لا يجوز لنا السكوت في حال تردي أهم قطاعين حكوميين في البلد، ألا وهما، قطاع التعليم، وقطاع الصحة. وبما أن الصحة لم تستطع حل مشكلة نقص الأدوية فإن الأمر يستحق طرق أبوابه بقوة من جديد.

وصلتنا وقرأنا عدة تفسيرات وتبريرات من وزارة الصحة بسبب نقص الأدوية في مستشفيات البحرين، فبعضها محتمل وبعضها «ما يدخل العقل»، لكن لا شك أن هناك احتمالاً ثالثاً لم يتطرق إليه أحد، ومن يستطيع أن يطرحه بالدليل والأرقام هو تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية. الاحتمال الثالث هو سرقة أو اختفاء ميزانية الأدوية من الوزارة، فالدولة وبأمر من سمو رئيس الوزراء الموقر رصدت في الآونة الأخيرة ميزانية خاصة على وجه السرعة قُدرت بـ15 مليون دينار لحل مشكلة نقص الأدوية ومع ذلك فالمشكلة مازالت مستمرة، فأين ذهبت كل هذه الملايين؟ وأين ذهبت الملايين الأخرى الخاصة بميزانية الأدوية للأعوام الماضية؟

ما يسند كلامنا هذا بأن هناك مبالغ كبيرة تم اختفاؤها من الصحة مما سبب نقصاً حاداً في الدواء وهو ما أكد عليه تقرير ديوان الرقابة المالية والإدارية الأخير حين قال بالحرف الواحد «إلى ذلك لاحظ التقرير عدم وجود سجل لمخزون الأدوية بالمراكز الصحية يبين كميات الأدوية الواردة والمصروفة والرصيد المتبقي منها»!

لا يمكن أن يخرج أكبر مسؤول في وزارة الصحة ليدافع عن هذه الأزمة التي أزكمت أنوف كل البحرينيين حين يمرون جهة صيدليات مستشفياتنا فيرون رفوفها خالية إلا من بعض الأدوية، أو حين يستلم المريض «روشتة» الدواء من الطبيب ليصرفها لنفسه من خلال صيدلية المركز الصحي أو مجمع السلمانية الطبي فلا يتفاجأ حين يشاهد غالبية رفوف الصيدلية خالية من الدواء، فيوجهه الصيدلاني المغلوب على أمره بصرف الدواء من الصيدليات الخاصة، على الرغم من أن بعض الأدوية والمستلزمات العلاجية الضرورية جداً لا يجوز أن تخلو منها مستشفياتنا الحكومية أبداً حسب كل الأطباء.

نعم، لقد اختفت ميزانية الدواء، وعليه يجب فتح تحقيق شامل في هذا الاتجاه لمعرفة ما يجري من خبايا هذا الملف الغامض. فقد وصل بنا الحال إلى خلو كافة مراكزنا الصحية من بعض الجرعات الخاصة بتطعيمات الأطفال المهمة، ولا نعرف هل سيبقى «البندول» وحيداً على أرفف صيدليات مستشفياتنا الحكومية أم سينتهي حتى هذا الدواء المعروف؟

إنني أنصح القرَّاء الكرام للضرورة والأهمية القصوى قراءة تقرير صحيفة «الوطن» في هذا الخصوص والذي يحمل عنوان «أزمة أدوية في البحرين» المُؤرَّخ يوم «الأربعاء 9 مايو 2018»، والذي يحمل معلومات وأرقاماً مهمة ومخيفة وصادمة حول أزمة الدواء في مستشفياتنا الحكومية ومدى عمق هذه الأزمة، فتجهيل الرأي العام أو تضليله من أي طرف كان لا يجوز، ومن حقنا معرفة الحقيقة ومعرفة أين ذهبت ميزانية الدواء وأين ذهبت «الأدوية» نفسها من صيدلياتنا الحكومية؟ فهل من مجيب؟