استطاعت البحرين من خلال استضافتها لمؤتمر «حوار المنامة»، «قمة الأمن الإقليمي الـ 14»، على مدار ثلاثة أيام، من الجمعة إلى الأحد الماضيين، والذي تنظمه وزارة الخارجية البحرينية، بالتعاون مع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «IISS»، أن تثبت أنها في قلب الأحداث، لاسيما وأن محور جلسات المؤتمر ركزت في مجموعة من المصطلحات والعناوين الاستراتيجية، لعل أبرزها «إعادة تثبيت الاستقرار وإعادة إعمار الشرق الأوسط»، و«وقف تدخلات إيران في المنطقة»، و«السياسة الأمريكية في شرق أوسط متغير»، و«الصراع والدبلوماسية في الشرق الأوسط»، و«الأمن والتنافس في منطقة القرن الإفريقي»، و«سياسة الاتحاد الأوروبي وأمن الخليج»، والتحديث والتصنيع الدفاعي في الشرق الأوسط»، و«أمن باب المندب»، و«التهديدات السيبرانية والدفاع السيبراني»، و«الطاقة النووية وعدم انتشار الأسلحة النووية في الشرق الأوسط»، و«المصالح المشتركة بين آسيا والشرق الأوسط»، وإطلاق «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي في 2019». وكان العنوان الأخير هو ما استهل به وزير الخارجية البحريني الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة كلمته في الجلسة الثانية في اليوم الثاني «السبت» من جلسات المؤتمر، والتي كانت بعنوان «العلاقات المتحولة والنظام الشرق أوسطي الناشئ»، حيث أوضح وزير الخارجية أن «التحالف الأمني المزمع تشكيله سيكون في طور العمل بحلول العام المقبل»، مشدداً على أن «التحالف الأمني المقترح بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن وأمريكا سيكون مفتوحاً أمام من يقبلون بمبادئه»، قبل أن ينوه إلى أن «هذا التحالف سيسهم في تعزيز الأمن والازدهار في المنطقة، ومساعدة دولها في مواجهة التحديات المختلفة التي تواجهها على الأصعدة كافة».

وقبل شهر تقريباً، أعلن نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشؤون الخليج العربي تيم لاندركينغ، في مقابلة مع صحيفة «ذا ناشونال» الإماراتية أن «الإدارة الأمريكية تخطط لعقد قمة في يناير المقبل لتدشين حلف جديد سيطلق عليه اسم «تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي»، والمعروف اختصارا بـ «ميسا»»، مشيرا إلى أن «التحالف الجديد يضم 9 دول عربية على رأسها دول مجلس التعاون الخليجي، بالإضافة لمصر والأردن والولايات المتحدة الأمريكية»، في حين لفتت الصحيفة إلى أن «الحلف الجديد سيكون بمثابة نسخة عربية من حلف شمال الأطلسي «الناتو»»، موضحة أن «المسؤول الأمريكي مكث في المنطقة طيلة الأسابيع الثلاثة الماضية خصيصاً للتحضير لتلك القمة». بدوره، دعا قائد القيادة المركزية الأمريكية جوزيف فوتيل في كلمة ألقاها خلال اجتماع رؤساء أركان دول مجلس التعاون الخليجي ومصر والأردن والقيادة المركزية الأمريكية، في الكويت، في سبتمبر الماضي، إلى «وضع خلافاتها جانباً، ورصّ صفوفها في مواجهة التهديدات الإيرانية المزعزعة للاستقرار والمنظمات المتطرفة العنيفة، والعمل على إنشاء «ناتو» عربي لمواجهة طهران»، متحدثاً عن «اثنين من التهديدات الأمنية المتواصلة يوجدان في هذه المنطقة، وهما، أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، والمنظمات المتطرفة العنيفة»، معتبراً أنه من «المُلح القيام بتعزيز ودمج قدراتنا لمصالح أمننا القومي المشتركة». وقد حرص المسؤول العسكري الأمريكي على التشديد على أنه «يجب ألا نعمل على أي قرار أو طريق يكون مخالفاً لحلفائنا؛ لأن ذلك فيه مصلحة تحدّينا للأعداء».

في الوقت ذاته، تحدثت تقارير صحافية خليجية وعربية عن أن «واشنطن ترغب في تشكيل تحالف الشرق الأوسط الاستراتيجي من أجل مواجهة إيران ومكافحة الإرهاب».

من هذا المنطلق، تبرز أهمية «حوار المنامة» الذي يصنف على أنه «أكبر قمة سياسية غير رسمية في الشرق الأوسط»، لاسيما وأنه يعد أهم مؤتمر أمني في منطقة الشرق الأوسط، فيما يسعى المؤتمر شيئاً فشيئاً إلى توسيع دائرة اهتماماته لينتقل من الاهتمام بقضايا الشرق الأوسط وأمن المنطقة إلى مرحلة تسليط الضوء على قضايا قارة آسيا، في الوقت الذي شهد المؤتمر حضوراً إفريقياً لأول مرة في جلسة «الأمن والتنافس في منطقة القرن الإفريقي»، حيث يحرص القائمون على المؤتمر سنوياً على حضور وفود على أعلى مستوى من دول عربية وإقليمية وغربية لاسيما في مجالات السياسة والدفاع والأمن، وهذا ما عده مراقبون ومحللون فهماً أعمق للتحديات التي تواجه المنطقة والعالم، وهذا ربما ما يفسر نجاح «حوار المنامة» سنوياً وعلى مدار 14 عاماً متواصلة، في طرح قضايا الدفاع والأمن والخارجية، لاسيما وأن النسخة الـ 14 من المؤتمر شهدت مشاركة أكثر من 50 وزيراً إضافة إلى كبار المسؤولين الحكوميين الإقليميين والدوليين، السياسيين والعسكريين، الذين مثلوا نحو 25 دولة من مختلف أنحاء الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا وأمريكا الشمالية من أجل مناقشة التحديات الأمنية الأكثر إلحاحاً في الشرق الأوسط والتطورات المرتبطة بمجالات الأمن والدفاع والسياسة الخارجية في المنطقة.

ويضاف إلى ذلك النجاح مرور نحو 6 أعوام على افتتاح فرع للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «IISS» في منطقة الشرق الأوسط وتحديداً في البحرين، الأمر الذي يعزز المكانة الاستراتيجية للبحرين، إقليمياً ودولياً.

وربما هذا ما يفسر تصريحات المدير العام والرئيس التنفيذي للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية د. جون تشيبمان، والتي أكد فيها أن «منتدى حوار المنامة هذا العام في نسخته الـ 14 يعد الأكبر على الإطلاق لاستقطابه نحو 3 آلاف مشارك من مختلف دول العالم، لاسيما في القارتين الأمريكيتين وأوروبا وآسيا وإفريقيا».

* وقفة:

نجاح البحرين في تنظيم «حوار المنامة» على مدار نحو عقد ونصف، إضافة إلى استضافتها فرع المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية «IISS» في الشرق الأوسط قبل 6 سنوات يؤكدان أنها رقم صعب في المنطقة لا يمكن تجاوزه!!