هذه الفترة الحساسة والساخنة بالعديد من الأحداث والمواقف والحراك الشعبي على مستوى الساحة المحلية في مملكة البحرين، نحرص -نحن الإعلاميين- على النزول ميدانياً إلى أرض الواقع والاقتراب من مختلف الشرائح المجتمعية، من خلال الاختلاط بهم في المجالس الشعبية لتكوين صورة شاملة وواقعية وقريبة من المواطن، وبالأخص مطالبه، ومطالعة تطلعاته وطموحاته تدعمنا في كتاباتنا هنا بالصحافة، وفي مجالات الإعلام الأخرى، وفهم القضايا الأساسية التي تشغل المواطن البحريني وتعد حجر الزاوية وحديث الساعة.

لاحظت خلال أكثر من أربعة مجالس حضرتها شخصياً هذه الفترة -تتحدث حول مواضيع الانتخابات القادمة- أن معظم أسئلة واستفسارات المواطنين تتقارب في فحوى سؤالين يعتبران كسؤال موحد يتداول في جميع المجالس البحرينية هذه الفترة ويشغل الشارع البحريني ويتكرر طرحه وهو: كيف نعرف المرشح الأكفأ من بين جميع المترشحين المتقدمين للانتخابات؟ وكيف نضمن أن من سنختاره، أمام الإحباط المتراكم الذي حصدناه من ممثلينا في المجالس السابقة، والذين لم ينجزوا لنا شيئاً يذكر ولم يتواصلوا معنا في الدائرة بعد انتخابهم والذي أوصل الكثير منا إلى قرار المقاطعة مع خالص الأسف، أن هذا المرشح الذي سنتجه للتصويت له، لن يخذلنا ولن يكون نسخة مكررة من الباقي، ولن يفعل كما فعلوا لنا حتى نلغي قرار المقاطعة ونتجه إلى صناديق الاقتراع؟!!

إجابة هذا السؤال، وإن حاولنا اختصارها، إلا أنها تحتاج لندوة لحالها أصلاً، فهناك العديد من الالتباسات والأفكار المغلوطة التي تتواجد لدى شرائح الناخبين أصلاً، فإذا ما أردنا إيصال المرشح الأكفأ فالحقيقة تقول إنه في الأول والأخير من سيوصله هم الناخبون أصلاً، أي أنتم الذين تتساءلون بهذا السؤال والحاجة تكمن في فهم هذا الميدان فهماً عميقاً والتحلي بثقافته حتى لا تتكرر الأخطاء السابقة!!

من يتذكر النائب «الفوضوي» الذي دخل إلى قبة البرلمان بعد انسحاب كتلة الوفاق، حيث في الانتخابات التكميلية لدائرته المختلطة بعدة طوائف ومذاهب، اتجه الناخبون بدائرته لاختياره لأنه فقط ليس من كتلة الوفاق المنحلة كجمعية إرهابية ولكونه ليس من اتجاه طائفة معينة، بعد أن ملوا من النواب الذين يمثلونهم داخل مجلس النواب ولا يتحركون إلا وفق أسس طائفية بعيدة عن اتجاهاتهم الوطنية والفكرية، فتم اختياره بناء على تعصب مذهبي دون التدقيق في سيرته ومسيرته المهنية والأخلاقية وفي شهاداته وبطولاته التي أثبتت الأيام أن بعضها مزور!! كانت تلك غلطة فادحة جداً تسببت بالعديد من المشاكل في جلسات المجلس النيابي ذاك، حتى وصل الأمر إلى المطالبة بفصله من مجلس النواب، وقد اكتشف أهالي دائرته لاحقاً أن أكبر خطأ مارسوه بحق تاريخ العمل البرلماني في مملكة البحرين وهم يطالبون بفصله وألا يستمر في تمثيلهم نيابياً، هو اختياره!!!

