هناك قاعدة متعارفة عند بعض البشر، عندما تكون نائماً ويرن هاتفك وتكتشف أن الوقت مبكر جداً على تلقي مكالمة إياك أن ترد إن لم تكن متهيئاً لاستقبال خبر مزعج أو مفاجئ منذ الصباح الباكر، فغالباً ما يقول البعض عندما يسمع هاتفه يرن في وقت مبكر جداً من الصباح «الله يستر، اللهم اجعله خيراً»!

قد أثبتت لي الأيام بعدها أن هذه القاعدة صحيحة جداً، فالمكالمات التي تردك في ساعات الصباح الأولى وبشكل مبكر عما أنت معتاد فيه على تلقي المكالمات غالباً ما تحمل أخباراً لا تسر!! مناسبة هذا الكلام ما حصل الأسبوع الماضي وتحديداً يوم السبت أي يوم التصويت للجولة الثانية من الانتخابات عندما اكتشفنا أن هناك من أصحاب القلوب السوداء والضمائر الميتة من قام بتزوير صفحة كاملة لصحيفة «الوطن» وأدرج فيها تقريراً للمرشح المستقل عمار قمبر «نائب حالياً» يدعي أنه مدعوم لإحدى الجمعيات السياسية وأنه مارس التضليل والكذب على الناخبين وإيهامهم بأنه مرشح مستقل!!

ليست مستغربة أبداً الحروب النفسية وتشويه السمعة وضرب المصداقية، فمثل هذه الألاعيب خاصة عندما ينسب شيء غير صحيح لصحيفة «الوطن»، فقد عاصرت الصحيفة الكثير من الحروب ومحاولات التشويه والاستهداف منذ انطلاقتها لكن الإساءة هذه المرة جاءت على أكثر من مستوى، الإساءة إلى تجربتنا الديمقراطية، والإساءة على المستوى الإعلامي والصحافي، وكذلك الإساءة إلى المرشح نفسه في تصرف يكشف البعد عن أخلاقيات المنافسة الشريفة.

لربما إبليس كان ليلتها ساهراً مع من أتعب نفسه وأخذ يصمم هذه الصفحة المفبركة على جهاز الكمبيوتر، ثم قام بإرسالها عبر رقمين مجهولين إلى العديد من المواطنين في ساعات الفجر الأولى أي قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع وخصوصاً قاطني الدائرة التي ترشح فيها قمبر، ولربما الإبليس البشري هذا أراد أن يستكمل ما قامت به بعض الجهات المشبوهة صبيحة يوم السبت في الجولة الأولى عندما قامت جهات مشبوهة وخلايا إيرانية بنفس الفعل وإن اختلف المضمون بإرسال «مسجات» مغلوطة وكاذبة إلى الناخبين بادعاء أن أسماءهم مشطوبة من قوائم التصويت أملاً في تعطيل سير العملية الانتخابية ومنع الناس من الاتجاه إلى صناديق الاقتراع حتى تنخفض نسبة التصويت والإقبال على الانتخابات، وأباليس البشر هؤلاء للعلم لم يتوقفوا بعد ظهور نتائج الانتخابات وانتهاء الأجواء الانتخابية بل واصلوا عملهم الممنهج في نشر «المسجات» المغرضة والحروب النفسية وتشويه صور النواب الفائزين وبث شائعات جديدة عنهم في تطبيق حرفي لمقولة «الصراخ على قدر الألم!».

ونحن محتارون فعلاً أمام هذه الخلايا المشبوهة التي من الواضح أنها لا تريد للبحرين خيراً، ويبدو أنها أرادت استكمال عمل الحسابات الإلكترونية التي كانت تدار من قطر وإيران وتشجع على مقاطعة الانتخابات قبل بدء موسم الاستحقاق الانتخابي، فكل من قام بهذه الأفعال تشابهوا في طريقة الجرم وسيناريو التزوير ومضمون الشائعات، وكلهم أرسلوا ذلك مع وقت الفجر «قديماً يقال إن هذا الوقت وقت خروج الشياطين!».

