رغم أن أول من استخدام مصطلح «السلطة الرابعة» هو المفكر والسياسي الأيرلندي إدموند بورك في ‏‏1787 خلال مناقشة في البرلمان، ولم يربطها في حينه بالسلطات الدستورية الثلاث، التشريعية والتنفيذية ‏والقضائية، بل القوة التي تؤثر في الشعب وتعادل، أو تفوق، قوة الحكومة. رغم ذلك لايزال الفهم الخاطئ للتعبير متداولاً، لكن الرئيس ترامب، اعتبر كون الصحافة والإعلام هي السلطة الرابعة مفهوماً مجادلاً فيه.‏

ومن مبدأ إذا كان سيفك قصيراً فأطله بالتقدم خطوة نحو الغريم، تقدم ترامب مهاجماً وسائل الإعلام ‏الأمريكية واصفاً إياها بإعلام الأخبار الزائفة وأنها حزب المعارضة. وأضاف في تغريدة ‏مشهورة «إنه أمر سيئ للغاية بالنسبة لبلادنا العظيمة.. ولكننا في سبيلنا للفوز» فترامب ‏يشعر أن وسائل الإعلام تشن هجوماً مدروساً ضده أكثر من أي وقت مضى، وضد ‏نصف البلاد من الذين يدعمونه، ويسفهون بآراء من انتخبه ويحقرون اختيارهم له.‏

وما يهمنا هنا أن الإعلام وترامب يمتلكان أدوات كثيرة لكن لم يوظفوها في الإثارة الرخيصة، على ‏الأقل حتى الآن. رغم أن الصحافة الأمريكية المناوئة لترامب قامت عبر تضامن حوالي ‏‏350 منصة إعلامية وصحافية أمريكية بنشر مقالات افتتاحية 16 أغسطس 2018، ‏تهاجم سياسته، حيث وصفت تصنيفه للصحافة بأنها عدو على أنه وصف استراتيجي ‏يهدف إلى تقويض السلطة الرابعة‏.‏ ورغم كل ذلك إلا أن ما جرى بين الطرفين لم يخرج ‏عن القيم الديمقراطية الأمريكية. وقد راهن الكثيرون أن صدام ترامب مع السلطة ‏الرابعة يعني تقهقره السريع نحو تدمير نفسه، فالصحافيان كارل برنستين وبوب وود ورد من ‏»واشنطن بوست» أسقطا الرئيس نيكسون في فضيحة تجسسه على مقر الحزب ‏الديمقراطي المعروفة باسم ووترغيت 1972 مما أدى إلى خلق ديكتاتورية الإعلام ‏التي سيطرت على بقية القرن العشرين. ويمكننا القول بنجاح ترامب في هزيمة ‏الصحافة في الجولة الأولى بدليل بقائه في السلطة عامين حتى الآن وعبر القيم الديمقراطية، بدون أن ‏يستعين بدرس من دروس قادة بعض دول العالم الثالث في تعاملها مع الإعلام.‏

إن ما نكتب حيال صراع ترامب مع السلطة الرابعة ليس فقط نظرة تحليلية، بل استشرافية لتصرفات رجل ‏يفتتح سوق الكلام في كل مؤتمر يعقده بطرد الإعلاميين، لأنه يعتمد على بتويتر. وبما أن السلطة الرابعة لم تهزمه ومازال في ‏منصبه فهو بالضرورة المنتصر. وفي ما يشبه العبور إلى اللحظة التي تتهاوى فيها أبراج الصهاينة ‏الإعلامية ألا يجدر بنا الابتهاج!‏

* بالعجمي الفصيح:

لقد خلقت ووترغيت من الصحافة ديكتاتورية فضة، فكيف تستمر هيمنة سلطة، أخذت ‏شرعيّتها من عصر آخر، وفي تقديرنا أن هناك احتمالات أخرى غير مرصودة الآن جراء ‏ضربات ترامب، فربما ترقى بالسلطة الرابعة وتقوم اعوجاجها. ولينظر من يخالفنا لانحياز الإعلام للصهاينة والتعتيم الذي تفرضه على قضايانا.

* المدير التنفيذي لمجموعة مراقبة الخليج