* اجتماع "أوبك" في الجزائر: لا زيادات إضافية في إمدادات النفط

* المزروعي: "أوبك" ليست منظمة سياسية ودورها تحقيق توازن السوق النفطي

* الجزائر تدعو لتوحيد الجهود وانتقال مرن للحفاظ على التوازن الحالي للسوق



* "أوبك" ترفع توقعاتها بالنسبة للإنتاج النفطي الأمريكي

الجزائر - جمال كريمي، (وكالات)

اختتمت منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفاؤها من المنتجين المستقلين ومن بينهم روسيا اجتماعهم، دون توصية رسمية بأي زيادة إضافية في الإمدادات، وأكدت الدول إرادتها في العمل أكثر على تعزيز الاستقرار الذي يميز السوق النفطية حاليا. وقالت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في تقرير نشرته الأحد إن إنتاح الولايات المتحدة من النفط سيكون أكثر من المتوقع، كما توقعت المنظمة زيادة واضحة في الطلب العالمي على النفط في الأمد البعيد.

من جانبه، قال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح الأحد في الجزائر إن البلدان في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وأخرى من خارجها مرتبطة باتفاق حول إنتاج الخام منذ عام 2016 ستبحث إمكانية زيادة الإنتاج "في الوقت المناسب".

وقد أجمع وزراء دول "أوبك"-خارج "أوبك" خلال مشاركتهم في الاجتماع العاشر للجنة الوزارية المشتركة لمتابعة اتفاق خفض الإنتاج النفطي لأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وشركاءها من الدول المنتجة خارج أوبك، بالجزائر، على ضرورة الإبقاء على الحوار بينهم وبين الدول المستهلكة، معتبرين أن ذلك سيسمح ببلوغ أسعار تخدم اقتصاد الطرفين.

وفي كلمته الافتتاحية لأشغال الاجتماع، دعا وزير الطاقة الجزائري، مصطفى قيطوني، الدول المنتجة والصناعة النفطية وكذا المستهلكين إلى توحيد جهودهم الإيجابية مع ضمان انتقال مرن للحفاظ على التوازن الحالي للسوق النفطية".

وحسب الوزير فإن للجنة الوزارية المشتركة لمتابعة اتفاق خفض الإنتاج النفطي لأعضاء منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وشركائها من الدول المنتجة خارج أوبك تعكس الحكم الراشد الذي يعطي للسوق الرؤية اللازمة والمزيد من الشفافية خاصة على مستوى العرض الشهري الخاص بـ 25 بلدا مُوَّقِعا".

وذكر المسؤول الأول عن قطاع الطاقة في الجزائر أنه خلال الأشهر الأولى من تطبيق إعلان التعاون أوبك-خارج أوبك الذي تمت الموافقة عليه من طرف 25 بلدا منتجا للنفط "أثّرت بعض الشكوك غير المبررة في قدرتهم الجماعية على العمل بنجاعة للتخلص من فائض المخزون واستعادة توازن السوق النفطية".

وتابع المسؤول الأول عن قطاع الطاقة يقول "لقد أظهرنا جميعنا مهارات القيادة والمرونة و الحكم الراشد"، مضيفا أن إعلان التعاون أوبك-خارج أوبك كان نجاحا "متميزا" و"تاريخيا".

من جهة أخرى، قال المتحدث، إنه يجب حاليا وضع السبل والوسائل الكفيلة "بضمان ديمومة تعاوننا وكذا الحفاظ على أسس الحوار الدائم ليس فقط بين دول أوبك-خارج أوبك ولكن بين البلدان المنتجة والمستهلكين كذلك".

من جهته صرح رئيس "أوبك" ووزير الطاقة والصناعة في دولة الإمارات عربية المتحدة، سهيل محمد المزروعي أن "أوبك ليست منظمة سياسية ودورها يتعلق بالأحرى بتحقيق توازن السوق النفطي".

وأشار المزروعي إلى أن "أوبك ليست منظمة سياسية وهي غير معنية بالضغوطات السياسية"، ملمحا إلى "المنشورات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب عبر "تويتر"، والتي طلب فيها من دول "أوبك" رفع إنتاجها واتهمها بـ "الدفع نحو رفع مستمر لأسعار النفط".

