* مع كل استحقاق انتخابي تتوق النفس للاستئناس بهذا العرس الانتخابي لما يتضمنه من صور ومشاهد جميلة تعبر عن مضمون الفرح الوطني ودعم مشروع جلالة الملك الإصلاحي.. ولكن في الوقت ذاته تطفح على السطح العديد من الصور المسيئة التي تعكر صفو هذا الحدث الهام الذي تشهده المملكة كل أربع سنوات، من أهمهما حالة الإحباط من البعض والطعن والشتم وإبراز المعايب على الملأ وبخاصة في وسائل التواصل الاجتماعي. من الجميل أن نعطي هذا الاستحقاق فرصته وفق المتاح، ونأنف من الوقوع في مثل هذه المزالق المشينة التي لا تتناسب وعاداتنا وتقاليدنا ومجتمعنا البحريني الأصيل والطيب.. لنبتعد عن مطبات الغيبة والنميمة والتحدث في أعراض المرشحين، والحذر من نشر الشائعات والتثبت من الأخبار المتداولة، وليساهم الجميع في أداء واجبه الوطني، وليكن صندوق الاقتراع هو الحكم في إبراز الكفاءات بلا قيل وقال. أخذ النبي صلى الله عليه وسلم بلسان الصحابي الجليل معاذ بن جبل وقال له: «كف عليك هذا». فقال معاذ: يا نبي الله، وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: «ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم أو قال: على مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم». يقول أبوحامد الغزالي رحمه الله: «اعلم أن اللسان من نعم الله العظيمة ولطائف صنعه الغريبة، فإنه صغير الحجم، عظيم الإحسان أو الجرم».

* الخوف والفزع الذي أصاب الناس بعد الأمطار الأخيرة التي تعرضت له البحرين، وإن كان مستوى الحدث لا يتساوى مع تلك الأمطار الشديدة التي هطلت على الشقيقة الكويت وخلفت الكثير من الخسائر.. إلا أن الحكمة في النهاية الاتعاظ بأقدار المولى العلي القدير الذي له حكمة في كل مواقف الحياة.. فالمرء إنما يعيش برحمة الله تعالى في جميع أحوال حياته، في بيته وسيارته وطيارته وعمله ومدرسته وفي مشيه. فمخاطر الحياة إنما تحيط بنا من كل حدب وصوب، وما يصيبنا إلا ما كتب الله لنا.. والأمطار هي رحمة الله تعالى في الأرض، وبها تتطهر البلاد والعباد، ومن السنة الدعاء كما كان يدعو النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والظراب، وبطون الأودية، ومنابت الشجر»، رواه البخاري. وإذا سمع صوت الرعد أزل رهبتك بالدعاء: «سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته». وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بعد هذا الدعاء: «إن هذا لوعيد شديد لأهل الأرض». هو تذكر لمآل المرء في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.. نحتاج أن نتأمل كل مواقف الحياة ما دمنا نعيش على هذا البسيطة، ونتعظ ونربي نفوسنا، ونقوي قلوبنا حتى تواصل مسيرها في عمل الخير وتتهيأ لموقف العرض الأكبر.

* عندما نتحدث عن الأخوة في الله إنما نتحدث عن رباط وشيج يربط المتحابين في الله تعالى، وهي نعمة ربانية يقذفها الله تعالى في قلوب الأنقياء الأصفياء من عباده، من ارتبطت قلوبهم بالله تعالى واشتاقوا بما أعده الله تعالى في جنانه الخالدة.. ليست الأخوة المنشودة تلك التي يراها البعض بأنها مجردة من الإنسانية ومن المشي في الحاجات وتلمس مواضع الألم في نفوس الأحباب.. إنما هي أخوة قائمة على قلبين يندمجان في قلب واحد ينبض بالحب والخير في المجتمع ويعيش بإنسانية ويرى الحياة بجمالها والجنة وكأنه يمشي في واحاتها الجميلة.. لنحب في الله ومن أجل الله، ولنتآخى من أجل جنة غالية، ولنحذر أن نخدش أخوتنا بتوافه الحياة، وننشغل عن أحبابنا ومحبينا بأعمال الأيام التي لا تنتهي.. وأكثر ما يؤلم في هذا الزمان أن تفتقد أحياناً الأخوة الصادقة الحقيقية وتفتقد معانيها وتظل مجرد ذكرى عابرة في حياة البعض.

* ترافقني تلك الخواطر الحياتية أينما ذهبت، وتحدث نفسي عن تغيرات الحياة الكثيرة والمتشعبة والسريعة، وتهمس في أذهني عن أحوال نفسي التي باتت تشتاق للارتماء في أحضان الدفء الإيماني والحياتي.. ترافقني كلمات تلك الخواطر في كل حين، فلا أجد مفراً من أن أكتب وأكتب حتى أبث شجون النفس في مساحات الحياة، وحتى أحقق مرادي من خطوط عريضة كتبتها يوماً ما في مسير الحياة.. ترافقني كلمات أحب أن أبثها إلى من أحب وأحب أن أكتبها في تلك الفصول الطويلة التي لا أجد لها نهاية حتى الآن.. لأني على يقين أن نهايتها بموعد الرحيل الحتمي من دنيا البشر.. ترافقني همسات الحروف التي لا تدعني أبتعد كثيراً عن موجات الحياة العديدة، وعن تلاطم أموج الأحاسيس المعقدة بين الحين والآخر.. ترافقني حتى أضحت هي المشاعر الفياضة التي أتعامل بها مع كل الناس.. عذراً لقلمي الذي لم أمهله حتى يكتب كل خبراته وأحاسيسه وتجاربه العديدة.. عذراً له فمشاغل العيش الكثيرة لا تعطيك الفرصة لكي تجد في المسير لتحقق كل أحلامك التي تأمل أن تكون مشروعاً حياتياً متكاملاً يستفيد منه الأجيال.. طموحات تغزوها التحديات العريضة التي تواجهنا في حياتنا.. وآمال كبار نرسمها على جداريات الحياة عل وعسى نحققها يوماً ما مع أنفاسنا المعدودة التي لا نعلم إلى أي محطة ستنقطع!! يحدثني صاحبي عن همسات الحروف وعن ذلك المشروع المرهف الذي لم يكتب له أن يرى النور بعد في حياة البشر.. يحدثني عن شوقه ليراه واقعاً ملموساً يحدث تغييراً حياتياً في حياة المجتمع.. ويذكرني بحروف كتبناها معاً في زمان مضى.. كنا نتلهف لمخرجاته ونشد السير في طريقه ولكن لم يكتب له النجاح لسبب أو لآخر.. آن الأوان بأن لا نضيع الفرص المتبقية من أنفاس حياتنا.. آن الأوان لكي نسرع الخطى لنترجم الأحلام إلى مشروع تتحدث عنه الأجيال ببصمته الرائعة.. فما مضى من الأوقات فات وانتهى.. وما تبقى من حياة المرء يعيش فيها بسعادة واطمئنان من أجل أن يكون خير خليفة لله تعالى في الأرض، يؤدي رسالته بإتقان ويرنو ببصره نحو تحقيق منزلته العالية في الفردوس الأعلى.

* ومضة أمل:

اللهم اكتب لي الخير حيثما كان ثم رضني به.