لقد تحرك ناخبو منطقته في تلك الفترة وفق أسس عاطفية وأهواء شخصية متعصبة دون التفكير بالمصلحة العامة، ووفق مبدأ هذه الدائرة التي تعتبر شبه مغلقة لكتلة الوفاق والتي في كل تجربة انتخابية تستحوذ عليها الكتلة وتقوم بإيصال نائب لا يتحرك نيابياً إلا وفق أسس طائفية وأجندة خارجية لكون عدد ناخبيها أكبر من عدد بقية الناخبين من مذاهب أخرى، وقد وجدوا فرصتهم بعد انسحابها في أن يصل نائب بعيد عن هذه التوجهات الطائفية التي عانوا منها سنين طويلة دون الاجتهاد والتمهل قبلها في التأكد من صحة شهاداته وخبراته، والأهم سمعته التي أدركوا لاحقاً وبعد دخوله المجلس النيابي أنها سيئة ومعيبة، فهناك ناخبون «مستعجلون» يتعصبون وفق المذهب فقط أو لكون هذا المرشح غير مدعوم من جمعية إرهابية الهوى دون منح أنفسهم فرصة أن هذين المعيارين وإن كانا مهمين جداً لن يخدموا مطالبهم وطموحاتهم داخل قبة البرلمان، فهناك معايير مكملة لهما لا بد من مراعاتهما عند الاختيار!

فالناخب بالأول والأخير عليه أمانة ومسؤولية وحمل الاختيار الصحيح، والاختيار الصحيح بالمناسبة لا يأتي بالصدفة أو عن طريق المعرفة السطحية أو الاكتفاء بمطالعة السيرة الذاتية للمرشح واحتساب عدد شهاداته في سيرته المليئة بالإنجازات والشهادات التي قد تكون مجرد حبر على ورق وتجميع لهذه الشهادات من عدة جامعات دون ممارسة فعلية على أرض الواقع ودون التمحيص والتدقيق، أو أن الاختيار الصحيح سيأتي كتوفيق من الله وحده في النهاية دون بذل الأسباب، فهناك قاعدة دينية تقول «اسعَ يا عبد وأنا أسعى معك»، بمعنى عليك أن تبذل جميع الأسباب وتجتهد في التحرك والعمل ساعياً، ومن ثم تتوكل على الله وتسأله التوفيق وأن يلهمك الصواب وينور دربك وفكرك، أما أن تجلس بلا عمل وحراك وتنتظر أن يأتي لك المرشح بنفسه ليخبرك عن سيرته الذاتية ثم تلقي باللوم على الآخرين أو في أحسن الأحوال على حالك بادعاء «صدمنا منه، لم نكن نعرف أنه هكذا، لقد نجح في تضليلنا» فهذا الأمر بالأصل غير مقبول لأنك ستختار إنساناً سيمثلك لأربع سنوات قادمة، أي أن هذا الشخص بيده مستقبلك ومستقبل أبنائك وكذلك دائرتك وأهالي منطقتك والبحرين ككل، وهذه مسؤولية كبيرة أعان الله الناخبين عليها!

من أجمل النصائح الانتخابية التي سمعتها هو ما قالته النائبة رؤى الحايكي وهي توجه النصائح للحضور خلال ندوة نظمها مجلس المرشح المتوقع محمد الكويتي حول نصيب المرأة في الاستحقاق الانتخابي القادم، حينما قالت: علينا أن نسأل عن المرشح كأنني سنقوم بخطبته!!

