أحمد عطا

حافظ ريال مدريد على فارق النقاط الخمسة بينه وبين برشلونة بعدما تمكن من الانتصار على فالنسيا بهدفين نظيفين في المباراة التي جرت بين الفريقين على ملعب سانتياجو بيرنابيو ليعود الريال إلى سكة الفوز التي ضل طريقها في الأسبوع الماضي بعد السقوط الكبير أمام إيبار بثلاثة أهداف نظيفة.

الأجواء غامضة في المعسكر المدريدي، فهناك مؤشرات إيجابية تصارع مؤشرات سلبية تجعل الأمور عسيرة على التكهن بما ستؤول إليه هذا الموسم .. الأمر أشبه بما حدث في ليلة البيرنابيو يوم السبت الماضي .. شوط أول مثير للإعجاب ربما يكون أفضل شوط قدمه الريال رفقة سانتياجو سولاري بينما شوط ثاني يشير لمشاكل أعمق من أن يتم حلها في الفترة القصيرة التي قضاها مدرب ريال مدريد بالسابق.



***

ما هي المؤشرات الإيجابية ؟

حسنًا، هو كليشيه يتم استخدامه كثيراً عن أن لاعبي الفريق قد فقدوا دوافعهم ولم يعودوا يمتلكون حافزاً قوياً لمواصلة الأداء بقوة، ورغم أنني لا أوافق على استخدام هذا الكليشيه في هذه الوضعية –لأن الريال مثلاً لديه ليجا لم يحققها سوى مرة وحيدة في آخر 6 سنوات- إلا أنني أوافق على استخدامها في سياق آخر وهو أن اللاعبين مع بداية الموسم فقدوا حافز الـ surviving أو "البقاء" في التشكيل الأساسي، فلم تعد هناك منافسة تذكر على المراكز الأساسية بعد أن تآكلت تشكيلة الفريق موسماً تلو الآخر.

حافز البقاء أهم من أي شيء آخر .. لا يغرنك الشعارات التي يطلقها لاعبو كرة القدم عن أنه لا يهم من يلعب بل المهم أن يفوز الفريق، فهذا حافز ضد الطبيعة الإنسانية التي ترغب دائماً في التواجد في المستطيل الأخضر وإثبات الذات وسماع آهات الجماهير على ما تفعله بدلاً من الانكفاء على نفسك تحت مظلة الدكة جالساً على مقعد بارد محاولاً فرك يديك بحثاً عن بعض الدفء.

لذلك جاء دور سانتياجو سولاري .. فجولين لوبيتيجي تجرأ فقط ودفع بداني سيبايوس لفترات أطول مهدداً مراكز لاعبي خط الوسط لكن هذا لم يكن كافياً فلاعب واحد ليس قادراً على خلق التهديد الكافي كما أن لاعب مثل إيسكو كان علامة استفهام كبيرة مع أدائه واستمراره في الملعب ليخلق حالة من الشك حول ما إذا كان لوبيتيجي عاقد العزم فعلاً على أن يكون من في الملعب هو الأجهز والأكفأ فعلًا.

عدد اللاعبين في القائمة لم يكن كافياً لسولاري لخلق الضغط لذلك لجأ إلى الحل الذي يلجأ إليه أغلب من درب الفريق الرديف في نفس النادي .. اللجوء للشباب، فقام بالاعتماد بشكل أكبر على ريجيلون في الرواق الأيسر وشاهدناه يدفع بفالفيردي في خط الوسط في مباراة معلقة النتيجة كمباراة فالنسيا كما نفض الغبار عن ماركوس يورنتي الذي قدم شوطاً أولاً مبهراً أمام الخفافيش.

والضغط بالشباب عزيزي القارئ له سحره عموماً فهو ليس كالضغط بلاعب آخر قريب منك في السن بل يمكن تلخيصه في ما قاله جوزيه مورينيو يوماً ما وهو يحاول قصف جبهة كيبلر بيبي عندما قال إن الأخير يشعر بالغضب فقط لأن لاعباً مراهقاً كرفائيل فاران تمكن من انتزاع مقعده الأساسي.

أما يمكن اعتباره مؤشراً إيجابيا كذلك فهو التحسن الواضح في عملية استعادة الكرة من الخصم .. ضغط ريال مدريد صار أكبر وأشرس وبات الفريق لديه منظومة جماعية للضغط في بعض الأوقات وليس كلها وهو ما سيجرنا إلى المؤشرات السلبية.

***

ماذا عن المؤشرات السلبية؟

ولأنها بعض الأوقات وليس كلها فهو أمر يجعلك تتخيل إمكانية لعدم قدرة على الضغط بكفاءة في حالة توزيع المجهود على طول المباراة وليس بالتقاط الأنفاس بصعوبة في الشوط الثاني وترك المجال لداني باريخو للتمرير بأريحية وإقلاق مضاجع الدفاعات المدريدية بكراته خلف قلوب الدفاع.

وبالحديث عن الدفاعات المدريدية فمايزال الفريق غير قادر على إبعاد المنافسين عن مرماه .. لا نتحدث هنا عن إنهاء تام للخطورة فريال مدريد في النهاية يلعب في الليغا التي بها عديد الفريق المميزة، لكن الحديث هنا عن أن تكون الانفرادات الخطيرة استثناءً وليست قاعدة نرى منها عدد وافر في كل مباراة وهو أمر كفيل بنسف كل ما تقدمه في المقابل فتخيل أن يسجل جنكيز أوندر كرته الضائعة العجيبة أو أن يسجل سانتي مينا وباتشواي انفراداتهما ولا يكون كورتوا في الموعد في بعض الأوقات.

كذلك لابد وأن يبحث سولاري عن حل للخط الأمامي الذي عاد من جديد لرتابته بعد انطلاقته القوية هذا الموسم، وهو شيء قد يصعب مع سانتياجو حله هذا الموسم في أخبار مزعجة للمشجعين بكل تأكيد.

على كلٍ، فإن الأسابيع القادمة قد تزيل الغبار عما يحدث حالياً في المعسكر المدريدي لكن الأخبار السعيدة أنه برغم كل ما مر به ريال مدريد منذ بداية الموسم فإنه لم يخسر الصراع بعد على لقب الليغا مع هذا الترنح في نتائج كل فرق الدوري الإسباني هذا الموسم فلا أحد راضِ بشكل تام عن فريقه.