* يقول الكاتب علي الفيفي في حديثه عن اسم الله «الهادي»: «يهديك بما تظنه صدفة، يهدك بآية تسمعها في صلاة، ويهديك برؤيا تراها، ويهديك بنصيحة عابرة، ويهديك بكلمة تقع عينك عليها في كتاب، ويهديك بتأمل، ويهديك بومضة غير مسبوقة بتفكير، ويهديك بظروف تدفعك إلى الصواب، ويهديك بالخوف، ويهديك بالحب، ويهديك بالموت! أما سماع القرآن فأصل الهدايات، ومن أعظم ما جعله الله سبباً لهداية عباده، فقد ضمن فيه كل أسباب الهداية والرشد، قال تعالى: «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم».

* مضى في طريقه كما كان لم تثنه ظروف الحياة عن القيام بأدواره المعتادة وواجباته التي قضى على نفسه عهداً بأن يسير في طريقها إلى آخر رمق من حياته.. مضى كالمعتاد قوي النفس لا تزعزعه تلك الإرهاصات التافهة، ولا عراقيل الأيام المتعبة، ولا توافه النفوس المزعجة السابحة في بحور الضمائر الميتة.. هو يعرف في قرارة نفسه أنه لن يتمكن من أن يغير كل من حوله، أو يغير تلك المساحات التي يعمل بها.. ويعرف بأنه لن يتمكن بأن يكون الشخصية الشامخة المثالية التي يرجى منها أن تكون ضالة الحيارى والمنقذة للآخرين.. ولكنه أيقن أن نفسه الطيبة هي التي تدله على الخير وترشده إلى مواطن الصلاح.. نفسه التي ترد إلى «بذرة الخير» في قلبه كلما فتر أو حاد عن الجادة أو أخطأ في حق ربه.. هي «النفس الطيبة» التي لا تقوى في كثير من الأحيان أن تبتعد قيد أنملة عن كل خير يقربها إلى ربها، وعن كل ميدان تجد أنه الأمثل في صنع الأثر.. نفس لا تغيرها تصاريف الزمان لأنها نسجت في قلبها خيوط الحب ومقياس الأثر، فكلما أحست أن المحبين المقربين قد تغيرت ملامح وجوههم، كلما سارعت لقبلة على جبينهم، ولأنها تحب بكل إخلاص فهي لا تفتر أبداً أن تحافظ على علاقات الود التي تجمعها بالمخلصين في دوحة الحياة.. مفاهيم لا يفهمها إلا أصحاب «النفوس الطيبة» التي عاشت بإحساس مرهف قلما نجده في زمان النسيان.

* عندما تسنح لك الفرصة أن تتأمل واقعك وحياتك وماضيك.. وتتأمل تلك الشخوص التي تعيش معهم.. وتلك المواقف التي وقعت فيها واتخذت من خلالها قرارات حاسمة في حياتك.. فإن ملامح وجهك حينها وكأنها في حيرة كما يراها الغير.. ولكنها في واقعها هي تتأمل من جديد حتى تصحح المسار قبل فوات الأوان.. التأمل المقرون بالصمت أحياناً «وإن من الصمت لحكمة».. «فليقل خيراً أو ليصمت».. الصمت الذي يروض النفس أحياناً من تلك الأحاديث التي قد تتسبب أحياناً في إزعاج من تحب، أو تكون سبباً في خسران علاقات قديمة.. يليهما ابتسامة مضيئة هادئة بعيدة عن صخب القهقهات المزعجة أحياناً.. هي النتيجة الحتمية كما يراها صاحب التأمل.. من بعد الصمت.. لتكون له البلسم الشافي بعد كل تلك التأملات التي ظل يسبح في خيالاتها.. تظل الابتسامة هي المخرج الوحيد والنتيجة الحتمية لكل مواقف الحياة.. تذكر دائماً أن تتأمل وتصمت ثم تبتسم.. لأن نفسك طيبة كما يعرفها البعيد والقريب.. هي التي علمتك معاني الحياة الأصيلة.

* نحتاج أن نعزز مفهوم المبادرة في شخصيات الأبناء وبخاصة في المدارس والأعمال الخيرية والتطوعية، فهي أسلوب فاعل لتكوين شخصية قيادية يشار إليها بالبنان، ولتحفيز الناس على عمل الخير دون الانتظار إلى إسداء الأوامر والتعليمات من أرباب المسؤولية.. وبخاصة أن مجتمعاتنا اليوم تفتقر إلى مثل هذه الروح في جميع ميادينها، على عكس تلك الروح الإيجابية التي عشنا ملامحها في جيل الآباء والأجداد.. المبادرة التي تخلق أثراً إيجابياً في نفوس الآخرين عندما تكون في مقدمة ركب الخير سواء وجدت الحاجة أم لا.. فهي مفتاح أبواب الجنان كما قال المولى عز وجل: «وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين». ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم، يصبح الرجل مؤمناً ويمسي كافراً أو يمسي مؤمناً ويصبح كافراً، يبيع دينه بعرض من الدنيا». وورد أن أهل المدينة فزعوا ذات ليلة فانطلق ناس منهم قبل الصوت، فتلقاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعاً وقد سبقهم إلى الصوت. ونذكر هنا مبادرة أبي بكر الصديق رضي الله عنه في الجمع بين أنواع الطاعات من صيام واتباع جنازة وإطعام مسكين وعيادة مريض، فقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما اجتمعن في امرئ إلا دخل الجنة».

* مهما قسى الرجل أو خرج عن صوابه، فسيظل هو القلب الحاني الذي يحتضن تلك المرأة المضحية من أجله وأجل أسرته وأبنائه.. الرجل صاحب «النفس الطيبة» الذي لا يقبل أن يبتعد كثيراً عن ذلك القلب الذي صحبه في الطريق وأحبه وبذل التضحيات الجسام من أجل أن يشيد معه بنيان أسرة إيجابية سعيدة تربي الأبناء البررة الذين يفتخر بهم المجتمع، ويكونون رموزاً شامخة في مجتمع يبحث عن صناع المجد والسعادة والمحبة.. المرأة التي يفيض قلبها حباً وحناناً لأسرة تتشوق إلى حضنها الدافئ كلما صعبت عليها أحوال الحياة.. لن تستغني أي نفس طيبة عن حب وحنان ووئام وإخلاص ومشاعر جياشة تجتمع في قلب امرأة تحملت الكثير في سبيل إنجاب أبناء يملؤون مساحات المنزل بشقاوتهم ومشاجراتهم أحياناً.. لتبقى ذكريات المواقف ترن في مخيلتها في يوم قادم ستخلو فيه المساحات.. لطفاً بكل امرأة فهي لا تتحمل الكثير، وتحتاج إلى لغة خاصة تحافظ على مشاعرها ولا تكسر جناحها اللطيف.

* ومضة أمل:

يجب أن تتحمل كل ظروف الأيام وتظل صامداً كما عهدناك، فليس بمقدورك أن تعجل بإتمام الأشياء، ولا أن تخرج أمامك في كل مرة زاهية كما تحب.. فقط تذكر أن تفوض أمرك إلى الوكيل الذي بيده كل أمورك وتضع ثقتك في تيسيره وتنادي: «فوضت أمري إليك فأنت وكيلي يا الله، اللهم دبر لي أمري فإني لا أحسن التدبير».