علينا أن نسأل عن المرشح ونفتش عن سيرة حياته بأدق التفاصيل المتعلقة بشخصه وأخلاقه والتزامه ودينه وعلاقته بأسرته ومواقفه مع الناس وتعامله مع الآخرين، وحتى ماضيه ونشأته وطفولته، كأننا سنقوم بخطبته لإحدى بناتنا، والعكس صحيح فيما يخص المرشحة المرأة. لا بد من التفتيش جيداً في سيرة حياته فالمؤهلات الأكاديمية لا تكفي ولا الخبرات العملية تكون خير دليل نستشهد به على كفاءته وقدرته على تمثيل الأهالي، فلربما هناك شخص يحمل مؤهلات أكاديمية عليا لكنه لا يمتلك «الكاريزما» ولا الحضور الذي يؤهله لأن يكون قادراً على التحدث بطلاقة وقوة وجرأة في جلسات مجلس النواب، فالمؤهلات الشخصية والقدرات الخطابية تلعب دوراً كبيراً أيضاً في العمل النيابي، كما أن قدرته على التشريع من النقاط الهامة أيضاً، ووجود مقدرة على فهم وقراءة ما بين سطور أي مشروع بقانون يمر عليه وقياس أبعاده الأمنية والمجتمعية والسياسية، من الأمور المهمة التي تحفظ مستقبل البحرين وتجنبنا الهفوات التي مررنا بها سابقاً، فنحن نحتاج للنائب البصير لا المبصر، والنائب الفاهم الخبير لا الذي يدعي الفهم والخبرة!

وهناك فرق بين أن يكون الشخص جامعياً وبين أن يمتلك ثقافة عامة في شتي ميادين الحياة تؤهله للخوض في معترك المجلس النيابي، فالمرشح الأكفأ القادر على إيصال مطالب المواطنين وتمثيلها أحسن تمثيل من المهم أن يمتلك خبرة عملية في عدة ميادين، وهذا يأتي من خلال مطالعة المهن والخبرات التي حصدها طيلة سيرة حياته، فلا يكفي مثلاً كونه رجل أعمال أن يكون ذا خبرة في مجال الأعمال والتجارة فقط، بل هناك حاجة لأن تتوافر في سيرته الذاتية خبرات في العمل الاجتماعي والسياسي والتشريعي والإعلامي، وأن يكون ذا نشاط لافت، والأهم أن له علاقات اجتماعية وتواصلاً مع مختلف شرائح المجتمع، «وركزوا هنا» على مختلف شرائح المجتمع، فالمرشح الذي يأتي مثلاً من طبقة مخملية ولا يختلط إلا بشرائح التجار وكبار الشخصيات بالطبع هو ليس قريباً من المواطن العادي وهمومه، ومن المحال أن يفهم حياته واحتياجاته كما يفهمها أي مواطن عادي أو حتى مواطن من طبقة مخملية ولكنه يختلط كثيراً بالمواطنين من أصحاب الطبقات العادية ويجالسهم ويفهم جيداً احتياجاتهم ونواقصهم، كما أن هناك معياراً هاماً جداً للمرشح سيدعم بالطبع حراكه داخل مجلس النواب، وهو أن يكون له حضور مؤثر في دائرته الانتخابية، أي يكون من الناس المعروفين في دائرته، ورغم أن هذا الشرط قد لا يكون مهماً جداً للعمل البرلماني عند البعض من وجهة نظرهم، حيث إنه عند دخوله المجلس سيعمل للبحرين ككل، ولكن من الضرورة أن يكون على علم بمشاكل دائرته.

فالدوائر الانتخابية تختلف احتياجاتها باختلاف عدة عوامل، فهناك دائرة انتخابية يكثر فيها العاطلون عن العمل مثلاً، وهناك دائرة أخرى تعاني من كثرة المشاكل الاجتماعية نتيجة نقص تشريعي في القوانين المتعلقة بالأسرة، كما هناك دوائر انتخابية نرى أن أهم مطالب قاطنيها من النواب الذين سيمثلونهم تشريع وتعديل قوانين تتعلق بالأمور البيئية والصحية، وهناك دوائر انتخابية تعاني من ممارسة الأعمال الإرهابية، كما رأينا في إحدى الندوات عن إنجازات الكتل البرلمانية لمجلس النواب لعام 2006 حينما اتجه مواطن يعتبر أحد رجال منطقة سنابس المؤثرين وطالب نائب رئيس كتلة الوفاق النيابية المنحلة كجمعية بالتوقف عن إثارة الفتن وتأجيج الشباب ضد الدولة، لأن أهل سنابس بالنهاية هم من يدفعون ثمن هذا التأجيج بالاضطرابات الأمنية التي تحدث في مناطقهم نتيجة اندساس أشخاص إرهابيين من مناطق مختلفة لعمل الفوضى في هذه المنطقة القريبة من المجمعات التجارية!!

