في فجر السادس من أكتوبر 1973 تفاجأ العالم بأسطورة سجلها التاريخ المعاصر بأحرف من ذهب حيث تمكن الجيشان العربيان المصري والسوري من تحقيق أكبر نصر بعد الحرب العالمية الثانية، فالجيش المصري تمكن من عبور أكبر حاجز في العالم وهو خط بارليف، وعبور الجيش المصري القناة معجزة ما بعدها معجزة. بدأت الحرب يوم السبت 6 أكتوبر 1973 بهجوم مفاجئ من الجيشين، الجيش المصري والجيش العربي السوري الذي انتصر على القوات الإسرائيلية في جبهة الجولان، وتحقق الهدف من وراء المباغتة العسكرية لإسرائيل، وتوغلت القوات المصرية 20 كم شرق قناة السويس، وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان.

فشلت إسرائيل في استيعاب الضربة المصرية السورية المزدوجة وأطلقت رئيسة وزراء إسرائيل جولدا مائير يوم 8 أكتوبر نداءها الشهير «أنقذوا إسرائيل»، ولأول مرة تظهر صور الأسرى الإسرائيليين في وسائل الإعلام العالمية لتثبت أن العرب قادرون على صنع النصر.

افتتحت مصر حرب 1973 بضربة جوية تشكلت من نحو 222 طائرة مقاتلة عبرت قناة السويس وخط الكشف الراداري للجيش الإسرائيلي مجتمعة في وقت واحد في تمام الساعة 2:00 ظهراً على ارتفاع منخفض للغاية. وقد استهدفت محطات الشوشرة والإعاقة في أم خشيب وأم مرجم ومطار المليز ومطارات أخرى ومحطات الرادار وبطاريات الدفاع الجوي وتجمعات الأفراد والمدرعات والدبابات والمدفعية والنقاط الحصينة في خط بارليف ومصاف البترول ومخازن الذخيرة.

نجحت مصر وسوريا في تحقيق نصر لهما، حيث تم اختراق خط بارليف «الحصين»، خلال 6 ساعات فقط من بداية المعركة وأوقعت القوات المصرية خسائر كبيرة في القوة الجوية الإسرائيلية، ومنعت القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة. كما حطمت أسطورة الجيش الإسرائيلي، الذي لا يُقهر، في مرتفعات الجولان وسيناء، وأجبرت إسرائيل على التخلي عن العديد من أهدافها مع سوريا ومصر، كما تم استرداد قناة السويس وجزء من سيناء في مصر، ومدينة القنيطرة في سوريا.

اليوم عندما نتحدث عن هذا الانتصار في ظل الواقع العربي الراهن نكون كما نتحدث عن حلم لا يكاد يصدقه الجيل الحالي وتعطينا حرب أكتوبر دروساً وعبراً أهمها أنه متى ما توحد العرب قويت شوكتهم وارتبك عدوهم فلا يعتقد أحد أنه يستطيع تحقيق الانتصار على إسرائيل وهو يغرد خارج السرب، ومن الدروس الأخرى أن الجندي العربي على استعداد أن يضحي في سبيل الأمة.

ومن الدروس المستفادة من هذه الحرب أننا يجب أن نكون دائماً على يقظة من إسرائيل التي لا أمان لها لأنها لا تريد السلام وأنها لاتزال الجسم الغريب الذي زرع في جسم الأمة، وكذلك من الدروس أن الجيش الإسرائيلي هو من أضعف الجيوش في العالم وأن الخوف والهلع مازال يراود شعبها ولا يهنأ لهم بال هكذا كتب الله عليهم في التوراة والإنجيل والقرآن أنهم مشردون في الأرض.

ما حققه الجيشان العربي والمصري لم يكن فقط تحرير الأرض إنما كان تحريراً للإنسان العربي من الخوف والشعور بالنقص وشعوره بدلها بالكرامة والعزة، وأمة مثل الأمة العربية لن يهزمها الأعداء مهما كانت قوتهم، ولذا علينا أن ندرس هذه المعركة ونعلمها لأجيالنا القادمة.