لا يفصلنا عن يوم الاستحقاق الانتخابي سوى 72 ساعة أو أقل، والحقيقة التي لا مفر من الإقرار بها هي أن الإقبال على صناديق الاقتراع السبت المقبل سيفوق المتوقع وأن كل الذي يفعله البعض الساعي إلى تخريب الانتخابات لا تأثير له ولا يمكن أن يكون له أي تأثير، لا القراطيس التي يتم لصقها عنوة على أملاك الناس في بعض القرى وتدعو إلى مقاطعة الانتخابات والتوقيع على عريضة غير مفهوم ماهيتها ولا قيمة لها، ولا التحريض الذي تمتلئ به الفضائيات «السوسة» التي من يتابعها يدرك الحالة النفسية التي هي فيها ويعاني منها المعادون للانتخابات من الذين اختاروا الخارج موئلاً، ولا الممارسات الأخرى.

الأمور ستسير عكس ما يتوقعه أولئك، فشعب البحرين قرر أن يدفع في هذه المسيرة، والإقبال على الانتخابات سيكون لافتاً مثلما كان لافتاً الإقبال على الترشح لها في مختلف مدن وقرى البحرين. شعب البحرين اليوم أكثر وعياً وأكثر فهماً لما يجري ولما يراد له، لهذا فإن من الطبيعي أن يخذل الساعين إلى تخريب المكسب الذي ناضل من أجله طويلاً، لهذا فإن الانتخابات ستنجح وسيذوق مناوئوها طعم الفشل مرة جديدة.

الحقيقة الأخرى التي ينبغي من الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة» أن يفهموها هي أن العالم وبسبب ما يراه من نشاط سالب يمارسونه لا يمكن أن يتعاطف معهم، وهذا يعني أنهم المتضرر الأكبر من ممارساتهم ودعواتهم لمقاطعة الانتخابات وتخريبها، فالعالم لا يمكن أن يقف مع من يعتبرون الانتخابات لا قيمة لها فقط لأنهم قرروا ألا يشاركوا فيها، لأنه بهذا يفهم أن أولئك لا يرون في الساحة إلا أنفسهم ويعتقدون أن الحياة تموت من دونهم، لهذا فإن الطبيعي هو أن يتخذ منهم موقفاً ويرفضهم.

الموقف السالب من الانتخابات خطأ كبير يقع فيه أولئك الذين يعتبرون أنفسهم «معارضة»، فمن عمل على الوصول إلى إيجاد برلمان لا يمكن أن يعمل على تخريبه أياً كانت الأسباب. لا بأس أن يكون المجلس النيابي ضعيفاً أو يراه البعض كذلك أو يكون دون الطموح، فالأهم هو أن يكون هناك مجلس وأن تستمر المسيرة الديمقراطية، والقول إن بعض الذين سيشغلون مقاعد البرلمان لا يمتلكون خبرة قول مردود عليه لأن هؤلاء سيكتسبون الخبرة بعد قليل وقد يكون أداؤهم أفضل من أداء من يعتقد أنه أفضل منهم، فتحقيق المكاسب للمواطنين وللوطن لا يأتي فقط على أيدي الحزبيين.

أولئك الذين اتخذوا موقفاً سالباً من الاستحقاق الانتخابي عليهم مراجعة أنفسهم والنظر إلى الأمور بمنظار مختلف. لا يمكن لعاقل أن يقبل بتعطيل مسيرة وخسران مكسب مهم كالبرلمان الذي ناضل الجميع من أجله أياً كانت الأسباب والمبررات، ولا يمكن لعاقل أن يقبل بالمنطق الذي يستند إليه أولئك الذين يقفون اليوم على أعصابهم ويزدادون وقوفا عليها كلما اقترب موعد الانتخابات.

مقاطعة الانتخابات يعني توفير الفرصة للذين هم دون القدرة على العطاء عبر هذا الطريق لدخول المجلس والمشاركة في عملية التشريع ومراقبة أداء السلطة التنفيذية، ولأن ما سيصدر عن المجلس سيؤثر على حياة الجميع وحياة الوطن لذا فإن فعل المقاطعة يرقى إلى مرتبة الجريمة، فهذا الفعل السالب من شأنه أن يضر بالمواطنين وبالوطن.

تلك العريضة التي يروجون لها ويدعون إلى التوقيع عليها لا قيمة لها ولا تأثير، بل أنه لن يكون لها قيمة ولا تأثير حتى لو تم التوقيع عليها مرتين وثلاث مرات، فالقيمة والتأثير في مجلس النواب والمجالس البلدية.

يوم الأحد المقبل سيتبين لأولئك أن ما قاموا به خطأً كبيراً، وسيتبين لمن يقف خلفهم أن رهانهم كان فاشلاً.