لذا، فإن كان المرشح بالأصل لا يقطن في الدائرة التي يترشح فيها أو سكن مؤخراً فيها ولا يمتلك فكرة شاملة عن احتياجات أهاليها، فكيف سيمثل مطالبهم في نهاية الأمر، كما بالإمكان تمييز المرشح الكفء من عدمه، ليس من خلال مطالعة برنامج الانتخابي الذي قد يكون فوق الممتاز في نقاطه والبرامج التي يطرحها، إنما في مناقشته وسؤاله عن كيف سينفذه؟ وهل بالأصل وعوده منطقية وقابلة لتحقيق، أم أنها مجرد شعارات زائفة؟ ومن خلال إجاباته وآرائه من الممكن الاستدلال والحصول على قناعة تامة إن كان هذا المرشح صادقاً، أم يدرج في خانة ظاهرة صوتية وعناوين براقة بلا عمل حقيقي؟!!

هناك سؤال ثالث مع السؤالين الذين بدأنا بهما المقال ازداد في الطرح مؤخراً، مع تأكيدنا التام في الأول والأخير أن مرشحي الجمعيات السياسية لا يعني أنه لا يوجد بينهم من هو كفء أو لا يتوافر لدى القوائم الانتخابية لهذه الجمعيات مرشحون ذوو قدرات وخبرات للعمل البرلماني، ولكن هناك شريحة كبيرة من المجتمع البحريني تفضل المرشح المستقل عن مرشح الجمعيات السياسية، وتلك حقيقة، لا وجهة نظر، لا يمكن إلغاؤها أو تجاهلها عند الحديث عن الشأن الانتخابي، وقد تعود أسبابها إلى تجربة الناخب في بعض الدوائر الانتخابية لمرشحي الجمعيات سابقاً واكتشافهم أن -«بعضهم» وليس الجميع- لا يملك قراره بيده وعليه أن يعود للجمعية، كما أنه لا يستطيع طرح أي مشروع بقانون إلا بموافقة الجمعية التي قد تكون أولوياتها مختلفة عن مطالب الناخبين في دائرة المرشح، فبعض الجمعيات تهتم بالعمل الجماعي وتدعم أن تطرح كتلها داخل البرلمان قوانين تخدم البحرين ككل لا دائرة أحد نوابهم فقط.

لذا، فالسؤال المتداول عند بعض من لا يؤيدون ترشيح أعضاء الجمعيات السياسية: كيف نعرف ونكشف أن هذا المرشح، الذي يدعي أنه مستقل مدعوم بالباطن من إحدى الجمعيات السياسية التي تدرك أن حظوظها الانتخابية في هذه الدائرة شبه معدومة فلذا لجأت إلى حيلة طرح مرشح مستقل عندما يحالفه الحظ ويفوز ويدخل البرلمان، قد ينضم إلى كتلتها البرلمانية ويتحالف مع مرشحيها الفائزين في الدوائر الانتخابية الأخرى؟

التجربة الانتخابية التي مرت بها البحرين لما يقارب الـ16 سنة بالطبع، أوجدت خبرة انتخابية لدى الناخب البحريني أمام تراكم خبرته، ونحن هنا نتحدث عن الشريحة التي عاصرت هذا المشروع الديمقراطي منذ بدايته لا الشريحة التي دخلت للتو ضمن الشرائح التي يحق لها التصويت، فهناك مجالس سابقة قد مورست فيها هذه الحيلة، كما هناك مجالس ترشح فيها المرشح مستقلاً وبعد أن فاز انضم لكتلة المستقلين، مما أدى بطريقة أو بأخرى إلى عمله ضمن حراك كتلة برلمانية، أي بكلمات أخرى وكما يقول المثل «يا بوزيد كأنك ما غزيت» أي في النهاية كان حراكه يشبه حراك النائب التابع لجمعية سياسية ولكن تحت عنوان نائب مستقل ضمن كتلة مستقلين!!

