من كان يريد الحقيقة فالحقيقة قد ظهرت، ومن كان يريد النيل من المملكة العربية السعودية فهي باقية شامخة كالسحاب راسية كالجبال، ولا عزاء للشامتين.

ظنوا أن تعيين لجنة لتقصي الحقائق من قبل خادم الحرمين الشريفين مجرد إجراء شكلي، ظنوا أن وعد سلمان ملك الحزم بالكشف عن الحقيقة أياً كانت عواقبها مجرد كلام مرسل لا أساس له، ظنوا أن السعودية لن تجرؤ على محاسبة نفسها ومكاشفة العالم بما جرى وخاب ظنهم، فمن يملك شجاعة قرار عاصفة الحزم يملك شجاعة الإقرار بالحقيقة حتى وإن كانت على حسابه، فعل لا يقدر عليه إلا الكبار.

لذلك كنا وسنبقى على ثقة تامة بهذه الدولة القوية وكنا سنداً وسنبقى لها ظهراً كما كانت لنا دوماً ولغيرنا الكثير، قلعة حصينة تدرأ عنا نوائب الدهر ومناكبه وخيانات الأنذال، وسندافع عنها إلى آخر رمق ولن نتوانى عن الوقوف إلى جانبها ولن ننسى ما حيينا فضلها علينا وعلى الكثيرين.

ستبقى هي السعودية التي ضحت وحملت مسؤولية قيادة هذه الأمة، وأبناؤها يقدمون أرواحهم ثمناً لعزتها على جميع الجبهات، ولا يجحد بهذه الحقيقة غير الأنذال.

أما خصومها فهم كغيرهم إلى زوال ويبقون أقزاماً يتقافزون فرحاً على نهش لحمها، فلم تكن الحقيقة غايتهم، ولم تهمهم العدالة، بل كان خاشقجي قميصاً لعثمان رفعوه فرحين به وظنوا أنهم سيصلون لغايتهم باستغلاله وسيسقطون دولة تخيفهم، وظنوا أنهم سيغيرون نظاماً، ففاجأتهم السعودية العظمى بأنها أبعد من منالهم ومن حلمهم.

لا أحد منهم يكترث بما حدث لخاشقجي ولا بمعرفة ما حدث له، وحدها الدولة التي ارتضت أن تدفع ثمن أخطاء أجهزتها الرسمية، هي من يكترث به وبعائلته وحدها من يهتم بالوصول للحقيقة أياً كان الثمن، حتى وإن جاء هذا الثمن على حسابها، أما من رفع قميص خاشقجي فساءه أن يعرف العالم الحقيقة، وساءه أن تأخذ المملكة العربية السعودية الحق من نفسها بيدها لا بيد عمرو، وساءه أكثر الدعم الذي تحظى به المملكة من قبل حلفائها، وظن أنه نال منها حين تجلت الحقيقة ولكنها استبقته بمحاسبة من أخطأ دون أن تنتظر من الآخرين محاسبتها.

بعد تلك الإجراءات الصارمة والقرارات الحاسمة على السعودية أن تلتفت لأجندة الغد وتترك سرب الغربان ينعق لوحده، فلا أحد يملك أن يبتزها بعد أن طبقت القانون وأنفذته بيدها.

وأبناؤها عليهم أن يرفعوا رأسهم دون تردد فرصيد وطنهم فائض من العزة والكرامة والمنعة والرفعة، ولا ينال من قافلتها نعيق ونباح من يموت غيظاً لصمودها.