* الرئيس الفرنسي يحد من طموحات رئيس حكومته صاحب الشعبية المتزايدة

* محلل فرنسي لـ "الوطن": ماكرون أنهى معركة التعديل الحكومي لصالحه

باريس - لوركا خيزران



نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مجدداً في تحجيم طموحات رئيس حكومته، ذو الشعبية المتزايدة، إدوارد فيليب الذي يحاول الخروج من ظل الرئيس، إذ عين ماكرون في منصب وزير الداخلية كريستوف كاستانير الذي يشغل منصب رئيس حزب "الجمهورية إلى الأمام"، "الحزب الحاكم"، وأيضاً منصب سكرتير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان، وذلك خلفاً للمستقيل جيرار كولومب.

ويهدف هذا التعديل إلى تحقيق الاستقرار فى الحكومة بعد سلسلة من الاستقالات وكذلك إنعاش مسار الإصلاحات الذى شهد مؤشرات على التعثر. واستقال وزير المالية برونو لو مير، الذى كان مشرفاً على مسعى ماكرون لإصلاح منطقة اليورو، ووزير الخارجية جان إيف لو دريان من منصبيهما.

وجاء التعديل الوزاري بعد أسبوعين من الانتظار تحلى خلالها ماكرون بـ"الصبر والتروي" قبل اختيار وزير الداخلية، بحسب المحلل السياسي الفرنسي أليكس لاغاتا الذي قال لـ"الوطن" إن "ماكرون حد من طموحات رئيس الحكومة فيليب الذي كان يضغط باتجاه جر الحكومة إلى اليمين من خلال سعيه لتنصيب شخصية أمنية، مقربة من اليمين، مثل فرديريك بيشنار، في وزارة الداخلية".

وبحسب الإعلان الصادر عن الإليزيه قرر الرئيس الفرنسي "إنهاء وظائف" الوزراء جاك ميزار، وزير تماسك الأقاليم، وفرنسواز نيسين، وزيرة الثقافة، وستيفان ترافير، وزير الفلاحة والتغذية، وديلفين جيني - ستيفان، سكرتيرة الدولة لدى وزارة الاقتصاد والمالية.

وبحسب لاغاتا "في وزارة حسّاسة مثل وزارة الداخلية لم يكن أمام ماكرون إلا اختيار شخصية سياسية مقربة منه وأحد المقربين الأوفياء، من الحلقة الأولى التي لعبت أدواراً قيادية في وصوله للسلطة، وهو كريستوف كاستانير"، الذي يشغل منصب رئيس حزب "الجمهورية إلى الأمام"، وأيضاً منصب سكرتير الدولة المكلف بالعلاقات مع البرلمان.

ويأتي تعيين القيادي الاشتراكي السابق، أوفى أوفياء الرئيس، في هذا المنصب، بعدما عبّر، قبل أشهر، عن رغبته في شغل هذا المنصب، والذي تتحدث مصادر عديدة عن تهديده بمغادرة الحكومة في حال عدم الاستجابة لطلبه، رغم نفي الإليزيه لهذه الضغوطات.

وغير خافٍ أن الرئيس الفرنسي، باختياره شخصاً "سياسياً" مقرّباً، رغم إلحاح رئيس الحكومة على شخصية تقنية خارجة من رحم وزارة الداخلية، إنما يريد شخصاً قادراً على الإشراف على الاستحقاق الانتخابي، الذي سيكون منسجماً مع الإصلاح الدستوري الموعود، وقادراً، أيضاً، على التصدي للقضايا الأمنية، وإيجاد حلول ناجعة لتحديات الهجرة، وأخيراً تنظيم علاقات طبيعية مع الديانات، وخاصة مع الإسلام. ومن أجل معاضدته، تم تعيين لوران نونيز سكرتير دولة لدى وزارة الداخلية.

وعلى الرغم من أن الحكومة الفرنسية لم تقدّم استقالتها، إلا أن الكثير من الوزراء غادروا الحكومة، فيما آخرون ولجوا إليها، إضافة إلى آخرين غيّروا، فقط، من وزاراتهم.

وهكذا تمت تسمية وزير التربية الوطنية، جان ميشيل بلانكي، وزيراً للتربية الوطنية والشباب.

ولإرضاء حزب "موديم" الموالي للحكومة منذ الساعات الأولى، قرر ماكرون تعيين القيادية في الحزب جاكلين غورو، التي كانت في السابق سكرتيرة دولة في وزارة الداخلية، في منصب مهم يتعلق بوزارة تماسك الأقاليم والجماعات المحلية، محل الوزير جاك ميزار الذي غادَر الحكومة. وسيعاضد غورو، وزيران اثنان، هما سيباستيان لوكورنو، المكلف بالجماعات الإقليمية، وجوليان دينورماندي، المكلف بالمدينة والسكن، وهو مقرَّبٌ من ماكرون.

ومن أجل تعميق التقارب مع حزب "موديم"ـ الحليف، تقرّر تعيين مارك فينو، الذي يشغل منصب رئيس مجموعة "موديم" في مجلس النواب، والذي ترشح ضد ريشار فيران لرئاسة هذا المجلس، في منصب كريستوف كاستانير، مع منحه منصب الوزير المكلف بالعلاقات مع البرلمان، بدل منصب سكرتير الدولة.

كما دخل إلى الحكومة الجديدة، في طبعتها الثالثة، ديديي غيوم، وزيراً للفلاحة والتغذية، خلفاً لستيفان ترافير.

وعينت إيمانويل فارغون سكرتيرة دولة لدى وزارة الدولة ووزارة البيئة.

وعينت كريستيل دوبوس سكرتيرة دولة لدى وزارة التضامن والصحة. كما عينت أنييس بانيي روناشير سكرتيرة دولة لدى وزارتي الاقتصاد والمالية.

وكما كان منتظراً، خرجت فرانسواز نيسين من وزارة الثقافة، بسبب مشاكلها مع القضاء، حيث كانت صحيفة "لوكانار أونشينيه" قد كشفت عنها، وحلّ محلها فرانك ريستر. ويعتبر الأخير قادماً من حركة "Agir"، التي تعتبر تجمعاً لعناصر قادمة من حزب "الجمهوريون"، ويؤيدون، غالباً، قرارات الحكومة. ويعتبر التعيين ضربة معلم من قبل رئيس الدولة، فهي محاولة لاستمالة العديد من أطر حزب "الجمهوريون"، ومكافأة من يتحالف مع الحكومة منهم.

ولتعزيز حزبه "الجمهورية إلى الأمام" بالطاقات الشابة، قرر ماكرون تعيين غابرييل أتال سكرتير دولة مكلف بالشباب لدى وزير التربية الوطنية، جان - ميشيل بلانكي، القادم من اليمين، وهو أكثر وزراء ماكرون شعبية في الوقت الراهن.

وبحسب المحلل لاغاتا "استطاع ماكرون انهاء التجاذب مع رئيس حكومته لمصلحته من خلال فرَضَ رجالَه بالحكومة واسترضاء حلفائه".