لذا، فمرحلة الانتخابات هي المحك الحقيقي بالأصل لاكتشاف النائب المستقل الحقيقي من ذاك الذي يدعي أنه مستقل فيما هو مدعوم بالباطن لإحدى الجمعيات السياسية، وهذا يظهر من عدة معطيات أهمها مراقبة فريقه الانتخابي، والتدقيق في الوجوه التي تدعمه وتعمل على إيصاله لمجلس النواب، فغالباً يكون من ضمن عناصر فريقه الانتخابي أعضاء لهذه الجمعية السياسية التي تدعمه، كما لا بد من التدقيق أيضاً على الوجوه المتكررة التي تأتي إلى خيمته الانتخابية وتطلب من الناس دعمه والتصويت له تحت حيلة أنهم من الحضور العاديين لا ضمن فريقه الانتخابي، وفي زمن التواصل الاجتماعي من الممكن الاستدلال على هذه الإجابة من خلال الحسابات التي تنشر وبكثافة صوره ونقاط برنامجه الانتخابي وتكثر من إرسال الرسائل الهاتفية عنه، فهذه الحسابات ومن يديرها لا بد أن تنشر أيضاً بشكل غير مباشر أخبار الجمعية وتركز على أعضائها ضمن منهجية «كل خمس رسائل أو صور ندرج صورة واحدة عن أعضاء جمعياتنا بشكل غير مباشر!!»، وفي حال الحساب المتخفي من الممكن اكتشاف ذلك من خلال تحليل محتواه الإلكتروني، فلا بد أن نلامس أن توجهه بالأصل والأفكار التي يطرحها قريبة من أفكار الجمعية السياسية وأهدافها!!

كما هناك معيار آخر يوضح حقيقة المرشح المستقل، وهو مع من يتعامل تجارياً ويمول حملته الانتخابية؟ فإن وجدنا أنه حتى المطبعة التي تتولى طباعة برنامجه الانتخابي وإعلانات ترشحه مالكها يعود لإحدى الجمعيات السياسية، فهذا مؤشر واضح أن هناك دعماً مالياً غير مباشر لهذا المرشح، كذلك محلات الضيافة والشركات التي يتعامل معها لتمويل وتنظيم خيمته الانتخابية، ولقاءاته العامة وندواته، كلها أمور تكشف من الجهة التي تقف وراء هذا المرشح وتدعمه بالباطن!!

هناك نقطة مهمة أثيرت لدى من حضر مجلس جاسم أحمد بوطبنية خلال محاضرة الشائعات الانتخابية وكيفية التعامل معها، التي نظمتها اللجنة النسائية مشكورة، حيث أثير للحضور موضوع استدراج الأطفال والشباب ممن تقل أعمارهم عن عمر الـ18 سنة، أي الأحداث، لنشر الشائعات والإساءة للمرشحين مقابل إغرائهم بمبالغ مالية وهدايا ومكافآت تصنف على أنها رشاوى انتخابية، حيث في النهاية وفي حال الشكوى عليهم غالباً ما يحصل السيناريو التالي: يتنازل المتقدم للشكوى عندما تقوم إدارة الجرائم الإلكترونية بالقبض على من يدير الحساب المسيء ويكتشف أنه حدث، حتى لا يضيع مستقبله ولا يدرج في ملفه أن لديه قضايا سابقة، لذا فهناك من يستغل هذه النقطة من الراغبين في الإساءة للمرشحين المنافسين أو نشر الشائعات المسيئة أو إسقاط واستهداف مرشح في إحدى الدوائر من خلال استغلال واستدراج الأطفال والمراهقين، ومن هنا نشدد على أهمية متابعة أولياء الأمور لنشاطات أبنائهم الإلكترونية على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة خلال هذه المرحلة الحساسة، والتأكد في حال تطوعهم بالعمل لدى الفرق الانتخابية أو أحد المرشحين أو تفاعلهم إلكترونياً مع الأجواء الانتخابية من عدم استغلال قلة خبرتهم ووعيهم بالإساءة للمرشحين المنافسين، أو استغلال البعض لهم واستغلال حماسهم وتفضيلهم لمرشح وتعصبهم له بأن يمارسوا مثل هذه الأمور التي توقعهم وتوقع أولياء أمورهم في ورطة قانونية!

