منذ البداية لم تكن محاكمة لـ"الوطن". كانت محاكمة للصحافة وحريتها، محاكمة لدورها في تمثيل صوت الناس. ومحاكمة للسقف المرتفع الذي ضمن حرية تدفق المعلومات.

ليس دفاعاً عن يوسف البنخليل في شخصه وقد نذرت "الوطن" نفسها للبحرين وقضاياها واحترام سلطاتها، بل هو دفاع عن عهد كامل من الحرية، لا يعتبر فيه نقل رسالة من الناس جريمة، ولا يخشى فيه الصحافي على نفسه في قضايا تتعلق بحرية النشر.

في دفاع كهذا نرفع أصواتنا عالياً ونسمع من في آذانه صمم. لا تراجع شعرة واحدة عن حقنا في أن ننقل نبض الناس. في ذلك مصلحة البحرين التي نفديها بدمائنا قبل حبرنا. ولا يخيفنا في ذلك حكم بالحبس ولا تثنينا حملة.

منذ انطلاق المشروع الإصلاحي نحتمي برؤية جلالة الملك المفدى الحكيمة والشجاعة لحرية الصحافة والتعبير، وهو رأس السلطات. ونفاخر العالم بأن صحافياً واحداً لم يحبس بقضايا تتعلق بحرية النشر في البحرين. وكل ما عدا ذلك نكوص سيخوض ضده الصحافيون بدل المعركة ألفا.

ومن المؤسف أن تكون المعركة مع أحد أفراد السلطة التشريعية، لا بشخصه بل باعتباره شخصية عامة. ومن المعيب أن تكون هذه السابقة الخطيرة على يد من يفترض أنه يمثل الشعب. فلم تفعل "الوطن" شيئاً سوى أنها نشرت رأي من يمثلهم.

ومع احترامنا المعهود لكل السلطات، فإن الصحافة كانت وستظل ضمير الناس ووجدانهم، وصوت كل من يسرق الآخرون صوته. وهي في ذلك سلطة أخلاقية لن تقبل أن تتنازل عن دورها الذي يكفله الدستور والقانون والمشروع الإصلاحي وإرادة الناس.

الحكم بحق "الوطن" اليوم سابقة تؤسس لعهد من الخوف الصحافي. ولو سمحنا لذلك أن يمر لهدمنا بأيدينا جزءاً من سلطة المجتمع تحتاج إليه البحرين في حراكها الدائم. وذلك لن يحدث. فهل يستطيع من يريدون حبس رئيس التحرير أن يحبسوا صوت الناس؟!

تعرضت الصحافة في البحرين وعلى رأسها "الوطن" لحملات أشد ضراوة وخبثاً، مؤسسات خارجية كبرى صرفت الملايين، فلم تهن صحافتنا ولم تضعف ولم تتراجع شعرة عن ثوابت هذا الوطن. فلن نسمح اليوم بأن يسلب متذاكٍ أو متجاهلٌ صحافتنا جزءاً من حريتها وحيويتها.

ويا لها من أثمان بخسة تلك التي ندفعها في معركة كهذه.