاية منه ومن هذه الدعوات هي التأثير على مظاهر الاحتفال بذكرى عاشوراء لإنهائها، لكن سيتبين لهم عكس هذا لو تمت تجربته في أي دولة من الدول التي تحتفل بمناسبة عاشوراء ولو مرة واحدة.