سيستمر الأتراك بقيادة أردوغان وبمساندة النظامين القطري والإيراني وجماعة «الإخوان المسلمين»، في «لعلعتهم»، ولن يتوقفوا عن استغلال فرصة ما جرى على الصحافي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول للتهجم على المملكة العربية السعودية، فالقصة ليست قصة شخص انتهت حياته بهذه الطريقة أو تلك، في هذا المكان أو ذاك، ولكنها مختلفة تماماً، فما جرى لخاشقجي ليس إلا «علثة» ومطية تم ركوبها أملاً في تحقيق غرض أو أغراض سيتكفل الزمن بكشفها عاجلاً أم آجلاً.

تسريب المعلومات بالطريقة التي اتبعها الأتراك لا معنى له سوى إبقاء القصة حية وجعل الحدث مستمراً، فمن شأن هذه الطريقة أن توفر الأسباب التي يمكن من خلالها الاستمرار في التهجم على السعودية وإيذائها، حيث يتم في كل يوم إخراج معلومة جديدة تثير الرأي العام وتجعل الشقيقة الكبرى في موقف تلقي السهام على مدار الساعة وخصوصاً من قبل المنظمات التي تعتبر نفسها مدافعة عن حقوق الإنسان وكل من اعتبر نفسه معارضة.

بدأت القصة بالإعلان عن الاختفاء ثم بالترويج لاحتمال تعرض خاشقجي لمكروه ثم ما تم تسريبه لاحقا من معلومات وصولاً إلى «الأكشن» الأخير المتمثل في الإعلان عن التوقف عن البحث عن الجثة والقول بأنها أذيبت بالمواد الكيمياوية. وكل هذه التسريبات تخدم الغرض نفسه وتدفع في تحقيق الغاية نفسها. ومن يتابع الفضائيات «السوسة» وعلى رأسها قناة «الجزيرة» القطرية يسهل عليه تأكد وجود مخطط لإيذاء السعودية ووضع العراقيل في طريق المشروعات التي بدأ سمو ولي عهدها الأمير محمد بن سلمان في تنفيذها ويرمي بها إلى إحداث تغيير موجب في السعودية وفي كامل دول المنطقة.

ما تفعله تركيا أردوغان اليوم هو المتاجرة بدم خاشقجي واستغلال قصته لتحقيق أهداف سياسية ومكاسب لم تعد خافية. تركيا وإيران وقطر لا تريد للسعودية أن تقود المنطقة وتريد للإخوان المسلمين أن يتسيدوا المشهد وأن يحصلوا على الفرصة التي يطعنون فيها قيادة مصر كي يسيطروا عليها من جديد فيتحقق لهذه الدول كل ما تتمنى، وإلا فإن القول بأن هذه الدول همها ما حصل لخاشقجي وتعمل على الانتصار لحقوق الإنسان قول لا يصدقه حتى المجانين، والسبب هو أنها كلها دول تسيء لحقوق الإنسان وملفاتها في هذا الخصوص سوداء وكلها لا يعني لها الإنسان كثيراً حيث المهم والأهم عندها هو تحقيق الأهداف التي تشاغبها والتي منها تمكين الإخوان المسلمين ومنع السعودية من قيادة المنطقة.

قصة خاشقجي لن تنتهي بالحصول على جثته أو معاقبة من قتله ومن كان سبباً في ذلك، وستظل تركيا ومن معها تسرب في كل يوم معلومة جديدة بغية إثارة الرأي العام ضد السعودية وولي عهدها، وستستمر في هذا النهج طويلاً، معتقدة بأنها بهذا تستطيع إحراج السعودية والتأثير عليها ومنعها من قيادة المنطقة. هذه القصة لن تنتهي في المنظور القريب لأنها أتاحت لدول كثيرة فرصاً ظلت تنتظرها، ولهذا لا يستبعد مسألة عقد صفقات على حساب السعودية ودول الخليج العربي.

يوماً بعد يوم تتضح أمور ظلت عصية على الفهم، منها أن هذا الاندفاع والحماس الذي تقوده تركيا ليس انحيازاً لحقوق الإنسان وليس انتصاراً للضحية ولكنه بغية الاستفادة من ظرف حصل وترتبت عليه أمور، والأمر نفسه فيما يخص إيران وقطر وجماعة الإخوان المسلمين والولايات المتحدة ودول الغرب وكل من له مصالح في هذه المنطقة ويعتقد أن تقدم السعودية وتفوقها يؤثر عليه ويمنعه من تحقيق أهدافه.

لم تعد قصة الانتصار لحقوق الإنسان تنطلي على الجمهور، فالإصرار على التفاصيل والعمل على جعل هذه القصة حية ومستمرة ومتصدرة للأخبار يؤكد وجود أهداف أخرى لا علاقة لها بحقوق الإنسان.