تأملنا المشهد الحاصل من أكثر من زاوية لكن الزاوية التي توقفنا عندها كثيراً اصطدامنا بالبعض وهو يسعى لتشويه صورة المرشح المنافس للمرشح الذي يؤيده بطريقة إجرامية وبعيدة كل البعد عن روح المنافسة الشريفة «لا تصوتوا للجاسوس والعميل ووو...»، وكأن الذمم باتت «وسيعة» يومها عند بعض المواطنين الذين دون وعي وثقافة ساندوا أصحاب هذه الجهات المشبوهة، فالبعض نسي روح المسؤولية الوطنية التي من الواجب أن يتحلى بها، في الصباح الباكر ونحن نتحدث مع بعض القوى المؤثرة في المنطقة حتى يوجهوا الناس إلى إيقاف تداول مثل هذه الشائعات ونصح من يعيد إرسالها وإرسال التصحيح وبيان صحيفة «الوطن» وأن هذه الصفحة مزورة، وجدنا بعضهم يؤيد هذا الكلام «هذه مجرد انتخابات وستمضي وبعد عشرين سنة من الآن قد ينسى الناس ما حصل لكن الله لا ينسى وذنب الإضرار بالآخرين لن يسقط من صحيفة أعمالهم!» ألا يفكرون كم هي مثل هذه التصرفات مؤذية ليس للمرشح فحسب إنما أيضاً لأهله وبالأخص لأمه وأبيه؟ لو ترشح أحد ما يوماً من أهلهم هل يرضون أن يهاجمه الناس بهذه الطريقة؟ المفترض على البعض ألا يحدث الناس بشائعة وصلت إليه وهو غير متأكد من صحتها من رقم مجهول لجهة مجهولة أرسلت إليه عبر هاتفه، وألا يجعل في ذمته ظلم الآخرين أو تشويه صورتهم.

المجندون من قبل جهات مشبوهة معادية للبحرين ونجاح العملية الانتخابية مرفوع عنهم قلم النصيحة والتنبيه حتى بالأصل، لأن ضمائرهم الوطنية ميتة، لكن هناك من تفاعل مع مثل هذه التصرفات حيث كثرت الشائعات والإساءات وإعادة إرسالها والتأثر بها والتحدث بها مع الآخرين كحقيقة مطلقة بشكل مبالغ فيه ليلة يوم التصويت، وكلها تصرفات تسيء لتجربتنا الديمقراطية وتشوه صورة وسمعة أهل البحرين الطيبين المعروفين بأخلاقهم العالية وشهامتهم.

نتمنى أن يكون ما مر بنا عبرة ودرساً للبعض في الحرص على التحلي بروح المسؤولية الوطنية، وأن يتقوا الله في وطنهم والناس في مثل هذه المواقف، فمع اقتراب احتفالاتنا باليوم الوطني المجيد لا بد أن يحاول أعداء البحرين وأعداء النجاح البحريني حياكة شائعات جديدة والقيام بتصرفات مماثلة في إرسال مسجات على الهواتف من أرقام مجهولة وبث الشائعات من حسابات إلكترونية مشبوهة.

* إحساس عابر:

بشكل مفاجئ وصادم فقدنا هذا الأسبوع أختاً عزيزة علينا «شيخة المعيلي» رحمها الله وأسكنها أعلى جنات الفردوس، شيخة وهي ترحل بشكل غير متوقع ذكرتنا بدرس «الدنيا ما تسوى فعلاً والشخص ما يضمن عمره»، فقد تنام ذات ليلة ولا تستيقظ أبداً، هذه الدنيا محطة عابرة لن يبقى فيها لك عند الناس سوى السيرة الحسنة والذكرى الطيبة، والناس هنا إما أن تدعو لك أو تدعو عليك، فإياك أن تظلم أحداً ما يوماً وتعتقد أنه مع مر السنين بإمكانك إصلاح ما فعلته، فما هي ضمانتك أن تعيش ليوم غد أصلاً؟ تأثر الكثيرون بوفاة شيخة التي لم تترك وهي تمضي عنا سوى سيرة طيبة وتعاملاً راقياً وروحاً معطاءة.. رحمك الله أختي الغالية شيخة التي لم نر منك إلا كل خير.