العملية الانتخابية في البحرين للفصل التشريعي الخامس للبرلمان وكذلك المجالس البلدية بدأت فعلياً يوم أمس، من خلال التصويت خارج البحرين في مقار سفاراتنا والبعثات الدبلوماسية.

وحالياً يتبقى لنا يومان قبل «الصمت الانتخابي» بعد غد الجمعة، قبل موعد الانتخابات داخل البحرين يوم السبت.

عايشناه خلال الأيام الماضية، وسنعايش خلال اليومين الباقيين، فترة الدعاية الانتخابية، والتي تنوعت ما بين الإعلانات التعريفية بالمترشحين في الشوارع أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو التصريحات في الصحافة ونشر الإعلانات في الجرائد.

لكن ما يستوجب وقفة تمحيصية هنا، هي الفعاليات التي حصلت في المقار أو الخيام الانتخابية لبعض النواب، تاركين على جهة بعض مضامين الشعارات التي تحتاج لصفحات طويلة من النقاش بشأن واقعيتها.

بحسب المشاهدات، والتي تعززها مقاطع فيديو عديدة لبعض المقار والخيام الانتخابية، والتي انتشرت مثل النار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، قد تصيبك صدمة حقيقية من أساليب الطرح لبعض المترشحين، والأدهى مضامين كلامهم وخطابهم الموجه للناخبين.

بعض القراء والمعارف أرسل لي مقاطع غريبة عجيبة، وسألني: «أيعقل أن نصل لهذا المستوى من الطرح؟! أيعقل أن يكون استخفاف البعض بالناخبين لهذه الدرجة؟!».

تتابع ما طرح في بعض الخيام والمقار الانتخابية، ترى العجب العجاب، ترى الفارق الشاسع والكبير بين الطرح الرصين لبعض المترشحين الذين أعتبرهم «جادين» في مسعاهم الوصول لمجلس النواب لتمثيل الشعب، وبين الطرح «المخجل» والسطحية والاستخفاف في المضامين، والتي أعتبرها استخفافاً بالناخب، واستهانة بوعي الناس.

أيعقل أن يحصل لدينا هذا في بعض المقار والخيام الانتخابية؟! أيعقل أن يقبل المترشح على نفسه بأن يظهر بهذا الشكل «المفضوح» أمام الناس، من خلال كلام ضعيف، وطرح متدني المستوى، وتركيز على أمور لا تعتبر من ضمن أولويات الناس، بل تعامل معها الناس على أنها نكات سمجة تصدر عن مشهد كوميدي!

من قال بأن المقر الانتخابي وجد ليتحول إلى مهرجانات أو مواقع استعراضات وكأنها سيرك! مع الاحترام الشديد للجميع، لكن هذا الواقع! إذ المترشح الذي يخرج على الناس بنفسه ليتكلم بشكل مضحك، وبأسلوب يجعل الناس تستنكر وتستغرب، هذا المترشح لا يجب أن يقدم من الأساس على المعترك الانتخابي لأنه لا يمكنه تمثيل الناس! المترشح الذي يأتي بأشخاص آخرين ليتكلموا عنه، وليخاطبوا الحضور، هذا لا يجب أن يترشح، بل الأفضل أن يترشح من تكلموا عنه! والمترشح الذي يأتي بأشخاص يقدمون فقرات ترفيهية ووصلات لا علاقة لها بالعمل التشريعي البرلماني، أو البلدي الخدماتي، هذا يصلح ليكون متعهد حفلات، لا ليكون ممثلاً للناس، عليه أن يقاتل لأجل حقوقهم.

لن أورد أمثلة بصريح العبارة هنا، احتراماً للأشخاص وتجنباً للتشهير بهم، رغم أنه من حقنا كمواطنين وشريحة ناخبين أن نقاضيهم هم، لأنهم شهروا بتجربتنا الديمقراطية، وشهروا بالانتخابات وجعلوا المتابع يظن بأن مجلسنا سيضم عدداً غير قليل من عناصر وأفراد لا يمتلكون رؤية ولا رصانة ولا وعي ولا حتى جدية.

هنا لاحظوا بأن عملية فتح المقار والخيام الانتخابية هذه المرة، بدأت بشكل متأخر جداً لدى أغلبية المترشحين، وتحديداً قبل أسبوع من موعد التصويت، بخلاف المرات السابقة، ورغم ذلك، أرى بأن الناخبين تحصلوا على فرصة لحضور أغلب الفعاليات في مقار مترشحي مناطقهم، وتسنى لهم معرفة مستوى المترشحين، والتعرف على قوتهم في الطرح، ونسبة إدراكهم لأدوارهم في المجلسين النيابي والبلدي، عوضاً عن الخدمة الكبيرة في جانب التوعية التي تقدمها وسائل التواصل الاجتماعي عبر نقلها للغريب والعجيب واللامعقول والمعيب من تصريحات وأمور تحصل في هذه المقار الانتخابية.

الرسالة هنا ليست للمترشحين، خاصة من طالعوا الناخبين بتصريحات وفعاليات وأمور غير مقبولة في عرف الرصانة والجدية والطرح الواقعي، بل الرسالة للناخب الذي يفترض أنه أخذ فكرة واضحة عن المترشحين في منطقته، والذي من المفترض بات يعرف لمن يصوت، ويفرق بين الغث والسمين.

تذكرت هنا كلمة النائب السابق شمطوط «فشلتونا»، لأنه بالفعل بعض المترشحين فشلونا وجعلونا نضحك باستغراب وتعجب، وشر البلية ما يضحك!