يحذونا الأمل -هذه المرة- بجدية التعاطي مع كارثة «ضياع» المخزون السمكي في بحرنا، وننتظر النتائج ونتحرى الشفافية والإعلان عن الجدية -هذه المرة- في وقف جريمة تصحير البحر التي ترتكب في مياهنا الإقليمية.

الثقة في الجدية مهزوزة بسبب عدم الجدية فيما مضى، وبسبب «هبات» الفزعة المؤقتة التي تكررت ومن بعدها العودة للركود، وبسبب السكوت عن «البعض» ومخالفاته والتغاضي عنها، وبسبب التصدير وبسبب تأجير الرخص وبسبب الصيد الجائر الذي كان يمارس أثناء فترات السماح، ولهذه الأسباب وغيرها انخفض المخزون البحري حتى وصل إلى 10% فقط!! إنها جريمة بمعنى الكلمة استفاد منها بضعة أشخاص وسرقت خيراتنا.

تخيلوا بحرنا أصبح صحراء قاحلة لا حياة فيها، هذه جريمتنا التي ارتكبناها بأيدينا لا بيد غيرنا، دمرنا ما منحنا الله إياه بأيدينا وشاهدنا سرقات النعم والخيرات تجري أمام أعيننا وسكتنا وأغمضنا أعيننا، حتى نشف البحر، ونحن الذين نسمى «بحرين»!

دولة تتكون من أرخبيل جزر تستورد السمك لأنها سرقت البحر وجردته من خيراته، ولولا عدم الجدية في إنفاذ القانون والتأخر في المعالجة لما وصل الحال بنا إلى ما وصلنا إليه.

هذه المرة التوجيهات من جلالة الملك حفظه الله ومن رئيس الوزراء بإيلاء الموضوع أقصى أهميته، ولذلك اجتمعت بنا كل الأجهزة المعنية وأعلنت عن إجراءات جديدة، إنما نحن على ثقة بأن تلك الإجراءات لن تؤتي ثمارها إلا بوجود واستمرار الضغط الشعبي والرقابة الشعبية وعدم ترك الأمر لمن غفل عن تلك الجريمة لسنوات.

المسؤولية الآن ليست مسؤولية الأجهزة الرسمية فحسب بل المسؤولية أهلية ورسمية معاً، والتوجيه هذه المرة من جلالة الملك ومن رئيس الوزراء بمشاركة الجهات الأهلية والإعلام وحتى وسائل التواصل الاجتماعي من أجل تفعيل هذه الرقابة الشعبية على الرقابة الرسمية.

الإجراءات الأربع ممتازة منع الصيد بطريقة الكراف منعاً باتاً وفي جميع أيام السنة، وقف تصدير 14 نوعاً من أنواع السمك بما فيها الربيان الطازجة والمبردة ابتداء من 1 ديسمبر وفرض قانون النوخذة البحريني ابتداء من 31 يناير 2019 وتقليص عدد العمال على ظهر السفينة، تلك الإجراءات التي استجدت ممتازة إنما دون وجود رقابة شعبية على الرقابة الرسمية سنعود للتهاون والكسل من جديد، وستكون هذه «الهبة» الرسيمة مجرد زوبعة مؤقتة ونعود لسابق عهدنا وسراق البحر يراهنون على ذلك.

لذلك تم إشراك الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي والإعلان عن أرقام الهواتف التي خصصت للتبليغ عن المخالفات، فتلك المشاركة واحدة من ضمانات الرقابة والجدية، كذلك مطلوب تصوير ونشر عمليات ضبط المخالفات في كل مرة لاستعادة الثقة بالأجهزة الرقابية سواء خفر السواحل أو الرقابة البحرية، وعرضها في الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي.

أمر آخر الرقابة على 1600 رخصة صيد العديد منها مؤجر من الباطن عملية صعبة على تلك الأجهزة الرقابية وحدها، لذلك فالتبليغ عن المخالفات في تأجير الرخص هي مهمة الجميع الهواة والصيادين من مرتادي البحر، ضبط أي «طراد مخالف» مهمة مشتركة ولا بد من إشراك الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بعمليات الإبلاغ حتى تكون الرقابة الشعبية على رأس أجهزة إنفاذ القانون للتأكد من عدم إفلات سراق البحر.

وكذلك تتطلب عملية مراقبة «طراريد» الصيد المخالفة فإنها عملية لا تقل أهمية عن مراقبة البوانيش، ففي هذه الزوارق السريعة يمارس العديد من العمالة السائبة جرائمهم وعملية مطاردتهم ومراقبتهم تحتاج تعاون الجميع في البحر وفي البر وقت البيع لضبطها وإحالتها للأجهزة الأمنية.

الأرقام المعلنة للتبليغ متاحة الآن وضغط وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وإبقاء الخط مفتوحاً بين الجميع بإمكاننا أن نضيق الخناق على سراق غذائنا.

دولة الإمارات العربية المتحدة منعت الصيد الجائر منذ السبعينات بأمر من الشيخ زايد رحمة الله عليه وأنفذت القانون بحزم على الجميع دون استثناء وعاد بحرها والحمد لله يعج بخيرات الله، نحن اليوم علينا مسؤولية أمام الله لحمل هذه الأمانة للأجيال القادمة ومن خرب البحر وسرق اللقمة من فم ابني وابنك سنتصدى له جميعاً.