وفي هذا الشأن، حدد الوزير الإماراتي أن ""أوبك" غير مكلفة بالدفع إلى رفع أو خفض أسعار النفط وإنما من أجل تحقيق توازن السوق"، كما أكد الرئيس الدوري لأوبك أن "قدرات الإنتاج الحالية يمكنها ضمان والحفاظ على توازن السوق النفطي العالمي".

وصرح قائلا "أعتقد وأتمنى بأنه مع القدرات التي نملكها نستطيع التحكم والحفاظ على هذا التوازن لمدة أطول"، وأضاف قائلا "لا نريد أن يستمر تفريغ المخزونات أكثر من هذا ولا خام أكثر في السوق".

وقال المزروعي إنه "لا يمكننا النجاح من دون الثقة بين المنتجين الأعضاء في أوبك وغير الأعضاء وكذا مع الدول المستهلكة".

وتابع قائلا أن "الاتفاق بين "أوبك" وشركائها لا يستهدف أسعار النفط فحسب، ولكن يسعى إلى استقرار السوق"، مردفا بالقول "سنواصل على التحلي بالحكمة"، وأوضح انه "يجب أن نستمر في استباق العرض والطلب لتفادي أخطاء السوق النفطي".

في نفس السياق، اعتبر أن التحديات ستكون أكثر صعوبة "إذا لم نعمل سوية"، كما أعرب عن رغبة منظمة "أوبك" في استقطاب الدول المنتجة خارجها في إطار اتفاق الخفض العالمي من أجل المساهمة في الحفاظ على توازن السوق، وأكد قائلا "نأمل في أن يدوم استقرار السوق لفترة طويلة".

من جانبه، أكد الأمين العام لمنظمة "أوبك" محمد سنوسي باركيندو أن "الجهود المبذولة من طرف الدول الأعضاء وغير الأعضاء في أوبك مكنت من إعادة الاستقرار للسوق"، داعيا إلى "مواصلة الحوار حول تقلبات السوق من أجل الحفاظ على توازنه".

من جانبه، أكد وزير الطاقة السعودي خالد الفالح، أنه "واثق من أن البترول المعروض سيبقى متوفرا في السوق النفطية العالمية بشكل كاف وذلك من خلال اتخاذ "الإجراءات الملائمة" على المدى البعيد".

وأوضح الفالح في تصريحات صحفية على هامش أشغال الاجتماع بأن المملكة السعودية "لا تؤثر على الأسعار"، مضيفا أنه "لا يوجد اتفاق لرفع إنتاج البترول حاليا".

وأشار الوزير السعودي إلى أن "الاستقرار الذي تعرفه حاليا أسواق النفط العالمية مع بلوغ الأسعار مستوى 80 دولارا مرضي للمنتجين والمستهلكين"، على حد سواء.

ووفق الوزير السعودي، فإن التعاون والاتفاق الحاصل بين المنتجين من داخل منظمة أوبك وخارجها قد ساهم في استقرار السوق، لكن هذا الاستقرار بحسبه بحاجة إلى دعم لكي يستمر في الزمن، من خلال الحوار والتعاون بين الطرفين.

وشدد الفالح على ضرورة قراءة المستقبل والبحث عن التوازن ما بين العرض والطلب والحرص على ضمان كميات نفط كافية في السوق الدولية، التي يجب أن لا تنقطع عنها الإمدادات ما قد يضر بالاقتصاد العالمي.

وقال الفالح في هذا الإطار "إننا نعبر عن رضانا بخصوص السوق العالمية بفضل التعاون بين المنتجين من أوبك وخارجها".

وقال وزير الطاقة السعودي إن البلدان في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" وأخرى من خارجها مرتبطة باتفاق حول إنتاج الخام منذ عام 2016 ستبحث إمكانية زيادة الإنتاج "في الوقت المناسب".

وأوضح الفالح وهو رئيس اللجنة الوزارية لمتابعة الاتفاق حول خفض إنتاج دول من أوبك وخارجها مجتمعة بالجزائر أنه "إذا كان التوازن بين العرض والطلب مقبول "حاليا" فسنبقى نراقب من كثب وسنرد في الوقت المناسب وبالإجراءات الملائمة، كلما دعت الحاجة" فيما يبدو ردا على طلب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وكان ترامب طلب من دول أوبك خفض أسعار الخام، في حين من المنتظر أن تؤدي العقوبات الأمريكية على طهران إلى انهيار الصادرات النفطية الإيرانية خلال الأشهر القادمة وبالتالي تراجع المعروض في الأسواق العالمية.