أيضاً من الأمور التي ينبغي للناخب قبل تحديد من سيقوم بالتصويت له، الفصل بين العمل النيابي والعمل البلدي أي الخدماتي، فالنائب أساس عمله يقوم على التشريع والرقابة والمحاسبة والاستجواب، لذا نرى بعض المرشحين الذين يعاودون ترشيح أنفسهم يقوم ناخبوهم بالدائرة التي يترشح فيها بادعاء أنهم لم يقوموا بعمل شيء لهم، وعند الاستفسار من هذا الناخب المعترض تكتشف أنه يتذمر منه لأنه طلب منه توظيف ابنه العاطل ولم يفعل، أو يتذمر لأنه طالبه بإيجاد حل لازدحام شارع منطقته ولم يفعل، أو الحصول على مبلغ لبناء منزله، أو تنظيم دورات كرة القدم لشباب المنطقة، وغيرها من أمور بالأصل ليست من مهام واختصاصات النائب، فهذا الناخب يفتقر لثقافة أن النائب بالأصل إذا ترك مهامه الحقيقية وقام لك بهذه الأمور التي تدرج كمصالح شخصية، فهو بالأصل لا يستحق أن يصل لمجلس النواب، لأن هذه الأمور وقتية ومرحلية والبحرين بحاجة إلى نائب يبنيها ويؤسسها تشريعياً لعشرين سنة قادمة، بدلاً أن يتحول إلى نائب خدماتي وشعبي ويترك عمله الأساسي ويخل بميزان العمل النيابي وأساسياته.

من الأمور التي من الممكن أن نستدل عليها أيضاً في قوة المرشح أو ضعفه وملاحظة الفروق الفردية بين جميع المرشحين، تعامله عندما يحاول أحد استفزازه وطريقه كلماته ومصطلحاته ومفرداته التي يستخدمها، هل هو مثقف ويتكلم باحترام واتزان ويجيد فنون الخطابة المؤثرة لإقناع المسؤولين بمطالب المواطنين، أم هو مرشح «مصرقع» لا يقيم وزن كلماته، بل يتعمد إلى الكلام بطريقة الإثارة وبطريقة عامية ويستخدم مصطلحات شعبية لا تتناسب مع أجواء العمل البرلماني وقد تساهم في تقليل احترامه أمام الرأي العام والمسؤولين خاصة أنه لن يمثل ناخبيه داخل قبة البرلمان فحسب بل إنه سيمثل المواطن البحريني في المحافل الخارجية، وتلك نقطة بالغة الأهمية؟ ولعل البعض عندما يعود إلى ذاكرة الانتخابات ستمر عليه بالطبع ذكرى «المرشح أشوله» وهو مرشح ترشح في إحدى الدوائر بمحافظة المحرق وفاجأ الحضور أثناء حفل افتتاح خيمته الانتخابية بكلمات نارية وأسئلة وعد أن يوجهها للوزراء وهو يستجوبهم، وكانت جميع مقدمات أسئلته تبدأ بكلمة « أشوله» أي لماذا بالفصحى، وقد أظهرت كلمته خلال حفل افتتاح خيمته الانتخابية التي ازدحمت بالحضور الذين انغروا بنقاط برنامجه القوية، ضعف قدراته الكلامية وأسلوبه في الخطابة والتحاور والنقاش، مما أدى إلى خسارته من الجولة الأولى في تلك الدائرة، فالناخب يريد نائباً يتحدث بلباقة وأسلوب مقنع لا أسلوب كوميدي لا يقنع الوزير الذي سيستجوبه!!!