من المضحك المبكي أن حكومة بشار الأسد لم تتخذ ثمة خطوات لإعادة إعمار سوريا ما عدا إعادة تماثيل كبيرة لحافظ الأسد، فيما تتجاهل الأنقاض والدمار في المشهد الخلفي للتمثال. غير أن ذلك يشي برسالة عميقة المعنى أراد بشار تقديمها للشعب السوري، فعودة الأصنام إنما جاءت عبر خطة النظام لإعادة تعريف نفسه من جديد، إذ يتذكر جميع السوريون ما يعنيه حافظ الأسد لهم.. ولا نغالي بالقول إن الذاكرة السورية تصور الأسد كديكتاتور وطاغية تعدى بطشه سوريا حتى وصل إلى تدمير لبنان كما دمر حماة التي تعرضت لمجزرة العصر «1982» من خلال أوسع حملة عسكرية شنها النظام السوري وراح ضحيتها عشرات الآلاف من أهالي حماة عقب تطويقها وقصفها بالمدفعية واجتياحها عسكرياً، وارتكاب مجزرة مروعة. عموماً.. فقد ورد مؤخراً خبر زيارة رئيس الوزراء عماد خميس لـ»دير الزور» من أجل افتتاح «دوار الرئيس» وحقل نيشان النفطي. أما المهم قوله إن خميس قد غادر المكان الذي يعيش أهله في ظروف إنسانية صعبة سواء في المدينة أو مخيمات النزوح، بعدما تكرم بإزاحة الستار عن تمثال القائد الخالد الراحل حافظ الأسد، فهو أهم للمدينة من الماء والكهرباء..!!

حسب البنك الدولي «2017» فإن التكلفة المقدرة لإعادة بناء سوريا تصل إلى 225 مليار دولار، أما تقييمات 2018 فتشير إلى ما يقرب 400 مليار دولار، ويتوقع آخرون أن يصل المبلغ إلى تريليون دولار، دون احتساب التكاليف البشرية للحرب. ما يثير في الأمر قول بعض المتحاملين على النظام بشأن تكلفة التماثيل، فبشار الأسد حرص منذ بدء الأزمة السورية على جمع تماثيل والده حفظاً لها من الإهانة والتدمير والاندثار، ويقال إن ذلك جاء بأوامر أصدرتها والدته التي حرصت على تماثيل زوجها.. أكثر من حرصها على الشعب السوري الذي تشتت في أصقاع الأرض ولن يحرص بشار الأسد على جمعه كما جمع تماثيل والده..!!

لذا.. لن نستغرب يوماً إذا قام بشار الأسد بتضمين الدستور السوري الجديد حرمة المساس بتماثيله وتماثيل والده وأخيه باسل وأمه وعشيرته، وأمانةً قد يكون هذا التدخل الوحيد الذي سيقوم به الأسد في موضوع كتابة الدستور، إذ أن الدول الأربع أو الخمس التي تتقاسم السيطرة على سوريا تقوم باجتماعات متوالية لكتابة الدستور السوري، ولن يكون دور فريق الأسد في هذا المشروع إلا أمرين، الأول تولي مسؤولية ترجمة الدستور للعربية من لغات الدول التي كتبته، والثاني فسيكون مسؤولية المعلم وزير خارجية النظام بتدشين حملة دعائية فجة بأن الدستور هو شأن سيادي يقرره الشعب السوري بنفسه دون أي تدخل خارجي.

* اختلاج النبض:

كم من نصر في ميادين القتال تحول إلى هزيمة وقت السلم، وبذور زوال الأسد كامنة في إعادته عبادة الأصنام.