وأشار الفالح إلى ضرورة مواصلة "استباق أي خلل في التوازن بين العرض والطلب " معبرا عن تأييده لخطوات "تتجنب ظروفا تؤدي إلى إثارة قلق الدول المستهلكة".

وتابع "هذا يعني خصوصا تقديم عرض مناسب وتفادي أي ندرة في السوق"، مكررا ذلك مرتين.

واجتمعت الدول الموقعة عام 2016 على وضع سقف لإنتاج النفط ورفع الأسعار بالجزائر الأحد من أجل دراسة وضع السوق العالمي وإمكانية تعديل الاتفاق.

وبين هذه الدول السعودية وروسيا وهما بين أكبر ثلاث دول منتجة للنفط مع الولايات المتحدة.

وكانت السعودية وروسيا دعتا في يونيو إلى تعديل الاتفاق من أجل زيادة الإنتاج وتعويض النقص الذي ستسببه العقوبات الأمريكية على إيران التي وقعت على الاتفاق.

وصرح ممثل إيران لدى "أوبك" ورئيس الوفد في اجتماع الجزائر، حسين كاظم بور أردبيلي أن بلاده ستواصل "إنتاج حصتها" من النفط مؤكدا أنه يتوقع أن تقوم الدول المستوردة للنفط الإيراني بـ "ممارسة سيادتها وعدم الرضوخ لإملاءات ترامب".

من جانبه، دعا وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، إلى توسيع التعاون بين الدول المنتجة للنفط في منظمة أوبك وخارجها لتحقيق استقرار بعيد المدى في السوق العالمي.

وأوضح نوفاك في كلمة ألقاها في جلسة افتتاح أشغال الاجتماع بأنه "مع اقتراب نهاية 2018 "تاريخ انتهاء اتفاق خفض الإنتاج"، من الضروري أن نفكر مليا في توسيع شراكتنا لمواجهة التحديات الجديدة التي نواجهها اليوم ومستقبلا".

من جهة ثانية، قالت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في تقرير نشرته الأحد أن إنتاج الولايات المتحدة من النفط سيكون أكثر من المتوقع، كما توقعت المنظمة زيادة واضحة في الطلب العالمي على النفط في الأمد البعيد.

وجاء في التقرير أن العرض العالمي من المحروقات السائلة "نفط وغاز طبيعي مسال.." سيرتفع من 98.4 مليون برميل يوميا في 2018 إلى 111.9 مليون برميل يوميا في 2040.

وهذه الأرقام اكبر بقليل مما توقعته المنظمة العام الماضي، والفارق سببه الزيادة المتوقعة لإنتاج النفط في دول غير أعضاء في أوبك وخصوصا الولايات المتحدة.

ويتوقع أن يرتفع إنتاج دول لا تنتمي إلى أوبك بـ 8.6 ملايين برميل يوميا ليبلغ 66.1 مليون برميل يوميا بين 2017 و2023 بسبب زيادة أكبر في الطلب وارتفاع أسعار النفط، بحسب التقرير.

بيد أن ذروة إنتاج هذه الدول متوقعة مع نهاية سنوات 2020 ما سيتيح لأسعار نفط دول أوبك التي يتوقع أن تنخفض في الأمد المتوسط، أن تعاود الارتفاع بقوة.

ورغم تنامي سوق السيارات الكهربائية وسياسات التحول في مجال الطاقة، فان الطلب العالمي على النفط سيواصل الارتفاع، بحسب أوبك.

ويتوقع أن يرتفع الطلب من 97.2 مليون برميل يوميا في 2018 إلى 104.5 ملايين برميل يوميا في 2040 وهو رقم أعلى بقليل مما توقعته المنظمة في 2017.

لكن نسق زيادة الطلب سيتباطأ بقوة بين 2035 و2040 بسبب تطور قطاع السيارات الكهربائية وجهود النجاعة في مجال الطاقة.

وأشار التقرير خصوصا إلى تباين كبير بحسب مناطق العالم. إذ سيزداد الطلب على النفط في الدول الناشئة بسبب نموها الديمغرافي وتنامي طبقاتها المتوسطة واقتصادها.

وفي المقابل سيشهد الطلب على النفط في دول منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية تراجعا مع بداية سنوات 2020.

لكن في أفق 2040 سيبقى النفط أول طاقة مستهلكة في العالم متقدما على الغاز والفحم.